المنظمات غير الحكومية الدولية أولى ضحايا أزمة كردستان

قالت إن الوضع أكثر تعقيداً بكثير من جنوب السودان أو أفريقيا الوسطى أو اليمن

TT

المنظمات غير الحكومية الدولية أولى ضحايا أزمة كردستان

تواجه المنظمات غير الحكومية الدولية، الناشطة في العراق، أولى تداعيات الأزمة الناجمة عن استفتاء الاستقلال في إقليم كردستان على غرار إلغاء الشحنات، أو التوتر على الحواجز الأمنية، وسط استمرار تدهور الظروف الإنسانية منذ سقوط الموصل، حيث تصف الأزمة الحالية بأنها الأكثر تعقيداً بكثير من جنوب السودان أو أفريقيا الوسطى أو اليمن، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
وغادرت آخر الرحلات الجوية الدولية بعد ظهر أول من أمس، مطاري أربيل، عاصمة كردستان العراق، والسليمانية، مع سريان الحظر الذي فرضته بغداد على الرحلات الدولية من وإلى المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي، للضغط عليها لإلغاء نتائج الاستفتاء على استقلالها الذي أيدته أكثرية ساحقة من السكان. ورغم استثناء الرحلات الإنسانية والعسكرية والدبلوماسية من هذا القرار، بحسب إدارة مطار أربيل، شعر بوطأته أفراد الطواقم الدولية العاملون في المنظمات غير الحكومية، الذين غالباً ما يستقلون رحلات تجارية للتوجه إلى المنطقة.
وقالت مسؤولة منظمة «أطباء بلا حدود - فرنسا» لشمال العراق، مليكة سَيم ردا، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم يعد بإمكاننا إحضارهم أو إخراجهم»، لافتة من جهة أخرى إلى «صعوبة الصعود إلى طائرات تقوم برحلات إنسانية بين بغداد وأربيل». والأسوأ «مع الحصار الجوي يكمن في أن شحناتنا التي كانت تصل إلى أربيل، لا إلى بغداد، ألغيت الجمعة»، بحسب سيم التي أوضحت أن ذلك يؤدي إلى مشاكل تموين في «الأدوية والتجهيزات والمعدات اللوجيستية».
ميدانياً، أشارت منظمة «العمل ضد الجوع» (إكسيون كونتر لا فإن) إلى «توتر جلي على الحواجز الأمنية» يتخلله توجيه عناصر في الجيش العراقي وبعض المجموعات المسلحة «الشتائم» إلى المدنيين الأكراد، وكذلك إلى العاملين في الهيئات الإنسانية، على ما صرح مديرها المساعد للشرق الأوسط إريك دو غيربيل لوكالة الصحافة الفرنسية.
على غرار أغلبية المنظمات الإنسانية، اتخذت «العمل ضد الجوع» في كردستان قاعدة لوجيستية لإدارة أنشطتها في شمال العراق. وتابع المسؤول فيها «نظراً إلى مدى الصعوبة القائمة أصلاً قبل الاستفتاء في بلوغ برامجنا المتعلقة بالموصل من كردستان، فماذا عن بعده؟». أما منظمة «أطباء العالم» (ميدسان دو موند)، فقررت من جهتها وقف تحركات فرقها بين كردستان ومنطقة الموصل منذ يومين أو ثلاثة، على ما أوضح مسؤول عمليات الطوارئ ماريوس موسكا.
أوضح موسكا: «توقعنا إشكالات على الحواجز الأمنية فلزمنا أماكننا»، لافتا إلى بقاء عيادات المنظمة مفتوحة «لكنها لا تعمل بأقصى قدراتها»، بل بنحو 60 إلى 70 في المائة منها، بحسبه. غير أن الحاجات الإنسانية «فائقة» بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة الذي أحصى 700 ألف نازح داخلي من سكان الموصل التي تم تحريرها في يوليو (تموز) من تنظيم داعش المتطرف بعد ثمانية أشهر من القتال. أَضاف المكتب أن عشرات الآلاف الآخرين ما زالوا يعانون من تبعات العمليات العسكرية التي تستهدف التنظيم المتطرف، كما اعتبرت منسقة الشؤون الإنسانية الأممية ليز غراندي، الموصل، في أغسطس (آب) أنها «التحدي الأكبر» على مستوى إعادة الاستقرار الذي تواجهه المنظمة «على الإطلاق». كذلك دعا المكتب الأممي «جميع الأطراف إلى تحمل مسؤولياتهم وضمان وصول المساعدات الإنسانية بلا عقبات». تابعت سيم من جهتها «في الوقت الراهن ما زلنا قادرين على تدبير أمورنا، لكن المشكلة في المدة»، لافتة إلى أن منظمتها «أطباء بلا حدود» حددت بدء «الفترة الحرجة» لهذه الأزمة «بعد أسبوعين».
وأشارت «أطباء العالم» إلى حيازتها «مخزوناً احتياطياً» يجيز توفير خدماتها لمدة «ثلاثة أشهر بلا إشكالات»، لافتة في المقابل إلى أن «تجاوز هذه المدة سيلحق عواقب» بنشاط المنظمة وفي النهاية بالسكان، على ما أنذر موسكا. غير أن مسؤول برنامج العراق في «آنديكاب إنترناسيونال» توماس أوغونييه فضل «الامتناع عن أي تكهنات»، موضحاً «لا شك أن التهديد موجود، لكنه ما زال غير مؤكد حتى الساعة»، لافتاً إلى عمل منظمته في المنطقة «بلا أي مشكلة». وصرح عامل آخر في هيئة إنسانية، رافضاً الكشف عن اسمه، أن «هذا الحصار ضرب من التحايل لا أفق له تنفذه بغداد»، موضحاً أن «القيود الإدارية موجودة في جميع البلدان التي ننشط فيها. وعشنا أزمة الموصل بلا مشاكل مفرطة»، مؤكداً أن «الوضع أكثر تعقيداً بكثير في جنوب السودان أو أفريقيا الوسطى أو اليمن».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.