لماذا يسرق الحوثيون مِنا أحلامنا البسيطة؟

مقتطفات من كتاب «اليمن بلدي أنا» لسام الغباري

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

لماذا يسرق الحوثيون مِنا أحلامنا البسيطة؟

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

عن مكتبة مدبولي المصرية يصدر قريبا كتاب يوثق باكراً الحرب الدائرة في اليمن بعنوان «اليمن... بلدي أنا» للصحافي والكاتب السياسي سام الغباري. ويدافع الكتاب ـ بحسب وصف الناشر ـ «عن «الهوية اليمنية من التجريف المتعمد الذي تمارسه ميليشيات الحوثيين العرقية بالعنف والدم ديموغرافياً وإنسانياً ودينياً». ويظهر المؤلف في هذا الكتاب، كما يضيف الناشر، «كشاهد عيان لمجريات أحداث عاصرها بنفسه ابتداءً من السجن في أقبية ميليشيا الحوثيين الإرهابية، ومروراً بالهجرة القسرية خارج بلاده، ليكتب تفاعلاته الدائمة وتحليلاته للأحداث الدموية ومشاورات السلام الفاشلة بين الحكومة الشرعية والمتمردين... إنه لا يقدم مادة تاريخية فحسب؛ وإن كانت مادته جزءا من التاريخ، بل اتكئ على مشاهد حية ومتحركة وناطقة».
يقع الكتاب الذي تم تقسيمه إلى ستة أبواب في 501 صفحة من القطع المتوسط.
سام الغباري كاتب وصحافي يمني، من مواليد 1980، عمل مديراً عاماً للإدارة العامة للإعلام بجامعة ذمار، ثم مستشاراً لرئيس الوزراء اليمني، وكان من الصحافيين الذين اختطفهم الحوثيون عقب ساعات من إعلانهم السيطرة الكاملة على العاصمة صنعاء في فبراير (شباط) 2015، يعيش حاليا في العاصمة السعودية الرياض مع عائلته.
وهنا مقتطفات محررة من الكتاب:
الدولة اليمنية تستعيد أراضيها من يد المتمردين الحوثيين. هل هناك معترض على ذلك؟، هذا ما يحدث الآن بمساعدة قوات التحالف العربي، أعتقد أن الأمر مستفز لمن لا يعون كارثية أن اليمن أصبح محتلاً من قبل خلية إيران الأمنية المعروفة اصطلاحا باسم «أنصار الله»، وأن جيش الدفاع العربي المشترك أصدر لأول مرة في تاريخه قراره الحازم بالمشاركة الجوية بناءً على طلب عاجل من الرئيس عبد ربه منصور هادي، للتدخل في اليمن وتدمير القدرات العسكرية لتلك الخلية الإيرانية التي سيطرت على أسلحة البلد الفقير بصورة مفاجئة وغير متوقعة، دفعت بعناصر قوات الحرس الجمهوري لقصف عدن الجميلة، والمرور على المعسكرات الوطنية الرافضة للانقلاب لإخضاعها ونسفها وإرسال الصواريخ العشوائية على المواطنين العُـزل في مختلف المناطق اليمنية التي قاومت ذلك المشروع البغيض، أو التي استسلمت بخيانات قاداتها ومسؤوليها الأمنيين والعسكريين.
الرئيس هادي يستعيد اليوم دولته ويُـشكل جيشه الجديد بتدمير كل قدرات الجيش السابق الذي خانه ولم يحترم نفسه ودوره الوطني أو تراتبيته العسكرية وقَسمه الدستوري بحماية الجمهورية والوحدة والثوابت الوطنية. أتكلم بألم عن مواطنين يمنيين أشاهدهم صغاراً يرتدون بزات الجنود ويذهبون كالقطيع للموت في محارق المقاومة التي أشعلت من فوقهم ومن تحتهم نار جهنم، وكان على الذين يلقون بأولادهم إلى التهلكة أن يحذروا من عواقب تلك النيران التي ستذهب بهم وعوائلهم إلى الجحيم.
