انتقادات لسعي الحكومة الفرنسية لإقرار قانون بديل للطوارئ

خبراء دوليون: القانون المرتقب يقضي على الحريات الشخصية

TT

انتقادات لسعي الحكومة الفرنسية لإقرار قانون بديل للطوارئ

تخطط الحكومة الفرنسية لرفع حالة الطوارئ المفروضة على البلاد منذ نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015 في الأول من الشهر نفسه هذا العام. وثمة قناعة عامة، يميناً ويساراً ولدى المجتمع المدني، أنه من «غير المقبول» أن تستمر ديمقراطية كبرى مترسخة كالديمقراطية الفرنسية في العيش في ظل أحكام استثنائية. لكن دوام التهديد الإرهابي الذي حصد 243 قتيلاً، وأوقع مئات الجرحى في الأشهر الثلاثين المنقضية، يدفع الحكومة إلى إيجاد «بديل» يوفر الظروف الضرورية للخروج من حالة الطوارئ، وفي الوقت عينه يعطي الأجهزة الأمنية الأدوات اللازمة من أجل الاستمرار في مكافحة الإرهاب، وتلافي تكرار العمليات الدامية في شوارع باريس والمدن الأخرى.
من هنا، تقدمت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون بمشروع قرار إلى مجلس الشيوخ والنواب، هدفه تعزيز الصلاحيات المعطاة لقوى الأمن، ونقل عدد من التدابير المعمول بها في ظل حالة الطوارئ، وإقرار العمل بها في إطار قانون «عادي» جديد.
وتعود مهمة الدفاع عن مشروع القانون لوزيري الداخلية والعدل. وفي تصريحات للصحافة المحلية، أشار جيرار كولومب، وزير الداخلية، إلى أمرين: الأول الحاجة لـ«قانون يحمي المواطنين الفرنسيين من الإرهاب، باعتبار أن التهديدات ما زالت مرتفعة»، والثاني ضرورة اعتماد سياسيات «بعيدة المدى»، تكون كافية الفعالية، ولا تلزم الحكومة بالبحث عن قوانين جديدة مع كل عملية إرهابية، مما يعني الحاجة لإقرار قانون قوي فاعل.
وقبل العطلة الصيفية، أقر المشروع الحكومي مع بعض التعديلات البسيطة في مجلس الشيوخ أواخر يوليو (تموز) الماضي. وكان من المتوقع أن يقره مجلس النواب من غير صعوبات تذكر، ذلك أن حزب «فرنسا إلى الأمام»، أي حزب الرئيس ماكرون، يتمتع بأكثرية مريحة في البرلمان، قادرة على إقراره من غير الحاجة لأصوات المجموعات الحزبية والنيابية الأخرى. وكانت توقعات الوزيرين المذكورين هي الانتهاء في أقرب وقت من التصويت على مشروع القانون، ليسلك بعدها الطريق التشريعية العادية، أي عملياً: عودته إلى مجلس الشيوخ، وجددا إلى مجلس النواب تشكيل لجنة مشتركة تقر الصيغة النهائية، وبالتالي يمكن التصويت عليه في المجلسين لإقراره نهائياً.
بيد أن حسابات الحقل لم تتطابق مع حسابات البيدر. ومنذ الاثنين الماضي، بدأ النواب في الجلسات العامة بمناقشة بنود المشروع الواحد بعد الآخر. ويوماً بعد آخر، يتبين أن الأمور ليست بالسهولة التي كانت تتصورها الحكومة أو نواب الأكثرية، إذ إن الأصوات المعترضة تجيء من اليمين واليسار، ومن المجتمع المدني، وأيضاً من الخارج، مثل لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ومن جمعيات متعددة. والمأخذ الأول على المشروع الحكومي هو أنه «يؤسس لحالة طوارئ دائمة» في البلاد، باعتبار أن التدابير التي ينص عليها لا تجعله كثير الاختلاف عن حالة الطوارئ.
وثمة 3 أمور أساسية تثير الجدل: فمن جهة، يخول المشروع الحكومي الأجهزة الأمنية بالقيام بعمليات دهم في أي مكان وزمان، والتغيير الوحيد الذي يميزه عن منطوق حالة الطوارئ أنه يسمي عمليات الدهم «زيارات». ومن جهة ثانية، يمكن المشروع الأجهزة الأمنية والإدارية من وضع أشخاص قيد الإقامة الجبرية كما أنه يخولها، من جهة ثالثة، بأن تقوم بإغلاق أماكن العبادة تحت حجج مختلفة، منها نشر الأفكار المتطرفة «من غير تحديد المقصود بذلك)، وطرد أئمة أو أشخاص يمكن اعتبار أنهم يشكلون تهديداً للسلامة العامة.
