مصر تقر تعديلا في معايير الملاءة المالية لشركات الوساطة

مطالب بضم الرقابة إلى الهيئات المستقلة بالدستور

جانب من البورصة المصرية («الشرق الأوسط»)
جانب من البورصة المصرية («الشرق الأوسط»)
TT

مصر تقر تعديلا في معايير الملاءة المالية لشركات الوساطة

جانب من البورصة المصرية («الشرق الأوسط»)
جانب من البورصة المصرية («الشرق الأوسط»)

أقر مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية المسؤول عن الرقابة على الأنشطة المالية غير المصرفية في مصر، تعديلا في معايير الملاءة المالية لشركات الوساطة بما يتيح تضمينها قيم اشتراكاتها بصندوق ضمان التسويات بمعامل ترجيح يتناسب مع درجة التزامها ودرجة المخاطر لكل منها.
يأتي ذلك في الوقت الذي تطالب فيه أروقة سوق المال بضرورة إدراج الهيئة ضمن الهيئات المستقلة بالدستور الجديد. وعقدت الهيئة أول اجتماعاتها بعد تشكيل جديد لمجلس إدارتها الأسبوع الحالي، الذي وافق على الترخيص لإحدى الشركات بإصدار سندات توريق بحد أقصى 700 مليون جنيه (101.7 مليون دولار) إضافة إلى إصدار قرار بتشكيل لجان استشارية من المتخصصين وأهل الخبرة في الأنشطة التي تشرف عليها الهيئة.
ووافق المجلس على تشكيل لجان سوق المال والتأمين والتمويل العقاري والتأجير التمويلي وإقرار نظام عمل تلك اللجان، وذلك توثيقا للتواصل بين الهيئة والأطراف المعنية بكل نشاط.
وأوضحت الهيئة أن الأجندة التي تجري مناقشتها في أول اجتماع للهيئة تضمنت أول مشروع قانون لتنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر، وكذلك تعديلات على اللائحة التنفيذية لقانون سوق المال ولائحة قانون التمويل العقاري ولائحة قانون التأجير التمويلي.
ويعتزم المجلس النظر في تعديلات لقانون التأمين وقانون صناديق التأمين الخاصة التي مضى على إصدار كل منهما أكثر من 30 عاما، وذلك استجابة للتطورات التي شهدتها الأسواق ولمقترحات الأطراف العاملة في تلك المجالات.
وأنشئت الهيئة العامة للرقابة المالية بموجب القانون رقم 10 لسنة 2009، وتختص بالرقابة والإشراف على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية بما في ذلك أسواق رأس المال، وأنشطة التأمين، وصناديق التأمين الخاصة، والتمويل العقاري، والتأجير التمويلي، والتخصيم والتوريق، وذلك بهدف تحقيق سلامة واستقرار تلك الأسواق والأدوات وتنظيم الأنشطة وتنميتها وتعظيم قدرتها التنافسية على جذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وقال نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار محسن عادل، إن هناك ضرورة وحتمية لإدراج هيئة الرقابة المالية ضمن الهيئات المستقلة بالدستور، مشيرا إلى أن باب الهيئات الرقابية المستقلة من الأبواب المستحدثة بالدستور المصري، وأنه «لم ترد موضوعاتها وأحكامها قط في الدساتير المصرية المتعاقبة بخلاف دستور 2012، الذي لم يضم هيئة الرقابة المالية للهيئات المستقلة، بيد أنها جاءت في العديد من الدساتير العالمية والمقارنة، وفي العديد من مشروعات الدساتير التي تعبر عن اجتهادات وطنية فردية أو جماعية».
وأكد أن إدراج هيئة الرقابة المالية ضمن الهيئات المستقلة بالدستور يتماشي مع الأعراف العالمية، مشيرا إلى أن الاتجاه السائد عالميا يجعل من سلطة تنظيم الأسواق المالية سلطة مستقلة، «حيث إن الاستقلال عنصر أساسي في السلطة، والاستقلال يكون أساسا في مواجهة السلطات السياسية، كما أنه يعني في مواجهة السلطة التنفيذية بوجه خاص انعدام السلطة الرئاسية الوصائية على سلطة تنظيم الأسواق المالية، بمعنى أنه لا يجوز توجيه أوامر أو مجرد تعليمات إليها من الحكومة، لذلك فإن استقلال سلطة تنظيم الأسواق المالية، هو الذي يميزها عن غيرها من السلطات الإدارية التقليدية ويحيطها بالعديد من الضمانات».
وأضاف أن «تنظيم النشاط المالي والاقتصادي يعد وظيفة تقليدية من وظائف الدولة، غير أن هذا التنظيم قد تطور مؤخرا تطورا ملحوظا كان من أبرز ملامحه إنشاء سلطات إدارية مستقلة تتولى تنظيم هذا النشاط، وأصبح إنشاء سلطة مستقلة لتنظيم النشاط المالي أمرا تسوغه عدة اعتبارات ترجع إلى ضرورة التزام الدولة الحياد، وإلى تحقيق المرونة والفعالية في تنظيم القطاع المالي»، مؤكدا ضرورة ضم الهيئة العامة للرقابة المالية ضمن الهيئات المستقلة بالدستور.
وأوضح أنه «في هذا المعنى يقرر المجلس الدستوري أن إنشاء سلطة إدارية مستقلة يعد ضمانة أساسية من أجل ممارسة حرية عامة لهذا القطاع الحيوي»، مؤكدا أن «هذا المفهوم هو ما يجب أن يتبناه دستور مصر بعد الثورة ليكون مواكبا وغير مانعا من تطبيق تلك الأفكار الحديثة في آليات الرقابة على الأسواق المالية وما قد ينشأ من أفكار أكثر تطورا، وأول ما تجب مراعاته هو النص الدستوري على استقلال الهيئة في مباشرة وظائفها أمام البرلمان».



