الحكومة اللبنانية تترنح... ولا تسقط

أمام سعي بعضها لتطبيع العلاقات مع الأسد

الحكومة اللبنانية تترنح... ولا تسقط
TT

الحكومة اللبنانية تترنح... ولا تسقط

الحكومة اللبنانية تترنح... ولا تسقط

لم تواجه الحكومة اللبنانية التي تشكلت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي نتيجة تسوية سياسية كبرى أتت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وبسعد الحريري رئيسا لمجلس الوزراء، طوال الأشهر التسعة الماضية تحديات كالتي تواجهها في المرحلة الراهنة، سواءً على الصعيد السياسي أو الاقتصادي - الاجتماعي، ما جعلها أكثر من مرة في دائرة الخطر، وإن كان تقاطع مصالح القوى المشاركة فيها يجنبها حتى الآن السقوط، فإنه لا يجنبها لا الاهتزاز.
وبينما تنكب الحكومة حالياً على اجتياز مطبّ سلسلة الرتب والرواتب التي تحوّلت قانوناً ينال بموجبه موظفو القطاع العام زيادة على رواتبهم، على وقع الإضرابات والاعتصامات في الشارع - بعد إسقاط المجلس الدستوري قانون الضرائب الذي كان يشكل الرافد المالي الوحيد لدفع تكاليف السلسلة التي تقدّر بنحو 800 مليون دولار أميركي - يبدو أنّها تتفادى الغوص بملف «تطبيع» العلاقات مع النظام السوري، الذي ترى بعض الجهات أنه بات مفروضاً عليها بإطار سياسة «الأمر الواقع» التي تنتهجها قوى 8 مارس (آذار) من موقع الغلبة.
لم يعد عنوان النقاش والسجال في لبنان هو السير بـ«التطبيع» مع نظام بشار الأسد في سوريا أو عدمه، باعتبار أن تواصل بعض أطراف الحكومة الوفاقية التي يترأسها سعد الحريري مع السلطات والمسؤولين في سوريا تحوّل «أمراً واقعاً» في الأشهر القليلة الماضية، وهو غدا كذلك رغم غياب أي قرار حكومي رسمي في هذا الشأن. بل يتمحور الجهد حول كيفية استيعاب الانقسام الحاد بهذا الخصوص، وتجنيب الحكومة الهشة هزة من العيار الثقيل قد تؤدي لتعطلها... أو حتى سقوطها.
وليس بعيداً عن مطبّي «التطبيع» مع النظام السوري، وسلسلة الرتب والرواتب المشار إليه آنفاً، يلوح مطب ثالث، لا يبدو أقل خطورة من سابقيه، ألا هو الاستحقاق النيابي. وهنا لا مؤشرات مشجعة على الساعة على قدرة الحكومة على اجتيازه بسلام، في ظل الخلافات المستمرة حول تفاصيل تقنية أساسية تؤخر إعطاء الضوء الأخضر لوزارة الداخلية لإطلاق أعمالها التحضيرية. وعلى الرغم من هذه المطبّات وغيرها، تحرص مصادر وزارية على القول إن «هذه الحكومة بأمان رغم الصعوبات التي تجتازها». ويلفت أحد المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «بقاءها مصلحة لكل الأطراف المشاركين فيها دون استثناء، وبالتالي، فالجميع يتجنب أي تغيير أو هزة كبيرة تطيح بها».

