متأخرون

متأخرون
TT

متأخرون

متأخرون

سمحت السعودية الأسبوع الماضي بقيادة المرأة للسيارة، ونظراً لحاجة المجتمع الملحة لقيادة المرأة، فقد رأى البعض أننا متأخرون جداً في السماح لها، وهنا تبادرت إلى ذهني قصة ذلك الشيخ الكفيف والتي حدثت عام 1958م، ويرويها المؤرخ عبد الكريم الحقيل، فيقول إن هذا الشيخ الكفيف البصر له ابنتان وسيارته تقودها إحداهن، وكان يأتي ما بين حين وآخر لسوق المجمعة، فاستغرب من في السوق كيف تقود السيارة امرأة، واعتبروا ذلك منكراً، فذهبوا به وببناته لقاضي المجمعة الشيخ علي بن سليمان الرومي الذي استمع لظروفه وأصدر أمراً بالسماح لابنته بقيادة السيارة، وأفهم أهل السوق أن لا نص شرعياً يدل على التحريم، وبهذا يكون الرومي هو أول من أصدر رخصة قيادة لامرأة في السعودية، وكان ذلك قبل 60 عاماً.
وفي عام 1980م نظمت لنا الجامعة رحلة للتعرف على آثار السعودية، فذهبنا إلى مدينة الفاو التاريخية (جنوب السعودية) وهي على أطراف الربع الخالي، ويقطن المنطقة كثير من البادية، وكانت نساؤهم تقود السيارات وتورد الماشية إلى الماء ولا أحد يعترض، ولكن هذا البناء هدم بالتشدد لتصبح قيادة المرأة ممنوعة عرفاً ومجتمعاً.
السائقون يكلفون السعودية 25 مليار ريال سنوياً (6.7 مليار دولار) رواتب سنوية و7,3 مليار ريال (1.9 مليار دولار) ما بين سكن وتذاكر وعلاج وغذاء وتكلفة إصدار تأشيرات واستخراج إقامات. ولعل أهم فائدة للسماح للمرأة بقيادة السيارة هي تنقل المرأة بحرية، مما يسمح لها بالبحث عن عمل، وأنتم تعرفون أنه في أي عمل السائد من الأجور هو المتوسط أو المتدني، والمرأة السعودية تدفع أحيانا نصف مرتبها للسائق، وربعه لخدمات المركبة، وفي حالة قيادتها فإنها ستوفر جزءاً كبيراً من دخلها بالاستغناء عن السائق. وأقترح في هذا السياق وقد شكلت لجنة تنهي أعمالها بعد 30 يوماً لترتيب قيادة المرأة في الشارع أن يتم أولاً السماح لحاملات الرخص غير السعودية بالقيادة، وهنا نكسب ألفة العين على مشاهدة المرأة تقود مركبة. والثاني أن عدد هؤلاء النساء ليس بالكثير وقد رأيت أن هناك توجهاً لجلب مدربات من مصر ولبنان والسودان، وأنتم تعلمون أن القيادة ستكون بعد 10 أشهر، فلماذا لا نعلن عن هذه الوظائف للسعوديات؟ وأنا متأكد أن هناك سعوديات سيقمن بالتدريب. الأمر الآخر أن نفتح باب التطوع للسعوديات اللاتي يعرفن القيادة لتدريب غيرهن، ونؤمن لهن مكاناً يقمن فيه بتدريب الراغبات من السعوديات، ومن الممكن اختيار النساء الجيدات من المتدربات لتعليم غيرهن القيادة، أي على طريقة المعيدين والمعيدات في الجامعة، ولا ننسى أن هناك رجالاً سيعلمون زوجاتهم وبناتهم القيادة، أي أن فرصة العشرة أشهر هي تهيئة لتعليم من لا تعرف القيادة، وبهذا السماح نكون أنهينا قضية تأخر الحسم فيها.


