الفن التشكيلي في السعودية وثّق حاجة المرأة للسيارة

الفنانة ريانا استعانت بلوحة تغريد البقشي في تهنئة السعوديات

من أعمال للفنانة التشكيلية نور السيف ({الشرق الأوسط})
من أعمال للفنانة التشكيلية نور السيف ({الشرق الأوسط})
TT

الفن التشكيلي في السعودية وثّق حاجة المرأة للسيارة

من أعمال للفنانة التشكيلية نور السيف ({الشرق الأوسط})
من أعمال للفنانة التشكيلية نور السيف ({الشرق الأوسط})

على مدى سنوات تبنى عدد من الفنانين والفنانات التشكيليين في السعودية ملف قيادة المرأة للسيارة في أعمال فنية رمزية تحاكي الواقع الاجتماعي.
ورغم أن الأمر السامي المتعلق بقيادة المرأة للسيارة الذي صدر قبل يومين، يكاد ينهي حقبة اللوحات الفنية التي طالما لمحت إلى أهميته، فإن هذه الأعمال تمثل توثيقاً بصرياً مهماً لمرحلة عاشتها المرأة في البلاد، إذ يراهن الفنانون على بقاء تلك اللوحات باعتبارها جزءاً من الإرث التاريخي.
التشكيلية السعودية نور السيف، التي تناولت في عدد من أعمالها قضية قيادة المرأة للسيارة، ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن معرضها الذي أُقيم في الكويت بعنوان «انتظر على الأحمر»، احتوى على 13 عملاً، منها 6 أعمال عن قيادة السيارة تحديداً.
وأضافت أن الفنانات السعوديات كن أكثر تناولاً لقضية قيادة المرأة للسيارة من زملائهن الرجال، لأنها تمسهن بالدرجة الأولى. وحول الحاجة لإسهام الفن التشكيلي في المجتمع، قالت السيف: «الصور المرئية تترك انطباعاً راسخاً لا ينسى لدى الناظرين، ونسبة كبيرة من مدركاتنا تكون عن طريق التواصل البصري، الفنان التشكيلي يستطيع أن يستخدم هنا مفاتيح الجاذبية ولعبة الإبهار في رسالة يلتمسها الناس، هو يسهم لكن لا يقود ولا يغير بسرعة، هو يفتح الحوار ويعيد شرعية السؤال، وهذا باب يساعد في نفض بديهيات كثيرة ثابتة».
إلى ذلك، حضرت لوحات التشكيلية السعودية تغريد البقشي، التي تحدثت عن قيادة المرأة للسيارة، إلى الواجهة بعد الأمر الملكي الأخير، حيث استخدمت إحداها النجمة ريانا، في مباركتها للنساء السعوديات بهذه الخطوة، وأوضحت البقشي أن «اللوحة المتداولة (س وق 111) هي من مقتنيات متحف عبد اللطيف جميل للفنون».
وتقول البقشي خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إن «المجتمع يضم قضايا كثيرة تمس المرأة، من واقع الاشتغال بماذا تريد من تحقيق أهداف أو أمور تمسها اجتماعياً وفكرياً»، مشيرة إلى أن دور الفنان التشكيلي هو كيفية ترجمة هذه المواقف التي تحدث حوله بحيث تكون مؤثرة في أعماله، فمن المهم أن يحمل الفنان التشكيلي رسالة، تضمن له التأثير والبقاء.
وعن رسالة هذه القضية في أعمالها الفنية قالت البقشي: «المشروع هذا عملت عليه في بداياتي، كنت أشتغل بتركيز لأنه نابع من الداخل، من الحاجة، وأنجزت مجموعة جيدة من الأعمال الفنية، التي كان لها صدى وتأثير كبير، وتم عرضها في شبكات التواصل والمعارض الفنية، وظلت محط تساؤل (كيف ولماذا ومتى)، كان السؤال (متى) هو الأكثر تداولاً ممن يرى هذه اللوحات، متى تقود المرأة السعودية السيارة؟ وهو ما بات واقعاً بعد صدور القرار».



البرازيل تحتضن أوّل معرض متجوّل للفن السعودي المعاصر

يشارك في المعرض 17 فناناً سعودياً من أجيال مختلفة (هيئة المتاحف)
يشارك في المعرض 17 فناناً سعودياً من أجيال مختلفة (هيئة المتاحف)
TT

البرازيل تحتضن أوّل معرض متجوّل للفن السعودي المعاصر

يشارك في المعرض 17 فناناً سعودياً من أجيال مختلفة (هيئة المتاحف)
يشارك في المعرض 17 فناناً سعودياً من أجيال مختلفة (هيئة المتاحف)

وسط أجواء القصر الإمبراطوري في ريو دي جانيرو بالبرازيل، تفتح أولى محطات المعرض المتجوّل للفن السعودي المعاصر، حواراً بين السياق التاريخي العريق لهذا القصر والموضوعات التي تتناولها الأعمال الفنية المعروضة في معرض «فن المملكة» الذي أطلقته «هيئة المتاحف السعودية» داخل أروقة القصر، لِإِطْلَاع الجماهير من مختلف دول العالم على الحراك الفني السعودي.