وزيرة الخزانة البريطانية في زيارة تاريخية للصين سعياً لإعادة إحياء العلاقات

نائب رئيس الوزراء الصيني يصافح ريفز قبل قمة الخدمات المالية في دار ضيافة الدولة في بكين (رويترز)
نائب رئيس الوزراء الصيني يصافح ريفز قبل قمة الخدمات المالية في دار ضيافة الدولة في بكين (رويترز)
TT

وزيرة الخزانة البريطانية في زيارة تاريخية للصين سعياً لإعادة إحياء العلاقات

نائب رئيس الوزراء الصيني يصافح ريفز قبل قمة الخدمات المالية في دار ضيافة الدولة في بكين (رويترز)
نائب رئيس الوزراء الصيني يصافح ريفز قبل قمة الخدمات المالية في دار ضيافة الدولة في بكين (رويترز)

أعلنت وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز، يوم السبت، أن العلاقات «البراغماتية والقابلة للتنبؤ» مع بكين ستساعد في تعزيز النمو الاقتصادي والتجارة، وذلك خلال بدئها زيارة تاريخية لبكين تسلط الضوء على جهود حكومة حزب العمال لمواصلة التركيز على الخطط طويلة الأجل لجعل الاقتصاد البريطاني ينمو مرة أخرى حتى مع تصاعد المخاوف المالية في البلاد.

ريفز، التي واجهت دعوات من أحزاب المعارضة الرئيسية في بريطانيا لإلغاء الرحلة بسبب اضطرابات السوق هذا الأسبوع، التي وضعت الحكومة البريطانية في موضع شك، تزور بكين لحضور الحوار الاقتصادي والمالي الحادي عشر بين الصين والمملكة المتحدة. وهي تسعى إلى إقامة علاقات مستقرة مع الصين وإحياء المحادثات الاقتصادية والمالية رفيعة المستوى التي كانت مجمدة منذ ما يقرب من ست سنوات.

وبالنسبة للصين، يأتي اللقاء مع ريفز في الوقت الذي تعمل فيه على تحسين العلاقات مع شركاء الولايات المتحدة قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

ويُعد توقيت الرحلة إلى الصين محرجاً بالنسبة لريفز بعد أن أثارت عمليات البيع في الأصول البريطانية بما في ذلك سندات الخزانة الحكومية والجنيه الإسترليني في الأيام الأخيرة احتمال اضطرارها للإعلان عن تخفيضات جديدة في الإنفاق أو زيادات ضريبية لتحقيق الاستقرار في الوضع المالي لبريطانيا.

وقالت ريفز إنها تريد علاقة طويلة الأمد مع الصين «تصب في مصلحتنا الوطنية»، مشيرة إلى أن الاتفاقات التي تم التوصل إليها في بكين ستبلغ قيمتها 600 مليون جنيه إسترليني للمملكة المتحدة على مدى السنوات الخمس المقبلة.

ريفز ونائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ يلتقطان صورة جماعية قبل بدء أعمال منتدى التعاون الصيني - البريطاني (أ.ف.ب)

وأضافت أن المملكة المتحدة تريد إيجاد «أرضية مشتركة بشأن التجارة والاستثمار مع التحلي بالصراحة بشأن خلافاتنا والحفاظ على الأمن القومي باعتباره الواجب الأول لهذه الحكومة».

وتحت ضغط الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة البريطانية، دافعت ريفز عن موازنتها في بداية زيارتها التي تستغرق يومين إلى الصين، حيث تسعى إلى إحياء المحادثات الاقتصادية والمالية رفيعة المستوى التي كانت مجمدة منذ ما يقرب من ست سنوات.