مقالات ذات صلة

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

الاقتصاد وزير الطاقة السعودي في مؤتمر البترول العالمي في كالغاري (رويترز)

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن «نظام المواد البترولية والبتروكيماوية» يدعم جهود استقطاب الاستثمارات ويضمن بيئة تنافسية عادلة للمستثمرين

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية بأول طرح لها لسندات دولية هذا العام استقطب طلبات بنحو 37 مليار دولار وهو ما يظهر مدى شهية المستثمرين.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

ارتفاع موافقات التركز الاقتصادي في السعودية إلى أعلى مستوياتها

حققت الهيئة العامة للمنافسة في السعودية رقماً قياسياً في قرارات عدم الممانعة خلال عام 2024 لعدد 202 طلب تركز اقتصادي، وهو الأعلى تاريخياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد العاصمة الرياض (رويترز)

وسط طلب قوي... السعودية تبيع سندات قيمتها 12 مليار دولار على 3 شرائح

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية، في بيع سندات على 3 شرائح، وسط طلب قوي من المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)

السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)
ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)
TT

السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)
ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية، من أول طرح لها لسندات دولية هذا العام استقطب طلبات بما يقارب 37 مليار دولار، وهو ما يظهر مدى شهية المستثمرين بالأوراق السعودية.

يأتي هذا الطرح بعد يومين على اعتماد وزير المالية محمد الجدعان خطة الاقتراض السنوية للعام المالي 2025، التي أشارت إلى أن الاحتياجات التمويلية المتوقعة لهذا العام تبلغ 139 مليار ريال (37 مليار دولار).

وسوف يستخدم هذا المبلغ في تغطية العجز المتوقع في الميزانية العامة للدولة لعام 2025، والمقدر بحوالي 101 مليار ريال (26.8 مليار دولار)، وسداد مستحقات أصل الدين خلال العام الحالي، والبالغة ما يعادل 38 مليار ريال (10 مليارات دولار).

وقال المركز الوطني لإدارة الدَّيْن في السعودية، في بيان الثلاثاء، إن الشريحة الأولى تضمنت سندات قيمتها 5 مليارات دولار لأجل 3 سنوات، والثانية 3 مليارات لأجل 6 سنوات، والثالثة 4 مليارات لأجل 10 سنوات.

وأضاف أن إجمالي الطلبات بلغ نحو 37 مليار دولار، وهو ما يعادل زيادة في الاكتتاب بنحو 3 أضعاف الإصدار.

وأوضح أن هذه الخطوة تعدّ ضمن استراتيجية المركز الوطني لإدارة الدَّيْن، لتوسيع قاعدة المستثمرين بغرض تلبية احتياجات المملكة التمويلية من أسواق الدَّيْن العالمية بكفاءة وفاعلية.

وأفادت خدمة «آي إف آر» لأخبار أدوات الدخل الثابت، يوم الاثنين، بأن السعر الاسترشادي للسندات لأجل ثلاث سنوات تمّ تحديده عند 120 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية، في حين تم تحديد السعر الاسترشادي الأولي للسندات لشريحتي الست والعشر سنوات عند 130 نقطة أساس، و140 نقطة أساس على الترتيب فوق المعيار نفسه، وفق «رويترز».

وذكرت أنه تسنى خفض سعر العائد على سندات الشريحة الأولى، مما يشير إلى شهية قوية من المستثمرين.

وتُعدّ تسعيرة السندات فوق سندات الخزانة الأميركية مغرية في سوق السندات.

ثقة دولية

ووصف خبراء اقتصاديون حصول المملكة على هذا المبلغ، بأنه يؤكد ثقة المستثمرين الدوليين في متانة الاقتصاد السعودي، والخطط المالية للمملكة، وجني الثمار من مبادرات برنامج التحول الاقتصادي، وبرنامج الاستدامة المالية.

