الجيش اليمني يستعيد مدينة سيئون بعد هجوم كبير لـ«القاعدة» خلف 28 قتيلا

فشل اجتماع بين وزير الدفاع والحوثيين بصنعاء

الجيش اليمني يستعيد مدينة سيئون بعد هجوم كبير لـ«القاعدة» خلف 28 قتيلا
TT

الجيش اليمني يستعيد مدينة سيئون بعد هجوم كبير لـ«القاعدة» خلف 28 قتيلا

الجيش اليمني يستعيد مدينة سيئون بعد هجوم كبير لـ«القاعدة» خلف 28 قتيلا

استعادت قوات الجيش اليمني السيطرة على مدينة سيئون بحضرموت جنوب شرقي البلاد، بعد هجوم كبير شنه مسلحون من تنظيم «القاعدة»، على المقرات الحكومية والعسكرية بالمدينة، مساء الجمعة، واستمر حتى صباح السبت، وقتل خلال هذه المواجهات أكثر من 28 شخصا، منهم 12 جنديا من الجيش والأمن، و16 مسلحا من القاعدة، إضافة إلى جرح العشرات.
ويأتي هذا الهجوم الذي قاده جلال بلعيدي المرقشي، المعروف باسم حمزة الزنجباري، بعد نحو شهر من شن الجيش حربا على معاقل تنظيم القاعدة في محافظات شبوة، وأبين.
وذكر قائد المنطقة العسكرية الأولى اللواء الركن محمد الصوملي في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»: «إن عناصر إرهابية، بينهم أجانب، هاجموا عددا من المقرات العسكرية والمدنية، ونهبوا بنوكا، وتصدت لهم قوات الجيش والأمن، وقتلت أكثر من 16 مسلحا بينهم أجانب، فيما قتل من الجيش والأمن 12 جنديا». وقال الصوملي: «إن المدينة أصبحت تحت السيطرة، بعد دحر الإرهابيين، وتجري حاليا ملاحقة العناصر الفارة، في المناطق المحيطة بالمدينة»، مشيرا إلى أن المواجهات مع مسلحي القاعدة، استمرت سبع ساعات، بدأت الساعة الحادية عشرة مساء الجمعة، حتى الساعة السادسة من صباح السبت». وأكد القائد العسكري الصوملي، وجود علاقة لتنظيم القاعدة بالحراك المسلح في الجنوب، وقال: «الحراك المسلح له مصلحة فيما يجري، ولا أستبعد أن يكون هناك تنسيق بينهم وبين العناصر الإرهابية»، داعيا كل المواطنين في المحافظة للتعاون مع الدولة والجيش، وإبلاغ الأجهزة الأمنية، عن أي عناصر مشتبه بها».
وأعلنت وزارة الدفاع هوية بعض قتلى «القاعدة»، وقال موقعها الإلكتروني، إن من بينهم سعوديين اثنين هما فيصل العفيفي وفواز الحربي. وأوضحت اللجنة الأمنية بمحافظة حضرموت، أن هجوم سيئون، «ردة فعل همجية انتقامية، بعد الضربات الموجعة التي تلقتها عناصر تنظيم القاعدة في محافظتي أبين وشبوة»، ولفت إلى أن الهجمات تركزت على مجمع الدوائر الحكومية والبنك المركزي اليمني، والبنك الأهلي ، ومكتب البريد وقيادة المنطقة العسكرية الأولى وقيادة الأمن العام وإدارة المرور ومقر الأمن القومي، مستخدمين في ذلك الأسلحة المتوسطة، وقذائف صاروخية، وسيارات مفخخة.
وقال سكان محليون وناشطون، في مدينة سيئون التي تحيط بها سلاسل جبلية، إن دوي انفجارات عنيفة، واشتباكات شهدتها المدينة، منتصف ليل الجمعة، وشوهدت مقرات حكومية وعسكرية تحترق، فيما نشر ناشطون صورا للقيادي في تنظيم القاعدة، جلال بلعيدي، المعروف باسم حمزة الزنجباري، رافعا علم وشعار التنظيم، أمام مقرات حكومية، ويعرف عن بلعيدي أنه كان أمير التنظيم في محافظة أبين، عام 2011.
وفي سياق الحرب بين الجيش وجماعة الحوثيين، في محافظة عمران شمال البلاد، استمرت المواجهات المسلحة، في عدة أجزاء بمحيط مدينة عمران، وهاجم مسلحو الحوثي عدة قرى بمديرية عيال سريح، كما فجروا منازل مشائخ قبليين، ومساجد، بقرية ذيفان، فيما هزت انفجارات عنيفة أرجاء المدينة، مع انقطاع الكهرباء، ووصول تعزيزات كبيرة للطرفين.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر عسكرية، أن اجتماعا بين قيادة وزارة الدفاع وممثل عن الحوثيين، في العاصمة صنعاء، أمس، لبحث وقف إطلاق النار، فشل بعد رفض الحوثيين إيقاف إطلاق النار، وقالت المصادر، إن وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر أحمد، التقى مع الشيخ صالح الوجمان، ممثلا عن زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، بحضور لجنة الوساطة الرئاسية، وطالب الحوثيون من الوزير إقالة قيادات عسكرية ومحلية بالمحافظة، منها قائد اللواء 310 اللواء حميد القشيبي، المقرب من المستشار العسكري الجنرال علي محسن، وإقالة المحافظ محمد حسن دماج، المنتمي إلى حزب الإصلاح، وهو ما رفضه وزير الدفاع، مؤكدا أن قرار التغيير قرار سيادي، بيد رئيس الجمهورية ولا يحق لأي جهة أن تطالب بذلك، وأشارت المصادر إلى أن الوزير حذر الحوثيين من استمرار الاعتداءات على قوات الجيش والأمن، مؤكدا أن قوات الجيش في عمران، تابعة للدولة ولن تكون محسوبة على أي طرف، ولفت إلى أن الجيش لن يقف مكتوف الأيدي إزاء استمرار الاعتداءات، مطالبا الحوثيين، بالتوقف عن استهداف المواقع العسكرية، والانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها أخيرا، وهو ما أثار غضب ممثل الحوثيين، الذي هاجم الوزير واتهمه بالانحياز، ضدهم، لينسحب من الاجتماع بعدها. وكانت اللجنة الرئاسية أعلنت في بيان صحافي، عن توجيهات من الرئيس هادي، لجميع الأطراف في محافظة عمران، بوقف إطلاق النار، اعتبارا من الجمعة، وقال رئيس اللجنة، العميد الركن قائد العنسي في بيان نشرته وكالة الأنباء الحكومية، إن: «اللجنة ستشرف على تثبيت وقف إطلاق النار واتخاذ الإجراءات اللازمة في حال خرق أي طرف لما جرى الاتفاق عليه».



