10 موانع تبعد أطفال الدول النامية عن مقاعد الدراسة

مسافات بعيدة يقطعها طلاب بالمرحلة الابتدائية في بنين للوصول إلى مدرستهم
مسافات بعيدة يقطعها طلاب بالمرحلة الابتدائية في بنين للوصول إلى مدرستهم
TT

10 موانع تبعد أطفال الدول النامية عن مقاعد الدراسة

مسافات بعيدة يقطعها طلاب بالمرحلة الابتدائية في بنين للوصول إلى مدرستهم
مسافات بعيدة يقطعها طلاب بالمرحلة الابتدائية في بنين للوصول إلى مدرستهم

في حين تجتمع الآراء على ضرورة إصلاح التعليم في مراحله المختلفة بالدول النامية، فإن هذه الدعوات قد لا تأخذ في عين الاعتبار كثيرا من الصعوبات التي تمنع تلقي أطفال تلك الدول حصتهم في التعليم. وبعض هذه الموانع واضح للعيان، مثل عدم وجود مدارس لتلقي التعليم في مناطق كثيرة، بينما البعض الآخر منها لا يمكن رصده بسهولة، مثل عدم كفاءة المدرسين وعدم تمتعهم بالقدر الكافي من التدريب.
بدورها، تقوم منظمة «غلوبال بارتنرشيب» المعنية بتعزيز جهود التعليم حول العالم برصد دوري لأهم العقبات والموانع التي تحجب التعليم عن أطفال الدول النامية. ومنذ عام 2014 حددت أن أهمها 10 موانع تعمل المنظمة بالتعاون مع الحكومات المحلية على تقديم الحلول لها. وتركز المنظمة على الدول الفقيرة، وعلى وجه الخصوص القطاعات المهمشة في المجتمع، والتي قد تشمل الفتيات والأقليات والمعوقين.
ووفق آخر إحصائية أجرتها المنظمة (نهاية عام 2015)، فقد كشفت أن نحو 264 مليون طفلا حول العالم لا يزالون محرومين من مقاعد الدراسة. ولذلك، دعت إلى زيادة الضغوط على الحكومات المعنية من أجل زيادة الحصص المخصصة للتعليم من الميزانيات العامة، كما تقوم بجهود من أجل زيادة الدعم الخارجي من الدول الصناعية لدعم قطاعات التعليم في الدول الفقيرة.
وهذه أهم المعوقات التي تحول بين أطفال الدول النامية وفرص التعليم في كل مراحله وفق المنظمة:

1- عدم وجود التمويل الكافي للتعليم

يحاول كثير من الدول النامية تدبير التمويل اللازم للتعليم من ميزانيات محدودة الموارد، ولكن العامل الأكثر تأثيرا في ميزانياتها المخصصة للتعليم هو تناقص الدعم الخارجي بشكل ممنهج خلال السنوات الأخيرة. وتشير المنظمة إلى أن 2.7 في المائة فقط من مجمل التمويل الخارجي تم استثماره في قطاعات التعليم في عام 2016. ولا يزيد المعدل الحالي الموجه إلى التعليم الأساسي في الدول الفقيرة عما كان عليه في عام 2008. وينعكس هذا سلبا على قدرة الدول النامية على تدبير أماكن لأعداد متزايدة من التلاميذ. وتواجه الدول الفقيرة نقصا في ميزانيات التعليم خلال السنوات الأربع المقبلة يصل إلى 34 مليار دولار. وتحاول منظمة «غلوبال بارتنرشيب» توفير دعم حجمه 3.5 مليار دولار من الدول المانحة، كما تحث الدول النامية على زيادة حصة قطاع التعليم من الميزانيات العامة لكي تسد الفجوة التي يصل حجمها إلى 16 مليار دولار، لسد الحاجات الملحة في قطاع التعليم.