وتسلط الأعمال الفنية المشاركة في المعرض، الضوء على تاريخ المملكة وذاكرة شعبها وتراثها الثقافي، كما توفّر للجمهور فرصة استثنائية لاستكشاف الفن السعودي المعاصر وإسهاماته في بناء سرديات ثقافية جديدة. ويتناول المعرض موضوعين رئيسيين، يرتبط الأول بالصحراء رمزاً للرحابة واللانهاية وعمق الحياة، في حين يتناول الثاني فرادة التقاليد الثقافية وتطور الثقافة البصرية بين الماضي والحاضر.

تسلط الأعمال الضوء على تاريخ المملكة وذاكرة شعبها وتراثها الثقافي (هيئة المتاحف)

يوفّر المعرض للجمهور البرازيلي والعالمي فرصة استثنائية لاستكشاف الفن السعودي المعاصر (واس)

شاهد على تميّز التجربة الفنية السعودية

ويمثّل إطلاق «فنّ المملكة»⁩ في البرازيل، بوصفه أوّل معرض متجوّل للفن السعودي المعاصر، خطوة نوعية في تمكين الفنانين السعوديين والترويج لهم من خلال تقديم إبداعاتهم للعالم، كما يسهم في تعزيز الحوار بين الثقافات عن طريق الفنّ. وقالت منى خزندار المستشارة في وزارة الثقافة: «إن الفن لغةٌ توحّد الشعوب والثقافات، ومعرض فن المملكة خير مثال لهذه الرسالة»، مشيرة إلى أن المعرض شاهد على تميّز المواهب الفنية المعاصرة في المملكة، ويقدّم للفنانين مساحةً لمشاركة قصصهم ورؤاهم مع العالم، وينطلق هذا المعرض من ريو دي جانيرو في خطوة تجسد توجّه الوزارة إلى تعزيز الحوار بين الثقافات وتقديم إبداعات الفنانين السعوديين للعالم.

يمثّل المعرض خطوة نوعية في تمكين الفنانين السعوديين والترويج لهم (واس)

يسهم المعرض في تعزيز الحوار بين الثقافات من خلال الفنّ (واس)

17 فناناً من أجيال مختلفة

ويشارك في المعرض المتجوّل الذي استهل مسيرته من البرازيل بالتزامن مع قمة مجموعة العشرين، 17 فناناً سعودياً من أجيال مختلفة يعرضون ممارسات تعكس حجم الاستجابة الفنية الواعية من فناني المملكة لمشهد الفنون البصرية في العالم. وتحت عنوان «إضاءات شاعريّة»، يضّم المعرض الذي تُركز أعماله على وسائط عدّة منها (تركيبات فنية، ومنحوتات، ولوحات زيتية، ورسومات)، أعمال الفنّانين السعوديين: سارة أبو عبد الله وغادة الحسن، وأيمن يسري ديدبان، وأحمد ماطر، وإيمي كات (محمد الخطيب)، وأيمن زيداني، وشادية عالم، وناصر السالم، ومنال الضويان، ولينا قزاز، ومحمد شونو، وسارة إبراهيم، ودانية الصالح، وفيصل سمره، وفلوة ناظر، ومعاذ العوفي، وعهد العمودي، ويعكس اختلاف تجاربهم، صورة عن تنوّع المشهدين الفني والثقافي في المملكة.

تسعى هيئة المتاحف إلى تمكين الفنانين السعوديين من خلال عرض إبداعاتهم للجمهور العالمي

وتسعى هيئة المتاحف من خلال معرض «فنّ المملكة» إلى الإسهام في تعزيز المكانة الثقافية للمملكة على الساحة الدولية، على أن ينتقل للرياض في مطلع عام 2025 ليستضيفه المتحف السعودي للفن المعاصر في حي جاكس، قبل أن يُقدَّم في المتحف الوطني الصيني في بكين في نهاية العام نفسه. تجدر الإشارة إلى أنه خلال السنوات الماضية، ضاعفت السعودية اهتمامها بتعزيز الهوية والثقافة والتراث الذي تكتنزه أراضيها، كونها ملتقى حضارات يعود تاريخ بعضها لعشرات آلاف من السنين، وهو ما جعل مدّ جسور إلى العالم وتعريف الثقافات الأخرى بالتجربة الثقافية السعودية هدفاً استراتيجياً من صميم عمل وزارة الثقافة بهيئاتها المختلفة.

ينتقل المعرض للرياض في مطلع عام 2025 ضمن جولته الدولية (هيئة المتاحف)