مطب السلسلة
يرى المتابعون أن مجلس الوزراء اللبناني بصدد الخروج من أزمة «سلسلة الرتب والرواتب» بأقل الأضرار الممكنة، وذلك بعدما وجه المجلس الدستوري صفعة للقوى السياسية مجتمعة، التي استعجلت إقرار السلسلة من دون ربطها بالموازنة، وأيضاً تعجَّلَت إصدار قانون لتمويلها بفرض مجموعة من الضرائب طالت إلى حد كبير محدودي الدخل ما أثار استياء عارماً في الشارع.
ولقد أخذت الحكومة في الجلستين اللتين عقدتهما نهاية الأسبوع بملاحظات المجلس الدستوري، وأعادت صياغة قانون الضرائب تمهيداً لإقراره مجدداً في المجلس النيابي في ظل دفع رئيس الجمهورية لجعله جزءاً من الموازنة العامة. أما القوى المعتصمة في الشارع فأمكن حتى اللحظة استيعاب نقمتها من خلال اتخاذ قرار بصرف رواتب موظفي القطاع العام والمعلمين هذا الشهر وفق قانون السلسلة، بانتظار أن يسلك قانون الضرائب مجدداً مساره الطبيعي عبر مجلس النواب قبل نهاية الشهر المقبل.

مطب الانتخابات
من ناحية أخرى، أثّر ضغط الشارع وأزمة السلسلة سلباً على النقاش الذي كان مفتوحاً بخصوص الإصلاحات الانتخابية، إذ أخّر هذان العاملان البت بالملف المرجح أن يُفتح بابه مجدداً على مصراعيه في ظل استبعاد تام للسير بمقترح رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وترجيح فرضية حصول الانتخابات في موعدها المحدد في شهر مايو (أيار) المقبل من دون اعتماد إصلاحات أساسية أبرزها البطاقة الممغنطة أو البيومترية. وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق حاسماً، عندما أدلى بدلوه أخيراً، مؤكداً أن «الانتخابات النيابية المقبلة ستجرى في موعدها، لكن بالتسجيل المسبق في مكان السكن، لأن الوقت ما عاد يسمح بإنتاج بطاقة ممغنطة ولا هوية بيومترية في الأشهر القليلة المتبقية». وبذا يكون الوزير صاحب الصلاحية قد حسم الجدل المستمر حول موضوع البطاقة، كما وقف في صف الرئيس برّي المتمسك بالتسجيل المسبق للراغبين بالاقتراع في مكان سكنهم وليس في القرية أو البلدة مسقط رأسهم. ويُعارض هذا التوجه بشدة «التيار الوطني الحر» (التيار العوني) بشدة، إذ يعتبر أن إجبار الناخب على التسجيل المسبق سيؤدي إلى تراجع عدد المقترعين الذين لن يبذلوا - وفق وجهة نظر التيار - جهدا مرتين لضمان اقتراعهم.
هذا، ولئن كان عدد من القوى السياسية اللبنانية ما زال يتخوف من تمديد رابع قد يُقدم عليه مجلس النواب بحجة ضيق الوقت وعدم إتمام الاستعدادات للانتخابات في مايو، تحسم مصادر مقربة من رئيس الجمهورية بأن الانتخابات حاصلة مهما كان الثمن والظروف، لافتة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه حتى «لو تمت التضحية ببعض الإصلاحات وأبرزها البطاقة البيومترية أو الممغنطة، فإن الأولوية القصوى تبقى لحصول الاستحقاق النيابي في موعده»، وهي تقول إن «الرئيس عون يقوم وسيقوم بكل ما يلزم لوضع المعنيين أمام مسؤولياتهم في هذا المجال».