وقال أستاذ الاقتصاد بـ«جامعة الملك فيصل» الدكتور محمد القحطاني، لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الخطوة تؤكد عزم المملكة وحرصها على الاستمرار في تنويع أدوات التمويل المحلية والدولية، والاستفادة من ذلك في تمويل مشاريع «رؤية 2030»، وفي تعزيز الثقة الدولية باقتصادها، وتخفيف العبء على الميزانية العامة، وخفض تكاليف الاقتراض.

وأشار إلى أن هذه العملية ستسهم في تخفيف الضغط على موارد التمويل الداخلية، وفي تعزيز مرونة الاقتراض، وفي الجذب القوي للمستثمرين الدوليين، ويتضح ذلك من تجاوز طلبات الشراء على السندات السعودية للمستهدف، ووصولها إلى نحو 37 مليار دولار، لافتاً إلى أن ذلك يعزز من قدرة المملكة على تلبية احتياجاتها المالية بيسر وسهولة للعام الحالي، وعلى توسيع قاعدة المستثمرين، وتعزيز شبكة التمويل العالمية للمملكة، كما يسهم في دخول أسواق جديدة للاستفادة من التمويل الدولي، والتمويل عبر السندات، وبما ينعكس على تسريع وتنفيذ مشاريع البنية التحتية والنفقات الرأسمالية ضمن أهداف السعودية الاقتصادية.

وأوضح أن بقاء نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي ضمن الحدود المستدامة لنسبة الدين العام بحسب مؤشرات صندوق النقد الدولي، يؤكد على التخطيط السعودي الجيد في وقت مبكر لاحتياجات الحكومة من أدوات الدين منذ بداية السنة المستهدفة، ويسهم في توفير احتياجاتها التمويلية عند الحاجة.

ما بين العجز والإنفاق

من جانبه، قال المستشار الاقتصادي مؤسس مركز «جواثا» الاستشاري، الدكتور إحسان بن علي بوحليقة، في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» إن الميزانية العامة السعودية لعام 2025 ذات سمة توسعية، وتسعى إلى توفير متطلبات التمويل لبرنامج التنويع الاقتصادي، كما أن عجزها المتوقع يأتي ضمن مستويات الجدارة المعتبرة في منظمة التنمية الاقتصادية والتنمية، ويعد عجزاً اختيارياً.

ويقوم وجوده على المفاضلة بين أمرين: إما الإنفاق وفق ما هو متاح من إيرادات، بحيث يكون هناك توازن تام بين الإيرادات والمصروفات، وعند اتباع هذا الخيار لن تسجل الميزانية عجزاً، لكنها لن توفر احتياجات إنجاز مبادرات «رؤية 2030».

وأضاف أن الخيار الثاني، هو الإنفاق لتمكين تحقيق مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، وليس وفقاً لما هو متاح من إيرادات واردة للخزانة العامة.

والدافع لذلك أن ما يمول هو برامج مداها حتى 2030 وليس التمويل من عام لعام، فالعام الواحد هو حلقة من سلسلة زمنية ضمن حلقات تبدأ بطموح وتنتهي بتحقيق مستهدفات «رؤية المملكة 2030».

وهكذا، فالعام المالي ليس مدى لمستهدف بل وحدة زمنية محاسبية تفيد في التخطيط والتقنين والضبط. وعليه، فالمنظور هو تمويل الإنفاق على مدى «الرؤية»، ومستهدفاتها التي لا تحتمل التأجيل ريثما تسمح إيرادات النفط.

فسحة مالية

وأشار إلى أن السعودية تملك الجدارة الائتمانية للتحرك ضمن فسحة مالية (fiscal space) مريحة، تمكنها من الاقتراض من السوق الدولية بأسعار من بين الأكثر تنافسية، حيث تشهد الإصدارات تغطيات بأضعاف السقف المطلوب استدانته من دون المساس باستدامتها المالية أو بالاستقرار الاقتصادي، وهي إحدى ثمار برنامج التحول الاقتصادي ومبادرات برنامج الاستدامة المالية الذي انطلق في عام 2017 وأعاد هيكلة المالية العامة، والحفاظ على متانة الفسحة المالية والقدرة على الموازنة بين الاستقرار الاقتصادي حتى في أحلك الظروف، كما حصل أثناء «كوفيد - 19» رغم تراجع أسعار النفط، وبين الالتزام بتمويل المبادرات التي انطوت عليها مستهدفات «رؤية 203»، وذلك من خلال المزاوجة بين تدابير مالية على المدى المتوسط، وإصلاحات هيكلية في المدى الطويل.