ووفق الخطة الحكومية، فإنه من المقرر أن ينظر البرلمان مجدداً في القانون في عام 2020 لتقويمه. ومما يدل على حجم المعارضة له أن النواب قدموا 480 تعديلاً عليه. وكان ينتظر أن ينتهي هؤلاء من مناقشة بنوده ليل أمس، على أن يطرح على التصويت في قراءة أولى في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وأن يقر نهائياً ويصدر ويصبح فاعلاً قبل نهاية الشهر المذكور، ما سيمكن الحكومة عندها من وضع حد للعمل بحالة الطوارئ.
وحقيقة الأمر أن الحكومة فوجئت بالمعارضة التي وقفت بوجه المشروع في المجلس النيابي، وأشرسها جاء من النواب المنتمين إلى جبهة «المتمردين» (اليسار المتشدد)، التي يقودها المرشح الرئاسي السابق جان لوك ميلونشون. وقد نصب الأخير نفسه «المعارض الأول» للرئيس ماكرون. وترى هذه الجبهة أن القانون المرتقب يقضي على الحريات الشخصية، ويمنح الإدارة صلاحيات كانت سابقاً تقع ضمن صلاحيات القضاء، كما أنه يطلق ذراع الأجهزة الأمنية.
ويقترب النواب الشيوعيون من هذه المجموعة في انتقاداتهم، إذ يرون في مشروع القانون «نسفاً للقواعد الديمقراطية». وبالمقابل، فإن نواب حزب «الجمهوريون» ينتقدون الحكومة لأن التدابير المنصوص عليها في مشروع القانون «غير كافية لتوفير الحماية للفرنسيين».
ويذهب نواب الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) أبعد من ذلك في انتقاداتهم وهم يطرحون التدابير التي حملتها زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان خلال الحملة الانتخابية في موضوع محاربة التطرف الإسلامي، واحتجاز كل الموجودة أسماؤهم على اللوائح المسماة «S»، أي الذين يشكلون تهديداً أمنياً، وطرد من له علاقة بالتطرف من فرنسا. وتضاف إلى جوقة المحتجين جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان المتعددة، التي تشدد على أن حالة الطوارئ لم تحل دون تواتر العمليات الإرهابية حتى الماضي القريب، وبالتالي لا يمكن أن يكون استنساخها حلاً لمحاربة الإرهاب.
بيد أن الانتقادات جاءت أيضاً من الخارج، وتحديداً من جنيف، حيث تجري اجتماعات مجلس حقوق الإنسان. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن فيونوالا ني أولان، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات في الأمم المتحدة، قولها إن «تطبيع قوانين الطوارئ له عواقب وخيمة على سلامة حماية الحقوق في فرنسا، داخل وخارج سياق مكافحة الإرهاب». في حين اعتبر المقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان ميشال فورست أن «صياغة غامضة» لمشروع القانون، زادت من قلقهم حيال إمكانية استخدام السلطات نفوذها بطريقة تعسفية.
وكان الحقوقي المعني بحقوق الإنسان في فرنسا جاك توبون قد أخذ على المشروع أنه سيسمح بفرض قيود على الحرية الفردية، على أساس الشكوك أو النيات بدلاً من العقاب على الجرائم. لكن رغم انتقادات الداخل والخارج، فالثابت أن الحكومة عازمة في السير بمشروعها، وهي تدفع بأنه لا يمس الحريات الفردية، وأنه يوفر الضمانات للأفراد. وتعتبر الحكومة أن الجدل بين أولوية الحريات والأمن لا مكان له لأن مشروعها يهدف لتوفير الاثنين معاً.



