الأجانب يتهافتون على مطاري أربيل والسليمانية قبل بدء حظر السفر

تركيا تعتزم عقد قمة ثلاثية مع العراق وإيران لبحث الردود على استفتاء كردستان

مطار أربيل يشهد اكتظاظا للمسافرين قبل يوم من بدء حظر للسفر (أ.ف.ب)
مطار أربيل يشهد اكتظاظا للمسافرين قبل يوم من بدء حظر للسفر (أ.ف.ب)
TT

الأجانب يتهافتون على مطاري أربيل والسليمانية قبل بدء حظر السفر

مطار أربيل يشهد اكتظاظا للمسافرين قبل يوم من بدء حظر للسفر (أ.ف.ب)
مطار أربيل يشهد اكتظاظا للمسافرين قبل يوم من بدء حظر للسفر (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم، اليوم (الخميس)، ان أنقرة تريد عقد قمة ثلاثية مع ايران والعراق بهدف تنسيق الاجراءات الواجب اتخاذها ردا على الاستفتاء حول الاستقلال الذي نظمه إقليم كردستان العراق.
وقال يلديريم ردا على اسئلة الصحافيين "نعتزم ان نلتقي، تركيا وايران والعراق، في مستقبل قريب بهدف تنسيق الاجراءات الواجب اتخاذها".
وأضاف رئيس الحكومة التركية "نرغب في عقد قمة ثلاثية، نعتقد أن هذه الصيغة ستكون أكثر انتاجية". وقال ان "أجهزتنا الدبلوماسية تعمل" على تنظيم هذا اللقاء الثلاثي.
وتأتي هذه التصريحات ردا على إجراء استفتاء حول الاستقلال في اقليم كردستان العراق أثار غضب السلطات التركية.
وتتخوف تركيا التي يقيم فيها 15 مليون كردي من قيام دولة كردية على حدودها في وقت تواجه فيه انقرة تمردا انفصاليا كرديا في جنوب شرقي البلاد.
وهدد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عدة مرات بضرب اربيل اقتصاديا عبر إغلاق انبوب النفط الذي يتم من خلاله تصدير النفط الكردي عبر ميناء جيهان التركي (جنوب).
في هذا الاطار، ورغم العلاقات الحساسة كثف كل من العراق وتركيا وايران الاتصالات في الأيام الماضية.
واتصل يلديريم اليوم بنائب الرئيس الايراني اسحق جهانغيري بحسب ما اوردت وسائل الاعلام التركية غداة مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.
وبدعوة من الحكومة العراقية، أعلنت تركيا تعليق كل رحلاتها من والى كردستان العراق اعتبارا من مساء الجمعة.
وأوصت الخارجية التركية الخميس رعاياها "الذين لا يعتبر وجودهم ضروريا" بمغادرة كردستان العراق "قبل تعليق الرحلات".
وفي تطور لاحق، تهافت الأجانب الذين يعملون في كردستان العراق اليوم نحو مطاري أربيل والسليمانية للسفر قبل بدء تطبيق اجراءات الحظر.
وقال الأردني خضر احمد الذي يعمل في منظمة انسانية دولية، وهو في مطار اربيل ينتظر طائرته المتوجهة الى عمان "عملي انتهى وكنت قررت السفر الاسبوع المقبل، إلا انني أسافر اليوم خوفا من الغاء الرحلات لاحقا".
وأضاف هذا الرجل الاربعيني الطويل بعد ان امضى سنتين في اقليم كردستان "لا اريد ان اجد نفسي عالقا هنا غير قادر على السفر".
وعلى غرار خضر احمد تهافت الكثير من الاجانب ايضا اليوم الى مطار اربيل بعد قرار الحكومة العراقية تعليق الرحلات الدولية اعتبارا من الجمعة من والى المطارين الدوليين في كردستان العراق.
وتأتي اجراءات بغداد ردا على قيام الاكراد بتنظيم استفتاء يوم الاثنين (الماضي)، جاءت نتائجه بنسبة كبيرة لصالح الاستقلال، ما اغضب بغداد.
من جانبها، قالت مديرة مطار أربيل تالار فائق صالح "لا اعتقد ان الامر سيدوم طويلا. يعيش هنا عدد كبير من الاجانب، وهذا الاغلاق لا يطول الاكراد وحدهم".
وتزين مطار اربيل بالكثير من الاعلام الكردية وظهرت لافتة تدعو الى استقلال كردستان. كما شاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية الكثير من الاجانب في المطار ومعهم اكراد ايضا يستعدون للسفر.
وقالت زينات دراون، وهي اميركية من أصل افغاني غادرت بلدها الاصلي بينما كانت في الخامسة من العمر، "نغادر بسبب الاستفتاء واقصد بسبب اقفال المطار، وما الى ذلك". واضافت "اعود الى الولايات المتحدة لان الوضع يزداد توترا هنا ولدي ولدان". وتابعت وهي تحمل جواز سفرها بيدها بقرب ولديها الصغيرين "سأعود الى هنا عندما تهدأ الاوضاع". وكانت تعمل على معالجة النساء اللواتي تعرضن لاعتداءات من تنظيم "داعش" الارهابي.
ومع ان لا شيء يوحي حتى الآن بأن التصعيد العسكري ممكن، فان النواب العراقيين كرروا الاربعاء طلبهم من رئيس الحكومة حيدر العبادي ارسال الجيش الى المناطق المتنازع عليها بين حكومة بغداد والاكراد.
ويبدو ان اكثر ما يقلق المغادرين من الاجانب اليوم هو الخوف من عدم تمكنهم من السفر لاحقا؛ فحكومة كردستان العراق تعطي تأشيرات دخول الى الاجانب غير معترف بها من قبل حكومة بغداد، وهذا يعني ان الاجانب لا يحق لهم الانتقال من مناطق الاكراد الى مناطق سيطرة الحكومة العراقية.
ومع التوقف المرتقب للرحلات الجوية من مطاري اربيل والسليمانية الدوليين سارع الكثير من العاملين في المجال الانساني والصحافيين وعمال البناء من الذين لا يحملون تأشيرة سفر عراقية رسمية الى السفر خوفا من ان يجدوا انفسهم عالقين.
ودعت قنصلية فرنسا مواطنيها "الذين لا يحملون تأشيرات دخول من الحكومة العراقية الى مغادرة كردستان العراق قبل الجمعة".
وأضافت صالح "في كردستان العراق هناك قنصليات وشركات دولية والكل سيتأثر جدا، القرار سيئ".
وشوهدت في منطقة اخرى من المطار مجموعة من العمال الهنود وهم جالسون على حقائبهم يستعدون للسفر.
وقال احدهم وهو كهربائي في الثانية والثلاثين من العمر "شركتي أبلغتني امس انه يتعين علي ان اعود الى بلادي، لأنه من غير المعروف ما قد يحصل هنا، وقد اجد نفسي عالقا عاجزا عن السفر". وختم قائلا "مضى عام على وجودي هنا وأنا بالتالي سعيد بالعودة الى عائلتي".



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.