قرأنا كثيراً عن العروبة، وعن التاريخ المشترك والأرض واللغة، ووجدنا أن الخائنين الحوثيين يهتكون عذرية العقل والدولة والفكر اليمني العربي الأصيل باستئجار فرق اغتيالات أكاديمية وثقافية لتحويل جرائمهم إلى بطولات نقية خارقة، وتلك كارثة العدوان النازف التي أوجبت على كل حر في هذه الأرض الطيبة أن يجعل المقاومة خياره الاستراتيجي، إلا أني ألجأ إلى السلام والأمن، فكلنا يعرف كم هم الحوثيون مجرمون وناهبون ولصوص تاريخ وناهبون وقحون لكل ما في هذا البلد التعيس من قدرات وموارد، نعرف أنهم قتلوا ودمروا وطاردوا ولاحقوا كل معارض لهم، استبدوا بقدرتهم العسكرية الفجة، ولم يمنحوا اليمنيين مذ ظهورهم أملاً واحداً في البناء والسلام، فلم يراعوا مال الدولة ولا جيب المواطن ولا نفط الوطن، لم يمنحونا الضوء من أول يوم دخلوا فيه إلى صنعاء، كل من اعترض أو تبرم أو كتب منشوراً معادياً على مواقع التواصل الاجتماعي اعتقلوه وعذبوه، كل من وصفهم بالبغي والشرور اختطفوه ونهبوا ممتلكاته ودمروا منزله، إنهم يوقظون في الروح الميتة لعنة الغضب، وتراجيديا الألم، فكروا معي... كم عدد الأرامل التي بكت وانتحبت على قراها وعيالها ومدنها ودورها؟ كم هم الآباء الذين أيقظ فيهم الحوثيون نار الكراهية وبشاعة الانتقام وغريزة الثأر المجنون، الحوثيون يحولون كل من يقع تحت تأثيرهم إلى وحش قاتل وبائس. اذهبوا إلى مناطق صعدة ودماج وعمران وصنعاء وإب ويريم وذمار وحجة والمحويت وعدن وتعز. أطرقوا كل باب واسألوا كل عجوز، وكل فتاة، ستبكي الأرض، وتنتحب السماء، ويهتز عرش الإنسانية وضمير العالم الأبكم، وهو يريد تحويل بلادنا إلى قوات متضاربة وحشية لعينة، يريد ليمننا مستقبلاً بلا أمن أو حياة، يريد الحوثيون نسخة مكررة من «داعش» العراق، أو سوريا، فإن لم نقبل به أرسلوا علينا الدواعش، بتبديل الشعار من أنصار إلى الله إلى أنصار الشريعة، وقد صار البحث عن «داعش» الطريق الأسهل لكل أفاك أثيم.
لماذا يسرق الحوثيون مِنا هذه الأحلام البسيطة، ويظلموننا؟، لماذا حين أردنا أن نقاومهم صرنا خائنين وفاسدين؟، وما كنا كذلك ولن نكون. لماذا حين استعانت عدن ومدن الجنوب والوسط بالغوث العربي؟، صرخ أخي الذي يقتلني، أنت خائن يا فتى...! ويسألني وهو يذبحني: لماذا لا تريدني أن أقتلك.؟ لقد منع التحالف العربي الحوثيين من شهوة القتل والتدمير التي أدمنوا عليها، فلا تأسفوا على القتلة، وابكوا الأبرياء الذين يتساقطون بلا ثمن سوى أنهم عبروا أمام كل هذا الدمار الذي يجب أن يتوقف، وما كان لهم أن يعبروا إلا أنهم أرادوا الموت على أسرّتهم بهدوء، بعيداً عن أسلحة الحوثيين، فما سمح لهم أحد بذلك، ما أجمل أن تموت مطمئناً على فراشك، بلا بندقية أو جهاد زائف، أن تموت في مدينتك فلا تقتحم مدن الآخرين ولا مؤسسات الدولة، ولا تغتصب شيئا، أن تمارس الحلال في كل شيء، إنه حُـلمي... الموت بهدوء والدفن بجوار قبر أمي!