وتابع أن الحكومة السعودية وظفت هذه الفسحة بالمعايرة بين الاقتراض الداخلي والخارجي حسب الاحتياج، كما أن ثلثيّ الدين العام داخلي وثلثه خارجي، وقد بلغ حتى نهاية الرابع الثالث قرابة 1.2 مليار ريال، وهو ما يعد دون السقف المحدد بـ30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وسيبقى عجز الميزانية في المنظور متوسط المدى، ملازماً الميزانية حتى عام 2027، وفقاً لتقديرات وزارة المالية، ولن تتجاوز نسبته 3 في المائة في أي من السنوات، وفقاً لتلك التقديرات.

ولفت إلى أنه من أهم سمات بناء سعة الاقتصاد، الحفاظ على سمة الإنفاق الرأسمالي، إذ من الملاحظ بلوغ الإنفاق الرأسمالي للحكومة 186 مليار ريال في عام 2023، وهو في حدود ما كان مخططاً، ليرتفع في عام 2024 إلى 198 مليار ريال، أي بنحو 6.5 في المائة.

وأشار إلى أن الحكومة السعودية تمارس دوراً محورياً في هذا الجانب، وذلك من خلال ثلاث أذرع؛ الإنفاق الحكومي الرأسمالي، واستثمارات «صندوق الاستثمارات العامة»، والضخ الاستثماري الداعم من صندوق التنمية الوطني والصناديق المنضوية تحت مظلته، بما في ذلك صندوق البنية التحتية، وهو ضخ يقوم على استراتيجية مقرة وذات مستهدفات تسعى إلى تحقيق هدف رئيس محدد، وهو تنويع الاقتصاد عبر تعظيم مساهمة القطاع الخاص.

وقال «صندوق الاستثمارات العامة» الاثنين، إنه حصل أيضاً على تسهيل ائتماني للمرابحة بسبعة مليارات دولار، وهو شكل من أشكال التمويل الإسلامي. وكانت بنوك «سيتي» و«غولدمان ساكس إنترناشيونال» و«جيه بي مورغان» مشترِكة، منسِّقة عالمية ومنظِّمة لإصدار السندات السيادية السعودية.

كما أعلن المركز الوطني لإدارة الدين في الثاني من يناير (كانون الثاني) الحالي ترتيب اتفاقية تسهيلات ائتمانية دوّارة بقيمة 2.5 مليار دولار متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية لتمويل احتياجات الميزانية العامة.

وكانت وكالة «موديز» قد رفعت تصنيف المملكة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى «إيه إيه 3»، بعد تصنيف «فيتش» لها عند «إيه +»، وكلاهما مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وقدرة عالية على الوفاء بالالتزامات المالية، مع مخاطر ائتمانية منخفضة.

في حين تصنّف «إس آند بي غلوبال» المملكة عند «إيه إيه - 1» مع نظرة مستقبلية «إيجابية»، وقدرة جيدة على الوفاء بالالتزامات المالية، مع مخاطر ائتمانية منخفضة نسبياً.

وقدّر صندوق النقد الدولي نسبة الدَّيْن العام إلى الناتج المحلي في المملكة عند 26.2 في المائة في 2024، ووصفه بأنه منخفض، وفي حدود يمكن الاستمرار في تحملها.

وذكر أن الاقتراض الأجنبي سيواصل الاضطلاع بدور رئيسي في تمويل العجز، وهو ما يؤدي إلى أن تبلغ نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي نحو 35 في المائة بحلول عام 2029.