البشير يدعو الأفارقة لوضع استراتيجية لمكافحة الإرهاب

خلال مؤتمر للأمن في الخرطوم بحضور «سي آي إيه» والمخابرات الفرنسية

TT

البشير يدعو الأفارقة لوضع استراتيجية لمكافحة الإرهاب

دعا الرئيس السوداني إلى تضافر الجهود الأفريقية لإقرار استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب الذي تعاني منه القارة، مشيراً إلى أن أمن واستقرار بلاده مرتبط بأمن واستقرار الدول المجاورة، وأمن دولة جنوب السودان، على وجه الخصوص.
وقال الرئيس عمر البشير في خطابه بافتتاح مؤتمر لجنة أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية المعروفة بـ«السيسا»، بالخرطوم، أمس، إن حكومته تتبنى سياسة المكافحة الوقائية المتواصلة، التي تهدف إلى تحصين المجتمع من الأفكار المتطرفة، وإنها من أجل ذلك أنشأت عدداً من المراكز للحوار الفكري والتخلي عن التطرف.
وأوضح البشير أن أمن السودان مرتبط بأمن دول الجوار واستقرارها، خصوصاً أمن دولة جنوب السودان التي انفصلت عنه قبل عدة أعوام، وقال: «أمن السودان واستقراره لا يكتملان إلا باستقرار الدول المجاورة، سيما دولة جنوب السودان»، وتابع: «الضرورات الأمنية والمقتضيات السياسية والتداخل الجغرافي دفعت السودان إلى بذل جهود حثيثة لتحقيق السلام في جنوب السودان من خلال مبادرة (الإيقاد)»، وأكد أن بلاده ملتزمة ببذل المزيد من الجهود لتقديم الدعم الإنساني لشعب جنوب السودان.
وبدأت في الخرطوم، أمس، ولمدة يومين، أعمال الدورة الرابعة عشرة للجنة أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية (السيسا)، لبحث دور هذه الأجهزة في الاستقرار السياسي ومكافحة الإرهاب، بحضور 30 من مديري أجهزة الأمن والاستخبارات الأفارقة وعدد من نواب الرؤساء.
من جهته، أعلن المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات السوداني محمد عطا المولى، أن ممثلاً لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، ووفد من المخابرات الفرنسية، في أعمال المؤتمر، إضافة إلى وفد أمني من دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقال عطا المولى إن «السيسا» دأبت على تقديم الأمن والسلم والاستقرار، ولعب دورٍ متعاظم في تنمية علاقات التعاون بين أجهزة مخابرات القارة والمنظمات المثيلة في بلدان أخرى، مشيراً إلى أن المؤتمر ينعقد في وقت تشهد فيه بلدان أفريقيا ظروفاً أمنية بالغة التعقيد. ونوه بأن المؤتمر يهدف لتحقيق الاستقرار السياسي ومكافحة الإرهاب في القارة، باعتبارها القضايا «الأكثر إلحاحاً» بالنسبة لأجهزة الاستخبارات الأفريقية، وتابع: «بقدر ما حققته (السيسا) وشهدته من تطور مطرد في هياكلها وفكرها المتجدد، وبقدر ما حققت من إنجازات مشهودة، لا تزال بعض دول القارة تشهد كثيراً من التحديات الأمنية».
وأوضح عطا أن انعقاد المؤتمر يهدف لخلق الاستقرار السياسي ومكافحة الإرهاب الذي يضرب مناطق مختلفة من القارة الأفريقية، يضاف إليه النشاطات السالبة للمنظمات غير الحكومية التي تمارس ما سماه «الارتزاق وتجنيد المقاتلين الإرهابيين الأجانب»، وما يترتب على ذلك من أثر سالب على الأمن والسلم في القارة، فيزيد معاناة شعوبها، ويعطل برامج التنمية والاستقرار.
بدوره، قال ممثل المفوضية ومجلس السلم والأمن التابعين للاتحاد الأفريقي إسماعيل شرفي، إن الاجتماع يأتي في وقت تواجه فيه القرارات تهديدات قديمة تحدق بالسلم والأمن، وأخرى جديدة تتمثل في الإرهاب والتطرف العنيف، وتجنيد الشباب للالتحاق بالجماعات الإرهابية، ومن ثم العودة لأفريقيا.
ونوه شرفي بوجود علاقات قوية بين الإرهاب والجريمة المنظمة، المتمثلة في تجارة المخدرات والاتجار بالبشر، التي ترسم «وصمة» لا بد من حشد القوى كافة لوقف أنشطة هذه الجماعات الإجرامية، والتصدي للأسباب الجذرية لهذه الظواهر، مشيراً إلى دور أجهزة الأمن والمخابرات في مكافحتها، والتصدي لها، وتنفيذ أجندة الاتحاد الأفريقي لخلق أفريقيا بلا أسلحة، وإلقاء البنادق والسلاح وإحلال السلام بحلول عام 2020. وأشار إلى أن آلية الاتحاد الأفريقي للتعاون الشرطي (أفريبول) أصبحت جاهزة للعمل، لتحقيق التعاون الشرطي والأمني والتدريب ورفع القدرات الأمنية في الدول الأفريقية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.