2- عدم وجود مدرسين

هناك نقص عام في عدد المدرسين اللازمين في المراحل الابتدائية في مدارس الدول النامية، كما أن كثيرا من المدرسين الحاليين غير مؤهلين، مما يؤدي إلى تخريج أطفال غير ملمين بأساسيات اللغات والحساب. وتنوه المنظمة بالحاجة الماسة لتمكين 69 مليون معلما في المرحلتين الابتدائية والإعدادية بحلول عام 2030. وفي الوقت نفسه هناك أكثر من ثلث المدرسين في دول العالم الثالث حاليا غير مؤهلين إلى المستوى المطلوب دوليا. وهناك حاجة لتأهيل المدرسين وتدريب مزيد منهم بوصف ذلك أولوية للدول النامية.
3- النقص في عدد الفصول الدراسية
حقيقة يعيشها ملايين التلاميذ في الدول النامية، وفي كثير من هذه الدول يتم حشر مزيد من التلاميذ في فصول ضيقة ذات جدران متهالكة، أو يجري تلقي الدروس في الخلاء. وفي دول مثل مالاوي يحتوي الفصل الدراسي الواحد على 130 تلميذا في السنة الدراسية الأولى. ولا تمتلك المدارس في الدول النامية كثيرا من الخدمات الأساسية مثل مياه الشرب أو دورات المياه. وفي تشاد مثلا لا تتوفر مياه الشرب إلا في مدرسة واحدة من كل 7 مدارس، ولا توجد دورات مياه إلا في واحدة من كل 4 مدارس. ولا يخصص للفتيات إلا ثلث دورات المياه المتاحة، مما يعد عائقا حقيقيا أمام إقبال الفتيات على الدراسة. ويحتاج قطاع التعليم مزيدا من الدعم من الدول المانحة من أجل بناء مزيد من المدارس وتحسين نوعية المدارس القائمة.
4- نقص الكتب والمواد التعليمية

النمط السائد في مدارس الدول النامية هو استخدام كتب دراسية قديمة يتشارك فيها عدد من التلاميذ يصل أحيانا إلى 6 تلاميذ أو أكثر. وفي بلد مثل تنزانيا لا يتمتع باستخدام كتاب خاص به إلا نسبة 3.5 في المائة من مجموع التلاميذ في الصف السادس الابتدائي. وفي الكاميرون هناك 11 تلميذا في المدارس الابتدائية لكل كتاب مدرسي، و13 تلميذا لكل كتاب حساب في الصف الثاني. ويشمل النقص جميع مواد التعليم؛ من نشرات وأدوات كتابية ومدرسية. ويحتاج المدرسون أيضا لكثير من مواد التدريس اللازمة للقيام بوظائفهم. ويمكن لدعم الدول المانحة أن يساهم في عمليات طباعة الكتب المدرسية وتوفير الأدوات الدراسية اللازمة.

5- استثناء ذوي الاحتياجات الخاصة

رغم أن التعليم حق عالمي لجميع الأطفال، فإن ذلك لا يشمل في أغلب الأحيان 93 مليون طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم. وفي بعض أفقر دول العالم توجد نسبة 90 في المائة من ذوي الاحتياجات الخاصة خارج المدارس. وتتعدد الأسباب؛ بين التفرقة الواضحة، وانعدام التدريب على وسائل التدريس الشامل بين المدرسين، وانعدام الخدمات المتاحة في المدارس للمعاقين. والنتيجة هي حرمان كثير من الأطفال من حقهم في التعليم؛ لا لشيء إلا لأنهم معاقون بدنيا. وتحتاج الدول النامية إلى حملات لزيادة الوعي وتوفير بعض التسهيلات للأطفال المعوقين من أجل التحاقهم بصفوف التعليم الابتدائي على الأقل.

6 - التفرقة ضد الفتيات

رغم التقدم النسبي في توفير التعليم للفتيات في الدول النامية، فإن هناك أجيالا منهن لا يحظين بالاهتمام الكافي. وتقدر أعداد النساء الأميات في الدول النامية بنحو مائة مليون امرأة. وتصل نسبة الحرمان من التعليم بين الفتيات حاليا إلى أكثر من 20 في المائة لأسباب متعددة؛ منها الفقر والتفرقة الجنسية والنزاعات الأهلية. ويجبر الفقر بعض العائلات على اختيار من يتلقى التعليم من أبنائها وبناتها. وتخسر الفتيات في معظم الأحيان للاعتقاد السائد بأن تعليم البنات أقل أهمية من تعليم الأولاد. وتتوجه البنات إلى العمل أو البقاء في المنزل والاهتمام بالأطفال من إخوتها الصغار. وتهدف المنظمات الدولية إلى زيادة نسبة تعليم البنات إلى 84 في المائة بحلول عام 2018.