مطب «التطبيع»
بخلاف مطبّي السلسلة والانتخابات النيابية، واضح تماماً أن المطب الثالث أي مسألة «التطبيع» مع النظام السوري هو الأخطر وجودياً على الحكومة اللبنانية التي لا تزال تتفادى طرحه بوضوح على الطاولة، مفضلة اتباع سياسة «النعامة» بدفن رأسها بالرمال.
وعلى الرغم من أن وزراء الصناعة والزراعة والنقل اللبنانيين (وهم من المحسوبين على قوى 8 آذار المؤيدة لمحور طهران – دمشق) كانوا قد بدأوا «التطبيع» مع النظام السوري من دون الاكتراث بمواقف شركائهم في الحكومة عبر سلسلة زيارات قاموا بها إلى دمشق، فإن اللقاء الذي جمع وزير الخارجية جبران باسيل بوزير خارجية النظام السوري وليد المعلم في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، يتخذ أبعادا مختلفة تماماً. والسبب أن باسيل وزير للخارجية، وبالتالي تعكس مواقفه وخطواته «سياسة لبنان الخارجية». وكانت مصادر واكبت لقاء المعلم - باسيل أكدت أن الاجتماع عُقِد بطلب من الوزير اللبناني الذي أصر على تأكيد أنّه يعقده بصفته الرسمية وليس الشخصية، وعلى التشديد على أن العلاقة قائمة بين لبنان وسوريا رغم ما أصابها في السنوات الست الماضية جراء اندلاع الأزمة السورية.
وفي حين اكتفى باسيل بنشر صورة للقاء الذي جمعه بالمعلم من دون إصدار أي بيان بخصوص فحوى الاجتماع، ذكرت وكالة «سانا» الرسمية السورية أن اللقاء بين المعلم وباسيل بحث العلاقات الثنائية بين «البلدين الشقيقين» بما في ذلك التنسيق والتعاون السياسي والاقتصادي وغير ذلك من المجالات. وأكد المعلم، بحسب «سانا» أنَّ «العلاقات السورية - اللبنانية ثابتة مهما حاول البعض وضع العقبات في طريقها وهذه حقائق التاريخ والجغرافيا». كما تحدث عن التطورات في مجال مكافحة الإرهاب وعملية «آستانة» ومناطق تخفيف التوتر، لافتاً إلى أن سوريا ماضية في مكافحة الإرهاب.
كذلك نقلت الوكالة السورية عن وزير الخارجية اللبنانية تأكيده على «أهمية العلاقات بين البلدين والتنسيق المشترك بينهما في مختلف المجالات»، معتبراً أن «التطورات الإيجابية التي تشهدها الساحة السورية وانتصارات الجيش السوري على الإرهاب ستضطر أولئك الذين يتخذون موقفاً سلبياً من سوريا إلى التراجع عن هذا الموقف والمساهمة في إعادة الإعمار». ويربط «التيار الوطني الحر» (التيار العوني) - الذي يترأسه باسيل حالياً - انفتاحه على النظام السوري بملف اللاجئين السوريين، ويعتبر أنه لا إمكانية لإعادة نحو مليون ونصف المليون لاجئ مسجلين في لبنان إلى بلدهم في حال لم يجر التواصل المباشر والرسمي مع النظام في سوريا. وحقاً أيد رئيس الجمهورية، الذي أسس «التيار الوطني الحر» وكان يتولّى رئاسته دون تردد عن هذا الموقف حين أعلن وبوضوح أن «لبنان سيبحث مع سوريا مسألة عودة النازحين الذين باتوا يشكلون 50 في المائة من مجمل سكان لبنان، وهناك مشاورات قيد البحث»، معرباً عن اعتقاده في حديث مع مجلة «باري ماتش» الفرنسية خلال زيارته الأخيرة إلى باريس أن «الحرب ستنتهي قريباً في سوريا، ويبقى أن نصل إلى حل سلمي للأزمة». ولم يكتفِ عون بذلك بل أعرب عن اعتقاده بأن «الرئيس السوري بشار الأسد سيبقى، وأن مستقبل سوريا يجب أن يتم بينه وبين شعبه، وأن الحكومة السورية تسعى إلى مصالحة مَن قاتلها، كما أن المصالحة الوطنية تلوح في الأفق». وتابع عون في العاصمة الفرنسية «الحكومة (النظامية) السورية أعادت السيطرة على 82 في المائة من المساحة الجغرافية للدولة السورية، وحتى المعارضون القدامى تصالحوا مع الحكومة».