​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
TT

​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كان الصياد اليمني محمد يحصل بسهولة على رزقه اليومي، وتوفير احتياجات أسرته الغذائية، حيث يذهب إلى البحر في سواحل محافظة شبوة الواقعة إلى الشرق من مدينة عدن، لكن هذا الأمر أصبح صعباً بعد أن اضطر للجلوس بجوار طفله الذي أصيب بالكوليرا.

تعلّم محمد الصيد في سن مبكرة، وورث معرفة البحر من أسلافه، ويُكافح لتوفير احتياجات أسرته المكونة من تسعة أفراد، حيث تقع قرية حورة التي يسكنها على بُعد 50 كيلومتراً من أقرب مركز طبي، وكانت هذه الرحلة تمثل سفراً مرعباً لمعظم القرويين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف التنقل أو العلاج. ويقول الرجل إنه عندما يمرض أحد من السكان، يصبح توفير الرعاية الصحية اللازمة له عبئاً ثقيلاً.

اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا بعد تسجيل أكثر من 100 ألف إصابة (الأمم المتحدة)

وتؤكد الأمم المتحدة أن عودة انتشار الكوليرا تسبب في تسجيل عشرات الآلاف من حالات الاشتباه، منها أكثر من 30 ألف حالة منذ بداية العام، ورصدت ازدياد عدد الحالات في محافظة شبوة بشكل مُلاحظ ضمن أكثر الفئات ضعفاً ممن لديهم وصول محدود للخدمات الصحية الأساسية أو ليس لهم القدرة على الوصول إلى هذه الخدمات أصلاً.

