«أوروبا الرقمية»... مباحثات المستقبل تنطلق اليوم

قمة في تالين تبحث الاستفادة الكاملة من ثورة التكنولوجيا

TT

«أوروبا الرقمية»... مباحثات المستقبل تنطلق اليوم

تنعقد اليوم الجمعة، في تالين عاصمة إستونيا، التي تتولى حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أول قمة من نوعها في تاريخ التكتل الموحد، وتخصص لمناقشة مستقبل الاتحاد الأوروبي الرقمي والقضايا الرقمية، وذلك بحسب ما ذكرت رئاسة الاتحاد الأوروبي، التي أضافت أن القادة سيعملون خلال القمة على مناقشة الخطوات اللازمة لتمكين الناس والشركات والحكومات، من الاستفادة الكاملة من إمكانات التكنولوجيا المبتكرة والرقمنة.
وترى الرئاسة الدورية للاتحاد أن انعقاد هذه القمة يعكس الحاجة الملحة إلى أن تفهم أوروبا أهم المجالات التي تحتاج إلى معالجة من جانب الاتحاد والدول الأعضاء، حتى تصبح أوروبا بحلول عام 2025 جبهة عالمية للابتكار التكنولوجي السريع والرقمنة التي تمس الصناعات كاملة، وأيضا أوجه الحياة المختلفة، فضلاً عن أنها تخلق فرصاً وتحديات جديدة تحتاج إلى معالجة على أعلى مستوى من القيادات والحكومات.
وقال رئيس الوزراء الإستوني جوري راتاس إن «هناك الكثير لنكسبه من الطريقة الرقمية للحياة إذا كنا نفعل ذلك بالشكل الصحيح... ويمكن للجميع الاستفادة من الثورة الرقمية، سواءً في القطاع العام أو المؤسسات، ولكن قبل كل شيء المواطنين. ولا ينبغي أن نترك أحداً دون أن يلاحق هذا التقدم، وإذا اتخذنا القرارات الصحيحة، فإن المجتمع الرقمي يعني مليارات اليوروات من النمو الاقتصادي وملايين الوظائف الجديدة وساعات العمل المرنة وحياة أسرية أفضل وأكثر توازناً».
وحسب الأجندة المعلنة من الرئاسة الدورية للاتحاد، عقد القادة عشاء عمل «غير رسمي» مساء أمس الخميس، بينما تنطلق النقاشات طوال نهار الجمعة. وقالت المصادر الأوروبية في بروكسل إن «المناقشات سوف تركز في جلسة العمل الأولى حول مستقبل الحكومة، حيث سيبحث القادة دور حكومات الاتحاد في توليد الثقة والأمن، وهما بمثابة شرط مسبق لأوروبا الرقمية. كما ستخصص الجلسة الثانية حول مستقبل الاقتصاد والمجتمع، حيث سيتصور قادة أوروبا البنية التحتية والسوق والاحتياجات المجتمعية لخلق أوروبا قادرة على الصمود، وأيضاً نقاطاً حول القدرة التنافسية. وستبدأ كل جلسة بكلمات لخبراء في كل مجال يتم التطرق إليه».
وسوف يشارك أنطونيو تاياني، رئيس البرلمان الأوروبي، في أعمال القمة، وقبل وقت قصير من انطلاق القمة، قال: «يجب أن نستغل بشكل كامل الفرص التي تولدها الثورة الرقمية لتعزيز النمو وخلق الوظائف وتحسين كفاءة الخدمات العامة. وتعتبر إستونيا نموذجاً عالمياً في أفضل الممارسات الحكومية الإلكترونية والابتكار».
وتشكل الرقمنة، أو ما يعرف بالسوق الرقمية الموحدة، واحدة من الأولويات الرئيسية للرئاسة الجديدة للاتحاد التي بدأتها إستونيا مطلع يوليو (تموز) الماضي، وعرضت الرئاسة أولويات عملها خلال مداخلة لرئيس الحكومة في إستونيا، يوري راتاس، أمام نواب البرلمان الأوروبي خلال الشهر نفسه.
وتعتبر إستونيا رائدة في ميدان رقمنة الإدارة، ومن وجهة نظر العديد من المراقبين في بروكسل يبدو أن إستونيا تسعى لتعزيز سياسات أوروبا الرقمية بعد اعتلائها منصب رئاسة الاتحاد، مستفيدة من خبرتها في مجال تكنولوجيا المعلومات.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».