ماكرون يقول إن أوروبا «ضعيفة جداً وبطيئة جداً وغير فاعلة»

يقترح تشكيل قوة تدخل أوروبية مشتركة بحلول سنة 2020

الرئيس الفرنسي يلقي خطابه في جامعة السوربون في باريس وكان موضع ترقب شديد (رويترز)
الرئيس الفرنسي يلقي خطابه في جامعة السوربون في باريس وكان موضع ترقب شديد (رويترز)
TT

ماكرون يقول إن أوروبا «ضعيفة جداً وبطيئة جداً وغير فاعلة»

الرئيس الفرنسي يلقي خطابه في جامعة السوربون في باريس وكان موضع ترقب شديد (رويترز)
الرئيس الفرنسي يلقي خطابه في جامعة السوربون في باريس وكان موضع ترقب شديد (رويترز)

منذ فترة والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ينوي تقديم برنامج إصلاحي لأوروبا، التي وصفها أمس الثلاثاء بأنها «ضعيفة جداً وبطيئة جداً وغير فاعلة»، لكنه اعتبر أنه من الضروري أيضاً إنهاضها في مواجهة «التحديات الكبرى» في العالم. واقترح تعزيز الدفاع والأمن الأوروبيين عبر إنشاء «قوة تدخل مشتركة» أوروبية، واعتماد موازنة دفاع مشتركة، و«عقيدة مشتركة» للتحرك. واعتبر ماكرون في خطاب مهم حول مستقبل الاتحاد الأوروبي أن أوروبا أصبحت «ضعيفة جداً وبطيئة جداً»، وتحتاج إلى أن تكون «ذات سيادة ومتحدة وديمقراطية».
وعرض ماكرون رؤيته حول «تحول عميق» للاتحاد الأوروبي، وكشف عن سلسلة مقترحات تقوي التكتل سياسياً، وترسي قوانين مشتركة في مختلف أنحاء القارة. وقال الرئيس عند عرض اقتراحاته للنهوض بالمشروع الأوروبي إن «أوروبا وحدها يمكنها أن تعطينا قدرة تحرك في العالم في مواجهة تحديات العصر الكبرى». وطالب أيضا في الخطاب الذي ألقاه في جامعة السوربون في باريس وكان موضع ترقب شديد، وأوردت الوكالة الفرنسية مقتطفات منه، إنشاء أكاديمية أوروبية للاستخبارات ونيابة أوروبية لمكافحة الإرهاب وقوة مشتركة للدفاع المدني لمواجهة الكوارث الطبيعية، إلى جانب مكتب أوروبي للجوء وشرطة أوروبية للحدود.
من جانب آخر، اقترح ماكرون إنشاء وكالة أوروبية للإبداع قادرة على تمويل مجالات بحث جديدة من تلقاء نفسها. وأشار على سبيل المثال إلى الوكالة الأميركية للأبحاث العسكرية التابعة لوزارة الدفاع المكلفة بتطوير تكنولوجيات جديدة وكانت في السبعينات وراء قيام الإنترنت.
وسارع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر إلى الترحيب بخطاب ماكرون وشكره على «دعمه لعمل مؤسسات» الاتحاد الأوروبي. وكتب يونكر على «تويتر»: «خطاب أوروبي جدي من صديقي إيمانويل ماكرون»، مضيفا: «أوروبا بحاجة إلى الشجاعة». واقتراحات ماكرون لإنهاض الاتحاد الأوروبي في فترة ما بعد خروج بريطانيا، تشمل خططا لتعيين وزير مالية لمنطقة اليورو، إلى جانب موازنة مشتركة وبرلمان، وكذلك إنشاء قوة تدخل سريع أوروبية.
واعتبر ماكرون أن بريطانيا التي تتفاوض حاليا مع الاتحاد الأوروبي للانسحاب منه ستكون لها «مكانة» في أوروبا بعد «إعادة تأسيسها» في غضون بضع سنوات إذا رغبت بذلك. وقال الرئيس الفرنسي: «في هذا الاتحاد الأوروبي الذي يعاد النظر به والمبسط والذي اقترحه، لا أتصور أن بريطانيا لن تتمكن من إيجاد مكانتها فيه». كما دعا إلى ضريبة جديدة على عمالقة التكنولوجيا مثل «فيسبوك» و«آبل» باعتبار أنهما لا يدفعان ضرائب كافية على أعمالهما في أوروبا.
