إردوغان يخشى «حرباً عرقية» ويهدد بـ«تجويع» كردستان

بدء مناورات عسكرية عراقية ـ تركية... وأنقرة لا تستبعد عملية مشتركة للرد على الاستفتاء

TT

إردوغان يخشى «حرباً عرقية» ويهدد بـ«تجويع» كردستان

صعدت تركيا من تهديداتها ردا على استفتاء إقليم كردستان العراق، ملوّحة بعقوبات ستؤدي إلى «تجويع» الإقليم ووقف تصدير نفطه، وفتحت الباب واسعا أمام احتمال التدخل العسكري بالتنسيق مع حكومة بغداد، بالتزامن مع انضمام قوات عراقية إلى مناورة عسكرية يجريها الجيش التركي منذ الأسبوع الماضي قرب الحدود.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن كل الخيارات متاحة من الإجراءات الاقتصادية إلى الخطوات العسكرية البرية والجوية، للرد على الاستفتاء الذي أجراه أكراد العراق أول من أمس. وأكد في كلمة خلال احتفال بانطلاق العام الأكاديمي الجديد أقيم في أنقرة، أمس، أن بلاده «لن تتردد في استخدام الوسائل المتاحة لها إذا وصل السلام إلى طريق مسدود»، وأنه يتمنى «أن تعود حكومة إقليم كردستان إلى رشدها».
وأشار إلى أنه «حتى اللحظة الأخيرة لم نتوقع أن يرتكب (رئيس الإقليم) مسعود بارزاني خطأ إجراء الاستفتاء، لكننا كنا مخطئين فيما يبدو، وقرار الاستفتاء الذي اتخذ من دون أي مشاورات يعد خيانة». وفي تصعيد للهجته ردا على الاستفتاء، حذر إردوغان من أن أكراد العراق «سيتضورون جوعا عندما تمنع تركيا شاحناتها من عبور الحدود»، في إشارة إلى اعتزامه إغلاق معبر خابور الحدودي مع العراق، كما كرر تهديده بإغلاق خط أنابيب ينقل النفط من شمال العراق إلى الخارج ويمر عبر ميناء جيهان في جنوب تركيا.
وشدد إردوغان على أن «دعم إسرائيل وحدها ورفع العلم الإسرائيلي في الإقليم لن يعود عليهم بالنفع، فالعالم لا يتكون من إسرائيل فقط، واحتفال أنصار حزب العمال الكردستاني (المحظور) بنتائج الاستفتاء من الآن دليل واضح على عدم شرعية هذا الاستفتاء المخالف للدستور العراقي وعلى أنه غير بريء». وأضاف أن «من غير الممكن اعتبار هذا الاستفتاء شرعيا، خصوصا أنه أجري عقب مرحلة شهدت أعمالا غير قانونية مثل محو سجلات قيد السكون في الأماكن ذات الأغلبية التركمانية والعربية، والتهجير القسري... عندما نبدأ بفرض عقوباتنا على إدارة الإقليم، لن يبقى بأيديهم أي مصادر للدخل. حينئذ ماذا يمكن لإسرائيل أن تقدم لهم؟». وحذر من اندلاع «حرب عرقية» إذا استقل الإقليم. وقال: «إذا لم يتراجع بارزاني وحكومة الإقليم عن هذا الخطأ في أقرب وقت ممكن، فسيلاحقهم التاريخ بعار جر المنطقة إلى حرب عرقية».
من جانبه، قال وزير خارجية تركيا، مولود جاويش أوغلو، إن أنقرة ستقيّم جميع الطلبات التي تقدمت بها بغداد في أعقاب الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان، بما في ذلك إجراء عملية عسكرية مشتركة مع العراق. وأضاف في مقابلة تلفزيونية، أمس، أن «كل شيء، بما في ذلك العمليات العسكرية المشتركة، مطروح على الطاولة». ولفت إلى أنه «ليس هناك سبب يدعو تركيا إلى إغلاق معبر خابور الحدودي مع شمال العراق»، رغم تلويح إردوغان بهذه الخطوة.
وتصاعدت حدة التهديدات التركية غداة استفتاء كردستان، مع انضمام قوات عراقية إلى الجيش التركي في مناورات مشتركة قرب الحدود. وبدأت المناورات المشتركة بين الجيشين، أمس، في إطار المرحلة الثالثة من المناورات المتواصلة التي يجريها الجيش التركي في قضاء سيلوبي بولاية شرناق على الحدود مع شمال العراق على مسافة 3 كيلومترات عن معبر خابور.
في السياق ذاته، قال وزير شؤون الاتحاد الأوروبي التركي عمر تشيليك إن كل سلاح يذهب مستقبلا إلى قوات «البيشمركة» التابعة لإقليم كردستان «سيستخدم ضد التركمان والعرب وبقية مكونات العراق». ووصف الاستفتاء، في مقابلة تلفزيونية أمس، بـ«الكارثة»، قائلا إن القرار «يعتبر كارثة في حد ذاته، وإقحام كركوك فيه هو اقتراح مسعود بارزاني لتحويل العراق إلى حمام دم جديد».
وفي أولى العقوبات التي فرضتها تركيا على إقليم كردستان بسبب الاستفتاء، قامت الهيئة العليا للإذاعة والتلفزيون التركية، بوقف بث ثلاث فضائيات تعمل من إقليم شمال العراق عبر القمر التركي «توركسات».
وذكرت الهيئة في بيان أن القنوات التي تم إيقاف بثها هي «روداو» المقربة من حكومة الإقليم، وقناتي «كي 24 تي في» و«وار تي في».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.