بغداد تعزل كردستان عن العالم جواً

الأمم المتحدة تعرض التوسط... والتحالف يؤكد عرقلة الاستفتاء للحرب ضد «داعش»

مسافرون إلى أربيل في مطار اسطنبول أمس (أ.ف.ب)
مسافرون إلى أربيل في مطار اسطنبول أمس (أ.ف.ب)
TT

بغداد تعزل كردستان عن العالم جواً

مسافرون إلى أربيل في مطار اسطنبول أمس (أ.ف.ب)
مسافرون إلى أربيل في مطار اسطنبول أمس (أ.ف.ب)

نفذت بغداد تهديدها بتعليق الرحلات الجوية إلى مطاري أربيل والسليمانية في إقليم كردستان العراق، أمس، رداً على استفتاء الاستقلال، فيما رفضت حكومة الإقليم العقوبات. وفي حين عرضت الأمم المتحدة التوسط بين الطرفين لحل الأزمة، أعلن التحالف الدولي للحرب ضد «داعش» أن الاستفتاء عرقل جهود قتال التنظيم.
وأعلنت السلطات العراقية أمس تعليق الرحلات الدولية من المطارين بدءا من اليوم. وقالت مديرة مطار أربيل تالار فائق صالح لوكالة الصحافة الفرنسية إن «جميع الرحلات الدولية، من دون استثناء، من مطار أربيل وإليه، ستعلق اعتباراً من الساعة السادسة من مساء الجمعة، إثر قرار مجلس الوزراء العراقي ورئيس الحكومة حيدر العبادي».
وكان العبادي طلب من الإقليم تسليم المطارين إلى الحكومة المركزية، وأمهل سلطاته حتى اليوم. كما صوت البرلمان على إغلاق المنافذ الحدودية الخارجة عن سلطة الدولة العراقية. وقال مسؤول في سلطة الطيران المدني العراقية: «سنغلق الأجواء عند انتهاء المهلة أمام جميع الرحلات إلى مطاري أربيل والسليمانية، وسنطبق القرار في حال عدم امتثالهم لأوامر الحكومة... أبلغنا شركات الطيران وبدأت بالامتثال. أما بالنسبة للرحلات الداخلية، فإن القرار سيتم اتخاذه بعد الجمعة».
وغادر عدد كبير من الأجانب العاملين في أربيل، أمس، خوفاً من أن يعلقوا في الإقليم لأن تأشيرة دخولهم صادرة عن السلطات الكردية، ولا تعترف بها بغداد. وقالت مديرة مطار أربيل إنها وجهت سؤالاً إلى وزير النقل العراقي عما يعني طلب «تسليم المطارات»، وإنه رد قائلاً إن «هذا يعني استبدال أشخاص من بغداد بكل موظفي الأمن والهجرة والجمارك» الحاليين. وتساءلت: «هل هذا منطقي وممكن التطبيق؟».
وقال مسؤول حكومي كبير في بغداد إن الجسور مقطوعة في الوقت الراهن مع أربيل. وأضاف: «لا توجد مفاوضات رسمية أو سرية مع المسؤولين الأكراد، ولن تكون هناك مفاوضات حتى يعلنوا إلغاء نتائج الاستفتاء ويسلموا سلطات بغداد المعابر الحدودية والمطارات والمناطق المتنازع عليها حيث تنتشر قواتهم».
وأعلنت وزارة الخارجية العراقية أن الأمم المتحدة عرضت المساعدة في «حل المشكلة» مع أربيل. وقالت في بيان: «يان كوبيتش ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق قدم هذا العرض أثناء اجتماعه مع وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري».
وفي واشنطن، عدّ الناطق باسم التحالف الدولي الكولونيل رايان ديلون أن الاستفتاء «يؤثر على الحرب على تنظيم داعش، لأنه يضعف من تركيز المقاتلين الأكراد والعرب على المواجهة مع التنظيم». وقال في مؤتمر صحافي إن «التركيز الذي كان مثل شعاع الليزر المسلط على تنظيم داعش، لم يعد كذلك بنسبة مائة في المائة». وأضاف أن «هناك مواقف كثيرة اتخذت، كما قيل الكثير عما يمكن أن يجري... وهذا يعني أنه كان للاستفتاء تأثير على المهمة الأساسية التي تقضي بتكبيد التنظيم هزيمة في العراق».
في المقابل، أعلن مجلس وزراء إقليم كردستان بعد اجتماع في أربيل، أمس، «رفض القرارات التي أصدرها مجلس النواب العراقي والحكومة العراقية كافة ضد إقليم كردستان». وعدّ في بيان أن «هذه القرارات عقوبات جماعية ضد شعب كردستان، وهي غير دستورية وغير قانونية، وتعكس العقلية التي ترفض الشراكة مع كردستان، ورفضت أن تمنحه حقوقه الدستورية، ومع هذا نؤكد أن الإقليم مستعد للتفاوض مع بغداد لحل هذه المشاكل».
وقال النائب عن «الحزب الديمقراطي الكردستاني» فرست صوفي لـ«الشرق الأوسط» إن برلمان الإقليم سيلتئم غداً في جلسة خاصة لمناقشة الاستفتاء وقرارات بغداد «غير اللائقة بالعراق وبإقليم كردستان».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.