وإن كان ماكرون عرض خلال الصيف الخطوط العريضة لعدد من مبادراته، إلا أنه حرص على الانتظار إلى ما بعد الانتخابات الألمانية لفتح هذه «الصفحة الجديدة» في تاريخ الاتحاد الأوروبي. إلا أن ضيق الهامش الذي حققته المستشارة أنجيلا ميركل في الانتخابات التشريعية الأحد قد يكبح مشروعه الأوروبي، لا سيما مع احتمال تحالف المستشارة مع ليبراليي «الحزب الديمقراطي الحر» الذين لا يمن دون أي استعداد لتعزيز البناء الأوروبي. وحذر زعيم الليبراليين كريستيان ليندنر منذ الآن بأنه سيعارض بشدة مشروع إنشاء ميزانية لمنطقة اليورو، الذي يأمل ماكرون في أن يساهم في تمويل الاستثمارات في البنى التحتية.
وفي حين يدعو ماكرون إلى استحداث منصب وزير للمالية وميزانية لمنطقة اليورو الـ19، يرفض ليندنر بصورة قاطعة أن ينتهي الأمر بالأموال «في فرنسا لتغطية النفقات العامة أو في إيطاليا للتعويض عن أخطاء (رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو) برلسكوني». غير أن باريس لا تود تعديل اقتراحاتها وتأمل في الفوز رغم كل شيء بتأييد ألمانيا الأساسي لمشروعها. وهو ما لا يستبعده نائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس الذي قال: «آمل أن تفضي المفاوضات (في ألمانيا) إلى حكومة قادرة على تمهيد الطريق لتيسير المفاوضات حول تعزيز الاتحاد النقدي». وأضاف: «نرى إمكانية في التوصل إلى اتفاق».
وكثف ماكرون في الأيام الأخيرة المشاورات مع شركائه، فتباحث مرتين مع المستشارة الألمانية، وكذلك مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر. وبدت ميركل الاثنين متريثة حيال مقترح ماكرون بقولها: «ليست التسميات وحدها - وزير مالية أوروبي وميزانية لمنطقة اليورو - ما يهم، بل كذلك ما يأتي خلفه. وفيما يتعلق بهذه النقطة، إنني بصدد التباحث مع الرئيس الفرنسي» لكنها أضافت: «لم يحن الوقت بعد للقول إن كان هذا أو ذاك مفيدا أم لا».
وذكر رئيس الوزراء الإيطالي باولو جينتيلوني أنه لا يرى أن نتائج الانتخابات التشريعية في ألمانيا تمثل عقبة في طريق مساعي الإصلاح داخل الاتحاد الأوروبي. وقال جينتيلوني في تصريحات لصحيفة «لو فيجارو» الفرنسية الصادرة أمس الثلاثاء: «لا ينبغي لنا تفسير نتائج هذه الانتخابات كعقبة أمام التطلعات الخاصة بإنعاش أوروبا أو كانتكاسة لألمانيا نفسها». وأضاف جينتيلوني: «أشعر بالأسف إزاء النتيجة السيئة لأحد أعمدة الهيكل الأوروبي، مثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ويساورني قلق بالطبع بشأن صعود حزب معاد لأوروبا وللأجانب، مثل حزب البديل من أجل ألمانيا». وفي المقابل، أوضح جينتيلوني أنه يثق في قدرة المستشارة أنجيلا ميركل على تشكيل حكومة تتبنى توجه «إنعاش أوروبا». ويلتقي جينتيلوني اليوم الأربعاء في مدينة ليون الفرنسية الرئيس ماكرون خلال قمة إيطالية - فرنسية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».