الدبلوماسية السعودية تقي اليمن سيناريو تدويل التحقيقات «السوري» و«الكوري»

سحب «المشروع الهولندي» والإبقاء على اللجنة الوطنية اليمنية ودعمها تحت البند العاشر

TT

الدبلوماسية السعودية تقي اليمن سيناريو تدويل التحقيقات «السوري» و«الكوري»

انتهت دوامة المشروع الهولندي داخل أروقة مجلس حقوق الإنسان في جنيف، والرامي إلى تدويل التحقيقات في اليمن؛ إلى دعوة من المجلس إلى «تشكيل مجموعة الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين لبحث الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان التي ارتُكبت خلال النزاع».
وجاءت دعوة المجلس، أمس، في أعقاب ما اصطُلح عليه بـ«المشروع الهولندي» في البداية، إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية أممية.
ولن تكون اللجنة التي من المفترض تشكيلها قبل نهاية العام الحالي «شبيهة باللجنة التي جرى تشكيلها لسوريا أو كوريا الشمالية»، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الألمانية.
وتمكنت الجهود الدبلوماسية للمملكة العربية السعودية من إقناع الدول الأوروبية والدول الأخرى الداعمة لمشروع القرار الهولندي بسحب مشروع قرارها، حيث تم التمسك بمشروع القرار العربي الداعم للجنة الوطنية اليمنية للتحقيق ودعمها من خلال تشكيل مجموعة من الخبراء الدوليين في مجال حقوق الإنسان من قبل المفوض السامي، وفق ما نشرته وكالة الأنباء السعودية.
القرار الذي تم اعتماده من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الحالية الـ36 هو امتداد لقرار دورة المجلس الـ33 في سبتمبر (أيلول) 2016.
ويعد التوصل لقرار واحد استناداً إلى المشروع العربي خطوة متقدمة نتيجة للجهود التي قامت بها المملكة العربية السعودية على الصعيد الثنائي والمتعدد مع الدول الأوروبية وأميركا وكندا.
وأوضح وزير حقوق الإنسان اليمني الدكتور محمد عسكر لـ«الشرق الأوسط» أن الفرق بين المشروع الهولندي الذي تم سحبه، والتوافق الذي جرى أمس، يكمن في أن المشروع الهولندي يرتكز على ثلاثة محاور: إرسال لجنة تحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في اليمن، وأن يكون تحت البند الثاني المعني بالتحقيق الدولي، ورفع تقرير لجنة التحقيق إلى مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان.
أما المشروع العربي الذي جرى إقراره أمس، فيتمحور حول أربعة ارتكازات أولها أنه لا يقوم بالتحقيق بل يراقب الأوضاع، ويدعم لجنة التحقيق الوطنية، ويرفع تقريره للمفوض السامي فقط من دون الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس حقوق الإنسان، وتم اعتماده تحت البند العاشر المعني بتقديم الدعم الفني والتقني لآليات التحقيق.
من جهته، قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني: «أشكر وأقدر دعم المجموعة العربية خصوصاً مجموعة النواة العربية المصغرة وكل الوفود التي أسهمت بشكل مباشر في التوصل إلى توافق حول مشروع القرار، وهي وفود كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وهولندا وغيرها، كما نثني على تعاونها في أثناء إعداد نص المشروع المطروح أمامنا اليوم والذي عرضته بعثة جمهورية مصر العربية نيابة عن المجموعة العربية».
وأضاف: «إن الظروف المعقدة التي تمر بها الجمهورية اليمنية في الوقت الراهن تستدعي من مجلس حقوق الإنسان والمجتمع الدولي تقديم الدعم لتمكين الحكومة من الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، وقد أعربت الحكومة اليمنية عن استعدادها للتعاون مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان لتعزيز وحماية حقوق الإنسان».
وأكد المخلافي: «نعلن قبولنا بمشروع القرار العربي حرصاً على التوافق في هذا المجلس وحرصاً على استمرار التوافق الدولي حول الأوضاع في اليمن؛ ونود تأكيد تعاطي الحكومة اليمنية بإيجابية مع مشروع القرار المعنون (تقديم المساعدات التقنية وبناء القدرات لليمن في مجال حقوق الإنسان الوارد في الوثيقة A-HRC-36-L8) والمراجع شفوياً تحت البند العاشر لتقديم المساعدة الفنية وبناء القدرات للجنة الوطنية اليمنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن؛ وأرحب بالدعم الذي يقدمه هذا القرار للحكومة الشرعية ولوحدة وأمن واستقرار اليمن وسيادته وسلامة أراضيه، والالتزام بقرارات الشرعية؛ وفي مقدمتها القرار الأممي 2216، حرصاً على السلام الذي تسعى إليه الحكومة اليمنية».
إلى ذلك، أصدرت وزارة حقوق الإنسان اليمنية بياناً، قالت فيه إن الحكومة اليمنية ممثّلة في وزارة حقوق الإنسان «سوف تتعاطى بإيجابية مع القرار الصادر عن مجلس حقوق الإنسان في الدورة الـ36 للمجلس، التزاماً منها بمبدأ الإنصاف وتحقيق العدالة للضحايا، وهو ما يؤكد احترام الحكومة لحماية حقوق الإنسان، ويأتي هذا القرار نتيجة جهود مضنية استمرت قرابة الشهر بذلتها الدبلوماسية اليمنية ووزارة حقوق الإنسان وبمساعدة الأشقاء وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والسودان وكل أعضاء المجموعة العربية، سفراء وخبراء، وبتعاون مثمر من الأصدقاء كالولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا وفرنسا، وبمتابعة حثيثة من فخامة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، وإشراف مباشر من دولة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، التي أثمرت بتوافق الآراء والإجماع هذا القرار الداعم والمساند للآليات الوطنية المتمثلة في اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان ودعمها بفريق من الخبراء، ومدها بالخبرات اللوجيستية والفنية اللازمة تحت البند العاشر».
وأضاف البيان: «تدعو وزارة حقوق الإنسان مكتب المفوض السامي إلى تفعيل دعمه للجنة الوطنية ووزارة حقوق الإنسان، وتؤكد أهمية وضرورة مساندة برنامج حقوق الإنسان في اليمن وتوفير الدعم اللازم والكافي له بما يمكنه من القيام بدوره للدفاع عن حقوق الإنسان في اليمن على الوجه الأمثل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».