7- النزاعات الإقليمية
نظم التعليم من أكبر ضحايا النزاعات الإقليمية، ويتضح ذلك من إحصاءات تؤكد أن نصف الأطفال الذين لا ينتمون إلى مدارس أو أي نوع من التعليم يعيشون في دول تعاني من نزاعات إقليمية أو حروب أهلية. والنزاعات تمنع الحكومات من القيام بوظائفها على وجه صحيح، وتتسبب في تهجير الآلاف من منازلهم وإغلاق المدارس والمؤسسات الأخرى. وحتى في حالات تلقي الغوث الدولي في الدول المنكوبة لا يعد التعليم من أولويات الدعم.

8 - بعد المسافات بين المنازل والمدارس

في كثير من دول العالم يمشي الأطفال لمدة 3 ساعات ذهابا إلى المدرسة ومثلها إيابا. ويعاني الأطفال كثيرا من المشاق في هذه الرحلة اليومية التي تعد شبه مستحيلة في حالات التلاميذ المعوقين أو الذين يعانون من سوء التغذية أو المرض. ويمكن تصور الاستيقاظ في الخامسة صباحا والذهاب إلى المدرسة بلا إفطار والعودة في السابعة مساء يوميا. وتتعرض الفتيات إلى أخطار مضاعفة في هذه الرحلة منها التحرش والعنف. وليس هناك حل لهذا الوضع سوى بناء مزيد من المدارس المحلية التي تستوعب الأطفال في القرى والمناطق النائية.

9- الجوع وسوء التغذية

يلعب الجوع دورا رئيسيا في إعاقة التعليم في مختلف مستوياته، خصوصا في المرحلة الابتدائية. ويتأثر 171 مليون طفل في العالم الثالث بالجوع وسوء التغذية وهم في سن الخامسة، ويؤثر ذلك على قدراتهم على الاستيعاب والتركيز. ويعاني من هؤلاء نسبة 20 في المائة تقريبا إلى درجة عدم القدرة على القراءة وهم في سن الثامنة. وتعمل بعض المنظمات الدولية على التعامل مع هذه الأزمة بتوزيع الأغذية على مدارس العالم الثالث مباشرة، الأمر الذي يؤدي في الغالب إلى زيادة إقبال التلاميذ على الدراسة من أجل الحصول على وجبة غذائية في منتصف اليوم.

10- التكاليف الدراسية

في حين يقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن كل الأطفال لديهم الحق في التعليم الأساسي المجاني حتى لا يكون الفقر عقبة أمام تلقي التعليم، فإن كثيرا من العائلات الفقيرة ما زالت ترى أن الذهاب إلى المدرسة عملية مكلفة ماليا. وتكون النتيجة هي بقاء الأطفال في المنازل أو ذهابهم إلى العمل. ورغم مجانية التعليم في كثير من الدول النامية، فإن هناك مصروفات إضافية لا بد منها مثل شراء ملابس مناسبة للدراسة وأدوات مكتبية وكتب ورسوم الامتحانات والمساهمة في تبرعات صيانة المدارس. وفي بعض الحالات، لا توجد أماكن كافية لاستيعاب التلاميذ في المدارس الحكومية فتضطر الأسر إلى إرسال الأطفال إلى مدارس خاصة غير مجانية قد لا يستمر فيها التلاميذ طويلا لعدم قدرة الأهل على دفع المصروفات. وفي هذا السياق، تنوه المنظمة بأن التبرع بدولار وربع يوميا، يجعل بالمقدور إرسال طالب للمدرسة في إحدى الدول النامية.


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».