مقالات ذات صلة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

ثقافة وفنون أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية

سحر عبد الله
يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر
TT

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

هي رواية تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، تحمل اسم «عورة في الجوار»، وسوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر والتوزيع، وتقع في 140 صفحة.

عن عوالمها وفضائها السردي، يقول تاج السرّ لـ«الشرق الأوسط»: «تروي هذه الرواية التحولات الاجتماعية، وحياة الريف المكتنز بالقصص والأساطير، وانتقال البلد إلى (العصرنة) والانفتاح ورصد التأثيرات الثقافيّة التي تهبّ من المدن إلى الأرياف، لكنها ترصد أيضاً تأثير الأوضاع السياسية المضطربة في السودان على حياة الناس العاديين وما تسببه الانقلابات العسكرية من معاناة على السكان المحليين، خاصة في الأرياف... إلى جانب اهتمامها بتفاصيل الحياة اليومية للناس، في سرد مليء بالفكاهة السوداء».

حمل غلاف الرواية صورة الكلب، في رمزية مغوية إلى بطل الرواية، الذي كان الناس يطلقون عليه لقب «كلب الحرّ» كتعبير عن الشخص كثير التنقلّ الذي لا يستقرّ في مكان. كان كثير التنقّل حيث يعمل سائق شاحنة لنقل البضائع بين الريف والعاصمة وبقية المدن، والزمان هو عام 1980، وفي هذا الوقت يلتقي هذا السائق، وكان في العشرينات من عمره بامرأة جميلة (متزوجة) كانت تتبضع في متجر صغير في البلدة التي ينحدرُ منها، فيهيمُ فيها عشقاً حتى إنه ينقطع عن عمله لمتابعتها، وتشمم رائحتها، وكأنها حلم من أحلام الخلود.

وعن الريف السوداني الذي توليه الرواية اهتماماً خاصاً، ليس كرحم مكاني فحسب، إنما كعلاقة ممتدة في جسد الزمان والحياة، مفتوحة دائماً على قوسي البدايات والنهايات. يتابع تاج السر قائلاً: «الريف السوداني يلقي بحمولته المكتنزة بالقصص والأساطير حتى الفانتازيا في أرجاء الرواية، حيث ترصد الرواية ملامح وعادات الحياة الاجتماعيّة... لتنتقل منها إلى عالم السياسة، والانقلابات العسكرية والحروب الداخلية، حيث تسجل صراعاً قبلياً بين قبيلتَين خاضتا صراعاً دموياً على قطعة أرض زراعية، لا يتجاوز حجمها فداناً واحداً، لكنّ هذه الصراعات المحلية تقود الكاتب إلى صراعات أكبر حيث يتناول أحداثاً تاريخيّة كالوقائع العسكريّة والحروب ضدّ المستعمِر الإنجليزي أيّام المهدي محمد أحمد بن عبد الله بن فحل، قائد الثورة المهديّة، ومجاعة ما يعرف بـ(سنة ستّة) التي وقعت عام 1888، حيث تعرض السودان عامي 1889 – 1890 إلى واحدة من أسوأ المجاعات تدميراً».

وعلى الصعيد الاجتماعي، ترصد الرواية الغزو الثقافي القادم من المدن إلى الأرياف، وكيف استقبله الناس، خاصة مع وصول فرق الموسيقى الغربية، وظهور موضة «الهيبيز»، وصولاً إلى تحرر المرأة.

رواية جديدة تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، سوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر.

يشار إلى أن أمير تاج السر روائي سوداني ولد في السودان عام 1960، يعمل طبيباً للأمراض الباطنية في قطر. كتب الشعر مبكراً، ثم اتجه إلى كتابة الرواية في أواخر الثمانينات. صدر له 24 كتاباً في الرواية والسيرة والشعر. من أعماله: «مهر الصياح»، و«توترات القبطي»، و«العطر الفرنسي» (التي صدرت كلها عام 2009)، و«زحف النمل» (2010)، و«صائد اليرقات» (2010)، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2011، تُرجمَت أعماله إلى عدّة لغات، منها الإنجليزيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والإسبانيّة والفارسيّة والصينيّة.

نال جائزة «كتارا» للرواية في دورتها الأولى عام 2015 عن روايته «366»، ووصلتْ بعض عناوينه إلى القائمتَين الطويلة والقصيرة في جوائز أدبيّة عربيّة، مثل البوكر والشيخ زايد، وأجنبيّة مثل الجائزة العالميّة للكتاب المترجم (عام 2017 بروايته «العطر الفرنسي»، وعام 2018 بروايته «إيبولا 76»)، ووصلت روايته «منتجع الساحرات» إلى القائمة الطويلة لجائزة عام 2017.

صدر له عن دار «نوفل»: «جزء مؤلم من حكاية» (2018)، «تاكيكارديا» (2019) التي وصلتْ إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب (دورة 2019 – 2020)، «سيرة الوجع» (طبعة جديدة، 2019)، «غضب وكنداكات» (2020)، «حرّاس الحزن» (2022). دخلت رواياته إلى المناهج الدراسيّة الثانويّة الإماراتيّة والبريطانيّة والمغربية.