وفي حين أن الأمطار الغزيرة والفيضانات زادت من انتشار الكوليرا، يذكر الصياد أنه شهد وفاة امرأة في الطريق إلى أقرب مركز صحي بسبب توقف الحركة بفعل الفيضانات الأخيرة، ولهذا ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أنها استجابت لهذه الأزمة وقامت بإعادة فتح مركز «حورة» الطبي الذي صُمم لمعالجة مجموعة واسعة من المشكلات الصحية، مع التركيز بشكل رئيسي على الكوليرا.

تطوع مجتمعي

بينت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير حديث أنه وفي سبيل تمكين المجتمعات أسهمت جهودها في مكافحة الكوليرا بأكثر من مجرد تقديم الخدمات الطبية، حيث حشدت فريقها من متطوعي المجتمع المحلي لرفع الوعي بمكافحة الوباء، والالتزام بمساعدة المجتمعات في إدارة مواجهة تفشيه.

وتقول المتطوعة جميلة إنها تأثرت بشدة بمعاناة المجتمع، لذا قررت أن تصبح عاملة صحية لمساعدتهم. وذكرت أنه وطوال فترة تفشي الكوليرا تضمنت الأهداف الرئيسية تقديم الخدمات الصحية الأساسية، وتحسين الثقافة الصحية للمجتمع، والترويج لممارسات الصحة العامة، من خلال المتطوعين الذين ساعدوا بشكل كبير في تقديم الإرشادات الصحية العامة.

متطوعون يمنيون يتولون توعية السكان بطرق الوقاية من الكوليرا (الأمم المتحدة)

ووفق التقرير الأممي، فإن تغيير ممارسات المجتمع والتأسيس لعادات جديدة كانت مهمة مليئة بالتحديات، ولكن هِمّة المتطوعين كانت عالية، وإنه ومن خلال الزيارات المنزلية، شجعوا العائلات على تنفيذ أنشطة تحمي صِحتهم وسلامتهم، ابتداء من الترويج للوعي بنظافة اليدين وانتهاء بالدعوة لتطبيق ممارسات المياه النظيفة، وتعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية.

وبحسب الهجرة الدولية بدأت فرق التطوع أنشطتها في مركز «حورة» الطبي، ولكن تفشي الكوليرا تعدى سكان القرية، حيث أثر أيضاً على المهاجرين من القرن الأفريقي الذين يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، وللتعامل مع هذه الاحتياجات طلبت المنظمة مساعدة فرقها الطبية المتنقلة الموجودة على طرق الهجرة الرئيسية.

تعاون وثيق

طبقاً لما ذكرته منظمة الهجرة الدولية، فإنها وبالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن والمكاتب الصحية المحلية، وسّعت جهودها بشكل مستمر لتقديم المساعدات الفورية للمناطق المتأثرة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد.

وتضمنت استراتيجية المنظمة إيجاد خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة داخل المراكز لمنع انتقال العدوى بين المرضى والطاقم الطبي. وتقديم أجهزة الكلورة ذاتية العمل، ومواد معالجة المياه، وحقائب النظافة والتعامل مع الكوليرا للمجتمعات الضعيفة.

وزير الصحة اليمني يتفقد مركز عزل الكوليرا في محافظة أبين (إعلام حكومي)

وتبين «الهجرة الدولية» أن المتطوعين في مركز «حورة» الطبي تعاملوا مع المشاكل الصحية الفورية بخاصة الكوليرا، ولم يقتصر دورهم على إحداث تغيرات إيجابية لتعزيز الرعاية الصحية للجماعات الضعيفة فحسب، ولكن ومنذ بدء التفشي، كان المتطوعون يقدمون خدمات الرعاية الصحية والجلسات التثقيفية للنساء والأطفال والرجال الذين لطالما حُرموا من هذه الخدمات في السابق.

وتواصل الحكومة اليمنية الكفاح بالتعاون مع المنظمات الدولية لمواجهة هذا الوباء، خاصة مع بدء موسم الأمطار الحالي، إذ سارعت إلى افتتاح مراكز لعلاج حالات الإصابة بالكوليرا في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرتها، إلا أن الحوثيين يواصلون التكتم على أرقام الإصابات ويرفضون تخصيص مراكز لعلاج هذا الوباء.

وتظهر أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية أن عدد الإصابات في مناطق سيطرة الحوثيين بلغت أكثر من 93 ألف حالة، حتى مطلع شهر يوليو (تموز) الحالي، فيما تم تسجيل بقية الحالات وتمثل نسبة 17 في المائة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.