ذرائع العونيين
وفي الاتجاه نفسه يعتبر الدكتور فريد الخازن، النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» (الكتلة البرلمانية للتيار العوني) أن المطروح اليوم «ليس التطبيع مع النظام السوري بل التواصل معه لحل أزمة اللاجئين بعدما كان المجتمع الدولي واضحاً وصريحاً بأن خطته الحالية إبقاؤهم حيث هم، وهو ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترمب من على منبر الأمم المتحدة». ولفت الخازن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «موقف لبنان من النظام في سوريا لن يُقدم أو يؤخر، إنما ملف اللاجئين بالنسبة لنا له تداعيات كبيرة علينا ويتوجّب حله بأي طريقة، وأحد الخيارات المتاحة أمامنا، سواء أتت بالنتيجة المطلوبة أو لا، التواصل مع النظام في سوريا لإعادتهم».
وكما كان مرتقباً ووجهت مواقف رئيس الجمهورية المؤيدة للانفتاح على نظام دمشق والتنسيق معه، وكذلك مواقف والخطوات التي اتخذها يتخذها الوزير باسيل على مسار التطبيع مع النظام السوري، امتعاضاً كبيراً في الداخل اللبناني. بل إنها، وفق محللين، ضخّت الروح مجدداً بفريقي 8 آذار و14 آذار اللذين كانا قد تفككا إلى حد كبير خلال المرحلة الماضية نتيجة التفاهمات الجديدة التي أدّت لانتخاب عون رئيساً للبلاد. وفي حين تولى الوزير نهاد المشنوق الحملة المضادة الرافضة لـ«التطبيع»، كان لافتاً غياب أي موقف علني أو رسمي للرئيس الحريري. وفي هذا السياق، سمعت «الشرق الأوسط» من مصادر قيادية في تيار «المستقبل»، الذي يرأسه ويرأس كتلته النيابية الرئيس الحريري، أن الأزمة التي خلفها لقاء المعلم - باسيل تم حلها مع الرئيس عون، وأن «الأمور تحت السيطرة».
وللعلم، كان وزير الداخلية المشنوق قد قاطع الزيارة الرسمية التي قام بها أخيراً عون إلى فرنسا، احتجاجاً على اللقاء بين باسيل والمعلم. وعدّ المشنوق هذا اللقاء «اعتداءً سياسياً على موقع رئاسة الحكومة»، معتبراً أنّه «يضرّ التضامن الحكومي ويخالف التسوية السياسية التي قامت عليها الحكومة»، ومنبهاً إلى أن «ما جرى يعبّر عن تحوّل سياسي كبير وليس عن خلاف صغير داخل مجلس الوزراء. ولكن في المقابل، حرص وزير الداخلية أيضاً على الطمأنة إلى أن ما يحصل لا يهدد الوضع الحكومي»، متحدثاً عن «تضعضع في الوضع السياسي، لا في وضع الحكومة». وقال المشنوق موضحاً: «أبرمنا تسوية على ثلاث قواعد: انتخاب رئيس جمهورية، وتشكيل حكومة ائتلافية، واتفاق على النأي بالنفس ضمن البيان الوزاري. والاجتماع (أي لقاء المعلم - باسيل) تجاوز هذا الاتفاق، خصوصاً أنّ رئيس الحكومة يجب أن يكون على اطلاع من الوزراء، لا أن يُفاجأ بالخبر كغيره في وسائل الإعلام، فلسنا موافقين على سياسة المفاجآت»، وتابع مستطرداً: «أي أمر مشابه لهذا الاجتماع يحتاج إلى نقاش وتفاوض سواء داخل الحكومة أو مع فخامة الرئيس».
ولم يُترك المشنوق وحيداً ليخوض المواجهة، إذ انضم إليه وزير الإعلام ملحم الرياشي (من حزب «القوات اللبنانية») الذي أكد رفضه «التواصل مع النظام السوري»، ورأى أن «الكلام التبريري» الذي رافق لقاء باسيل مع نظيره السوري حول ضرورة التفاوض بين البلدين «خارج منطق البيان الوزاري القائم على النأي بالنفس»، ونبّه الرياشي إلى أنه «إذا أراد البعض مخالفة هذا المنطق فحكماً وضع الحكومة سيكون في خطر». لكن وزير الخارجية، المتحصن بدعم رئيس الجمهورية، لم يتأخر بالرد على الوزيرين، إذ قال: «مَن يعتدي على مصلحة لبنان هو من يرفض إخراج النازحين من أرضه». وأضاف مدافعاً عن لقائه بالمعلم: «إننا لن نقوم بأي عمل ضد مصلحة لبنان، وأي لقاء أو اجتماع فردي أو ثنائي أو ثلاثي أو حتى جماعي يجب أن يكون لمصلحة لبنان».

