غرينبلات يصل إلى تل أبيب لجولة محادثات جديدة مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية

نتنياهو يؤكد تصميم ترمب على دفع العملية السياسية ويبادر لحملة استيطان جديدة

TT

غرينبلات يصل إلى تل أبيب لجولة محادثات جديدة مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية

وصل إلى تل أبيب، أمس، المبعوث الأميركي، جيسون غرينبلات، لإجراء جولة جديدة من المباحثات مع الإسرائيليين والفلسطينيين، بهدف «مواصلة الحوار». وقد أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أعضاء المجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر، الذي التأم ليلة أول من أمس، أن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، يعِدّ خطة سلام لدفع الاتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقال نتنياهو إنه بعد لقائه ترمب في نيويورك، الأسبوع الماضي، تكوّن لديه انطباع بأن الرئيس الأميركي عازم جداً على دفع الخطة. وعلى خلفية ذلك، يصل المبعوث إلى إسرائيل غرينبلات. وقال وزراء شاركوا في الاجتماع، وطلبوا التكتم على أسمائهم، إن نتنياهو استعرض خلاله، تفاصيل رحلته السياسية إلى أميركا اللاتينية والجمعية العامة للأمم المتحدة، خصوصاً اجتماعه بترمب وبالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وقال نتنياهو: «لا شك في أن الموضوع الفلسطيني ثقيل ومهم لدى ترمب... ترمب يبثّ جدية في هذا الموضوع. الأميركيون يعِدّون خطة، وأنا عرضت مواقفنا أمام الرئيس. ترمب عازم جداً، ويريد التوصل إلى الصفقة النهائية».
وقال مسؤول رفيع في البيت الأبيض، إن محادثات غرينبلات الجديدة مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين في القدس ورام الله، ستكون استمراراً للقاءات التي أجراها الرئيس ترمب مع نتنياهو والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في نيويورك. وقال المسؤول إن «الرئيس ترمب عقد لقاءات ناجعة مع رئيس الحكومة نتنياهو والرئيس عباس في الأمم المتحدة. وغرينبلات قادم إلى إسرائيل لمواصلة المحادثات في موضوع العملية السلمية. اللقاءات التي سيعقدها تشكل جزءاً من الاتصالات الهادئة والدائمة للإدارة في موضوع السلام».
وكان ترمب قد أبلغ عباس ونتنياهو خلال لقاءات نيويورك، أن البيت الأبيض يعمل على مبادرة سلام أميركية جديدة، لكنه يحتاج إلى وقت إضافي لبلورتها. وقد طلب من عباس منحه وقتاً إضافياً لصياغة مبادرة السلام وعدم القيام بخطوات تصعِّب إمكانات دفع العملية. وقال مسؤولون فلسطينيون إنه في أعقاب اللقاء، تتوقع القيادة الفلسطينية، قيام البيت الأبيض بعرض مبادرة أو ورقة موقف حول العملية السياسية، خلال الأسابيع القريبة. وقال مسؤول في البيت البيض، إن المستشارين المكلفين متابعة الموضوع الإسرائيلي - الفلسطيني، وعلى رأسهم جاريد كوشنر وغرينبلات، يواصلون التقدم بشكل متماسك في محادثاتهم مع الأطراف. وحسب المسؤول، فإن كوشنر وغرينبلات لا يعتقدان أن هناك فائدة من تحديد جداول زمنية مصطنعة أو اعتباطية.
من جهته، أبلغ نتنياهو وزراءه أن الإدارة الأميركية طلبت منه ألا يبادر إلى اتخاذ قرارات جديدة لتوسيع الاستيطان، وأنه رد بأن الاستيطان لا يشكل عقبة أمام الخطة الأميركية للسلام. وأن حكومته تساعد على البناء للفلسطينيين أيضاً. ولهذا، من المتوقع أن تصادق لجنة التخطيط العليا في الإدارة المدنية للجيش الإسرائيلي، الأسبوع المقبل، أو بعده بقليل، على دفع مخطط لبناء نحو ألفي وحدة إسكان جديدة في مستوطنات الضفة الغربية، حسب ما قاله مسؤول رفيع في القدس. وسيجري خلال الجلسة دفع مخططات باتت قيد التخطيط، إلى جانب مناقصات عدة للبناء الفوري.
يذكر أنه في إطار التفاهمات مع الولايات المتحدة حول كبح البناء في المستوطنات، تجتمع لجنة التخطيط العليا مرة كل 3 أشهر، للمصادقة على البناء في المستوطنات. وكان من المفروض على اللجنة الاجتماع قبل أسبوعين، وقد ضغط قادة مجلس المستوطنات ولوبي الاستيطان في الحكومة والكنيست من أجل عقد الاجتماع في موعده، وأعربوا عن عدم رضاهم لعدم حدوث ذلك. وقال المسؤول الرفيع، الذي طلب التكتم على اسمه، إنه خلال اجتماع المجلس الوزاري السياسي - الأمني، مساء أول من أمس، جرى إطلاع الوزراء على تأجيل اجتماع اللجنة مرات عدة، بناءً على طلب من البيت الأبيض، لكي لا يصطدم الأمر مع أحداث سياسية خلال فترة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة. وعلى سبيل المثال، كان من المفروض نشر جدول أعمال اللجنة في 19 سبتمبر (أيلول) الحالي، عشية انعقاد اللقاء بين الرئيس ترمب ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في نيويورك. وحسب المسؤول الرفيع، فقد طلب البيت الأبيض من ديوان رئيس الحكومة تأجيل نشر الجدول لكي لا يخرب النشر اجتماع ترمب – عباس.
وكما يبدو، سيتم نشر جدول أعمال اللجنة اليوم الثلاثاء، لكي تجتمع اللجنة بعد أسبوع، عشية عيد العرش، وفي حال عدم الانتهاء من إعداد الجدول حتى غد، فسيجري عقد الاجتماع بعد أسبوعين، أي بعد عيد العرش. وأضاف المسؤول أنه ستجرى خلال اليومين المقبلين نقاشات أخيرة لتحديد الجدول النهائي للمخططات التي ستناقش خلال الاجتماع. ويشمل الجدول المقترح حالياً مخططات عدة للبناء في المستوطنات، تشمل نحو ألفي وحدة إسكان.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.