وقالت ريفز للصحافيين في متجر برومبتون للدراجات الهوائية في بكين: «القواعد المالية التي حددتها في موازنتي في أكتوبر (تشرين الأول) غير قابلة للتفاوض، والنمو هو المهمة الأولى لهذه الحكومة لجعل بلدنا أفضل حالاً. لهذا السبب أنا في الصين لفتح فوائد ملموسة للشركات البريطانية المصدرة والمتاجرة في جميع أنحاء العالم لضمان وصولنا إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم».

أثار ارتفاع تكاليف الاقتراض الحكومي البريطاني، الذي يرجع جزئياً إلى عمليات بيع السندات العالمية، مقارنات مع أزمة «الموازنة المصغرة» لعام 2022 التي أجبرت رئيسة الوزراء آنذاك ليز تروس على الخروج من «داونينغ ستريت».

ومع ذلك، كانت تحركات السوق هذا الأسبوع أقل حدة ولم يكن هناك حتى الآن أي دليل على الضغط على المستثمرين المؤسسيين الذي أجبر بنك إنجلترا على شراء السندات الطارئة في عام 2022.

بعد زيارتها لمتجر الدراجات، التقت ريفز بنائب الرئيس هان تشنغ، وقالت له إنه «من المهم أن يكون لدينا حوار مفتوح وصريح في المجالات التي نتفق فيها، ولكن أيضاً في المجالات التي لدينا فيها وجهات نظر مختلفة».

المصلحة الوطنية

ثم التقى وفدها الذي يضم محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي ورئيس مجلس إدارة بنك «ستاندرد تشارترد» خوسيه فينالس ورئيس مجلس إدارة بنك «إتش إس بي سي» مارك تاكر، بنظرائهم الصينيين بقيادة نائب رئيس الوزراء هي ليفنغ.

ريفز تتحدث خلال الحوار الاقتصادي والمالي بين الصين والمملكة المتحدة في بكين (إ.ب.أ)

وفي كلمته الافتتاحية، دعا هي ليفنغ الشركات المالية البريطانية إلى توسيع نطاق خدمات اليوان وتعزيز تدويله بشكل أعمق، كما دعاهم إلى المشاركة في التمويل الأخضر وصناعة المعاشات التقاعدية في الصين.

وقال هي إن الصين والمملكة المتحدة اقتصادان رئيسيان وقويان مالياً في العالم، مشيراً إلى أن تعزيز التعاون الاقتصادي والمالي بروح الشراكة الاستراتيجية له أهمية كبيرة في تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين حياة الناس وتشجيع التنمية الخضراء في هذين البلدين.

وأضاف هي أن الصين مستعدة لمواصلة توسيع الانفتاح والتبادلات مع المملكة المتحدة وتعزيز التفاهم والثقة المتبادلة وتعميق التعاون متبادل المنفعة لتحقيق المزيد من الفوائد للبلدين والعالم.

وقالت ريفز من جهتها إنها تتطلع إلى إصدار الصين لأول سندات خضراء سيادية خارجية في لندن هذا العام.

وتأتي زيارتها في أعقاب الحوار الذي بدأ العام الماضي بين رئيس الوزراء كير ستارمر والرئيس الصيني شي جينبينغ، وهو الأول بين زعيمي البلدين منذ عام 2018.

يتناقض النهج الذي اتبعته حكومة حزب العمال بزعامة ستارمر، التي انتخبت في يوليو (تموز) الماضي، مع نهج حكومة المحافظين السابقة، التي اتبعت نهجاً قوياً في التعامل مع الخلافات مع الصين - خاصةً بشأن حقوق الإنسان وهونغ كونغ ومزاعم التجسس الصيني.

ورداً على سؤال يوم الخميس حول ما إذا كانت ريفز ستثير قضايا حقوق الإنسان، قال المتحدث باسم ستارمر إن زيارتها تتناسب مع موقف لندن الذي يتمثل في اتباع نهج استراتيجي تجاه الصين وتحديها «بقوة» عند الضرورة.

لطالما وصف ستارمر رغبته في بناء علاقة مع الصين «متجذرة في المصالح الوطنية للمملكة المتحدة» من خلال تعزيز التجارة، وهي مهمة قد تصبح أكثر صعوبة إذا نفذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تهديده بفرض رسوم جمركية على جميع الواردات.

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت بريطانيا ستتبع واشنطن وبروكسل في فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية، قالت ريفز، التي ستكون في شنغهاي يوم الأحد: «نحن نبقي القضايا قيد المراجعة ولكننا نتخذ القرارات التي تصب في مصلحتنا الوطنية».

وأضافت أن مصنّعي السيارات البريطانيين، «مثل (جاغوار لاند روفر)، يصدّرون بشكل كبير إلى الأسواق الصينية، ونريد مساعدتهم على النمو».

تعتبر الصين رابع أكبر شريك تجاري لبريطانيا، حيث تبلغ قيمة تجارة السلع والخدمات ما يقرب من 113 مليار جنيه إسترليني (138 مليار دولار).