جنبلاط وجعجع
في هذه الأثناء، فضّل النائب وليد جنبلاط فضّل، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، ألا يستفيض بانتقاد لقاء المعلم - باسيل، بل اكتفى بنشر صورة للقاء على صفحته على موقع «تويتر» ذيَّلَها بعبارة ساخرة قال فيها: «بعد غياب طويل عن الشاشة يعود وليد المعلم ويبدو اللقاء مع جبران باسيل كجلسة تحضير أرواح. الله يستر جبران».
أيضاً بدا لافتاً حرص رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على تحاشي التصعيد في هذا الملف، إذ اكتفى بالرد على الربط بين التواصل مع النظام السوري وعودة اللاجئين، قائلاً: «عندما يعلم النازحون السوريون أن عودتهم مرتبطة بالتنسيق مع نظام بشار الأسد، فهم لن يعودوا لأن مَن تسبّب بتهجيرهم أصلاً هو بشار الأسد نفسه». وأردف: «قرار عودة النازحين السوريين قرار سيادي، وعلينا معرفة كيفية العمل لإعادتهم على الطريقة التي عملت بها تركيا».
وبالتزامن مع حرب المواقف، شهد الوضع شن «حرب بيانات»، فنبّهت كتلة «المستقبل»، إلى ما وصفته بـ«المحاولات المتكررة لتوريط لبنان من أجل المضي في توجهات وخطوات للتواصل مع النظام السورية من خارج التفاهم السياسي الوطني». واعتبرت الكتلة أن «هذا الأمر تجلى أخيراً في الخطوة الانفرادية والمتفردة التي أقدم عليها وزير الخارجية جبران باسيل عبر الاجتماع مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم ومن دون الاستحصال المسبق على قرار من الحكومة يخوله بذلك، وحتى من دون التنسيق مع رئيسها». وأشارت إلى أن «هذا التصرف ليس إلا محاولة لاستدراج لبنان لضمه لمحور إيران والنظام السوري تحت ذرائع وحجج مختلفة».
ولم تتأخر كتلة «الوفاء للمقاومة» - أو كتلة ما يُعرف بـ«حزب الله» - في الردّ على بيان «المستقبل» ببيان مضاد بعيد اجتماع الكتلة الأسبوعي، بحيث شددت على أهمية لقاء المعلم - باسيل وعلى «إيجابيته» للبلدين، داعية إلى «عدم الانصياع للضغوطات الدولية التي تؤذي مصالح لبنان». واعتبر عضو الكتلة النائب نواف الموسوي بأن لقاء المعلم - باسيل «يصب في صلب المصالح الوطنية اللبنانية، وبالتالي ينسجم مع السياسة العامة للدولة».
ونبه الموسوي إلى أن «الترهيب السياسي والإعلامي الذي يمارس من بعض النواب والسادة الوزراء بتصوير كل موقف على أنه اعتداء على رئاسة الحكومة، يضر بالوحدة الوطنية، لأننا ننظر إلى العلاقة مع سوريا لا على أساس الانتصار والانكسار، بل على أساس تحقيق المصالح اللبنانية، وعليه فإن التحريض الطائفي ليس عملاً سياسياً بل هو عمل قبيح» حسب تعبيره.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».