أبرز ردود الفعل الدولية على هجوم نيو أورليانز

شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
TT

أبرز ردود الفعل الدولية على هجوم نيو أورليانز

شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)

أثار هجوم نيو أورليانز، فجر أمس الأربعاء، الذي استهدف محتفلين برأس السنة، وأسفر عن مقتل 15 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات، إدانات دولية.

فيما يأتي أبرزها:

فرنسا

أبدى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تعاطفه «مع الشعب الأميركي الذي نشاطره الألم»، مؤكداً عبر منصة «إكس» أن المدينة التي «ضربها الإرهاب غالية على قلوب الفرنسيين».

وأسس مستعمرون فرنسيون نيو أورليانز، وقد وقع الهجوم في الحي الفرنسي الشهير بالمدينة.

كذلك، قدّم كريستيان إستروسي، رئيس بلدية مدينة نيس الجنوبية التي تعرضت لهجوم دهس عام 2016 أدى إلى مقتل 86 شخصاً، تعازيه.

وقال إن «المأساة التي وقعت في نيو أورليانز، المدينة الشقيقة لنيس، تذكرنا بشكل مؤلم بالمأساة التي شهدناها... أفكارنا مع العائلات والأرواح التي راحت ضحية عملية الدهس في احتفالات منتصف العام الجديد».

المملكة المتحدة

قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، عبر «إكس» إن «الهجوم العنيف الصادم في نيو أورليانز مروع».

وأضاف: «تعاطفي مع الضحايا وعائلاتهم وأجهزة الطوارئ وشعب الولايات المتحدة في هذا الوقت المأسوي».

الصين

قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، خلال مؤتمر صحافي: «صدمنا بهذا الهجوم العنيف»، مضيفة أن «الصين تعارض كل أعمال العنف والإرهاب التي تستهدف المدنيين».

وتابعت: «نحن حزانى على الضحايا، ونعرب عن تعاطفنا مع أسرهم ومع المصابين».

أوكرانيا

قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عبر «إكس» إنه «روّع بالهجوم الذي وقع في نيو أورليانز بالولايات المتحدة الذي أودى بحياة أبرياء وأدى إلى إصابة العديد من الأشخاص».

وأضاف: «نحن على ثقة بأن المسؤولين عن هذا العمل الفظيع سيحاسبون. إن العنف والإرهاب وأي تهديدات لحياة الناس ليس لها مكان في عالمنا، ويجب عدم التسامح معها. نقدم تعازينا الصادقة لأسر الضحايا... أوكرانيا تقف بجانب الشعب الأميركي وتدين العنف».

الاتحاد الأوروبي

عدّت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، عبر منصة «إكس» أن «لا عذر لعنف مماثل»، مبدية «حزنها الكبير».

وأضافت: «نحن نتضامن بشكل كامل مع الضحايا وعائلاتهم خلال هذه اللحظة المأسوية».

الأمم المتحدة

دان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الهجوم «بشدة» و«قدم تعازيه لأسر الذين فقدوا أرواحهم»، «كما تمنى الشفاء العاجل للجرحى» بحسب بيان صادر عن الناطق باسمه.

ألمانيا

قال المستشار الألماني، أولاف شولتس، عبر «إكس»: «إنها أخبار فظيعة من نيو أورليانز».

وأضاف: «أشخاص يحتفلون تؤخذ حياتهم أو يصابون بسبب كراهية لا معنى لها. نحن نحزن مع عائلات الضحايا وأصدقائهم، ونتمنى الشفاء العاجل لجميع المصابين».

إسرائيل

وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عبر «إكس»: «أشعر بحزن كبير إزاء الهجوم الإرهابي في نيو أورليانز».

وأضاف: «أقدم خالص التعازي لأسر الضحايا. أتمنى الشفاء العاجل للمواطنين الإسرائيليين المصابين وجميع الجرحى... لا مكان للإرهاب في عالمنا».

تركيا

قالت وزارة الخارجية التركية في بيان: «نحن نشعر بحزن عميق جراء الهجوم الذي وقع في نيو أورليانز في الولايات المتحدة».

وأضافت: «نتقدم بتعازينا لأسر وأصدقاء الذين فقدوا أرواحهم... نأمل في أن يتم الكشف عن دوافع الهجوم في أقرب وقت ممكن، وأن تتم محاسبة المسؤولين عنه».