واشنطن تفعّل اتفاقيات تعاون مع مصر لتجاوز أزمة «خفض المعونة»

TT

واشنطن تفعّل اتفاقيات تعاون مع مصر لتجاوز أزمة «خفض المعونة»

وقّعت مصر والولايات المتحدة اتفاقيات تعاون اقتصادي جديدة أمس، تتضمن تعديلات للمساعدات الثنائية، بقيمة تزيد على 121 مليون دولار أميركي، فيما بدا أنه مسعى منهما لتجاوز الآثار السلبية لقرار واشنطن خفض قيمة المعونة السنوية المقدمة إلى مصر الشهر الماضي.
واعتبرت سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي في مصر، هذه الاتفاقيات «نتاجا للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الأميركي في نيويورك الأسبوع الماضي»، في حين أكدت شيري كارلين، مديرة الوكالة الأميركية للتنمية، أنها «تعكس الشراكة القوية والدائمة مع مصر».
وكانت الحكومة الأميركية قد قررت في أغسطس (آب) الماضي تعليق 95.7 مليون دولار من المساعدات المقدمة إلى مصر، وتأجيل أخرى قيمتها 195 مليونا، بسبب ما اعتبرته «إخفاق مصر في إحراز تقدم في ملفي احترام حقوق الإنسان والديمقراطية»؛ وهو ما أثار ردود فعل غاضبة في مصر، وتلويحاً بانعكاسات سلبية على العلاقات بين البلدين.
وخلال لقائه السيسي الأسبوع الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال ترمب إن «الولايات المتحدة ستدرس استئناف بعض المساعدات المعلقة لمصر».
وأعلنت أمس وزيرة التعاون الدولي المصري توقيعها في القاهرة مع مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ثماني اتفاقيات للتعاون الاقتصادي بقيمة 121.6 مليون دولار في قطاعات الاستثمار والتعليم والصحة والزراعة والمياه.
وأشارت الوزيرة إلى أن هذه الاتفاقيات تأتي نتاج لقاء السيسي وترمب، وما تم الاتفاق عليه حول التعاون الاقتصادي بين البلدين، موضحة أن هذا التوقيع يعد تأكيدا على العلاقة الاستراتيجية والقوية بين مصر وأميركا، وأن هذه الاتفاقيات مبنية على أولويات الشعب المصري واحتياجاته، ووفق البرنامج الاقتصادي لمصر، ودعم أكثر للمحافظات الأكثر احتياجا، والتمكين الاقتصادي للشباب والمرأة.
وأوضحت نصر، أن الاتفاقيات عبارة عن اتفاقية منحة المساعـدة بشأن تحسين النتائج الصحية بقيمة 6 ملايين دولار، يصل إجمالي مساهمة الجانب الأميركي فيها إلى 29 مليون دولار، مع تاريخ انتهاء الاتفاقية في 2022، واتفاقية منحة دعم الحلول المتكاملة للمياه بقيمة 50.8 مليون دولار؛ بهدف زيادة توافر المياه الصالحة للشرب وتحسين جودتها.
وذكرت الوزيرة، أن الاتفاقيات تضمنت اتفاقية مساعدة التعليم الأساسي - المرحلة الثانية، بقيمة 13 مليون دولار، واتفاقية المرحلة الثانية لمبادرة التعليم العالي المصرية الأميركية بقيمة 27 مليون دولار، والجزء الثاني لاتفاقية التعاون المصري - الأميركي للعلوم والتكنولوجيا بقيمة 4 ملايين دولار.
كما أشارت الوزيرة إلى أن باقي الاتفاقيات تتضمن الجزء الثاني لاتفاقية الأعمال الزراعية للتنمية الريفية وزيادة المدخول، بقيمة 12 مليون دولار، والجزء الثاني لاتفاقية تحفيز التجارة والاستثمار في مصر، بقيمة 5.1 مليون دولار، والجزء العاشر لاتفاقية مبادرات الإدارة الحكومية وبرنامج المشاركة، بقيمة 3.6 مليون دولار.
من جانبها، قالت مديرة الوكالة الأميركية: إن «هذه الاتفاقيات تعكس شراكتنا القوية والدائمة وتأثير جهودنا المشتركة في صالح شعب مصر»، مضيفة «إننا نعمل جنبا إلى جنب مع وزارة الاستثمار والتعاون الدولي على تعزيز ركائز الاستقرار والازدهار في مصر... وعلى مدى ما يقرب من أربعة عقود أقام الشعب الأميركي شراكات مع الشعب المصري لتعزيز الاعتماد على الذات، ودعم الاستقرار والنمو الاقتصادي، والحد من الفقر، وقد وفر برنامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في مصر نحو 30 مليار دولار منذ عام 1978 وحتى الآن لدعم وتطوير خدمات الصحة والتعليم والتوظيف للسكان».
من جانبه، قال الدكتور محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والمتخصص في العلاقات المصرية الأميركية، لـ«الشرق الأوسط»: إن هذه الاتفاقيات جزء من المعونة الأميركية التي تقدم إلى مصر سنويا منذ توقيعها معاهدة السلام مع إسرائيل 1979، التي تقدر بـ2.1 مليار دولار»، موضحا «أنها بعيدة عن قرار التخفيض، لكنها عبارة عن مبالغ تم تخصيصها من قبل لمشاريع ولم تنفذ، حيث جمدت واشنطن الكثير من المنح بسبب التوترات السياسية في مصر خلال السنوات الماضية».
وأشار كمال إلى أن «تفعيل هذه الاتفاقيات في الوقت الراهن، بعد قرار التخفيض الذي أثار غضب القاهرة، يأتي للتأكيد على أهمية العلاقة الاستراتيجية مع مصر، وأن الإدارة الأميركية تريد امتصاص هذا الغضب».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.