إغلاق وسط طرابلس وإعلان الطوارئ تحسباً لمظاهرة ضد حكومة الوفاق

قوات تابعة لوحدة الحرس الرئاسي الليبي تقوم بحراسة بوابة مطار طرابلس الدولي (أ.ف.ب)
قوات تابعة لوحدة الحرس الرئاسي الليبي تقوم بحراسة بوابة مطار طرابلس الدولي (أ.ف.ب)
TT

إغلاق وسط طرابلس وإعلان الطوارئ تحسباً لمظاهرة ضد حكومة الوفاق

قوات تابعة لوحدة الحرس الرئاسي الليبي تقوم بحراسة بوابة مطار طرابلس الدولي (أ.ف.ب)
قوات تابعة لوحدة الحرس الرئاسي الليبي تقوم بحراسة بوابة مطار طرابلس الدولي (أ.ف.ب)

أعلنت الأجهزة الأمنية والعسكرية كافة لحكومة الوفاق الوطني في العاصمة الليبية طرابلس أمس، رفع درجة استعداداتها تحسبا لمظاهرات يفترض أن تشهدها المدينة، اليوم، ضد الحكومة التي يترأسها فائز السراج، بدعوة من عبد الباسط إقطيط المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين.
وقلل مصدر أمني في حكومة السراج، في حديث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف أمس، من أهمية المظاهرات وشكك في إمكانية حدوثها من الأساس، غير أنه لفت في المقابل إلى أن «كل الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة التي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة، مستعدة للتعامل مع أي خروج على القانون أو أي مظاهر لاستخدام العنف وإشاعة الفوضى»، على حد تعبيره.
وأوضح المصدر، الذي طلب عدم تعريفه، أن بعض الميليشيات المسلحة التي تسيطر على طرابلس أعلنت دعمها لحكومة السراج، وعلى رأسها كتيبة «ثوار طرابلس» التي يقودها، هيثم التاجوري. وقال: إن مديرية أمن طرابلس أعلنت حالة الطوارئ في صفوفها، في إطار خطة أمنية تستهدف غلق ميدان الشهداء بوسط العاصمة، باعتباره المكان المقترح للمظاهرات، كما اتهم حزب العدالة والبناء التابع لجماعة الإخوان المسلمين بالتورط في دعم هذه المظاهرات.
وأضاف: «ليس سرا أن المدعو إقطيط، من الموالين لـ(الإخوان)، وأنهم يقدمونه مرشحا بديلا للسراج».
لكن محمد صوان، رئيس حزب «الإخوان»، نفى في المقابل هذه الاتهامات، وقال في بيان له أمس: «لسنا طرفا في دعم أي مغامرات تهدف إلى الوصول للسلطة خارج إطار الاتفاق السياسي، أو من دون عملية انتخابية».
بيد أنه مع ذلك أضاف: «نحترم التعبير عن الرأي بمختلف آلياته، فالتظاهر السلمي حق مشروع يكفله القانون شرط عدم المساس بالأمن والسلم الأهليين، وفي الوقت ذاته نرجو ألا يُستغل الحراك لإحداث مزيد من الفوضى».
وراجت مؤخرا صورة فوتوغرافية تجمع بين إقطيط وبعض قيادات جماعة الإخوان برفقة راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة التونسي، لكن حزب الإخوان قال في بيان وزعه قبل يومين «إن الصورة المتداولة للقاء كانت بمقر الحزب وتعود لعام 2013»، معتبرا أن ما أثير حولها هو عارٍ تماماً عن الصحة.
وكانت مديرية أمن طرابلس، أعلنت أمس على لسان رئيسها العقيد صلاح السموعى، أنها رفضت رسمياً منح الإذن بالتظاهر اليوم في ميدان الشهداء بطرابلس.
وقال السموعي في رسالة تم تسريبها أمس، وموجهة، على ما يبدو، إلى الجهة التي طلبت الحصول على ترخيص بالتظاهر: «ليس لديكم رؤية واضحة لمكان انطلاق مظاهراتكم، ولا تتبعون جهة معينة ولا مكانا معينا لكي يتسنى لنا إعطاؤكم الإذن بالتظاهر».
من جهتها، أعلنت الإدارة العامة للبحث الجنائي التابعة لوزارة الداخلية بحكومة السراج، ميدان الشهداء بوسط طرابلس: «منطقة مغلقة»، واعتبرت أن «أي محاولة للتجمهر بالميدان ستعد مخالفة للقانون يُحاسب مرتكبها».
وزعمت الإدارة في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن «هناك مخططا إرهابيا مسلحا يهدف لتحويل التظاهر لفوضى عارمة»، مؤكدة أن منظمي مظاهرة اليوم لم يستوفوا الشروط المحددة في قانون التظاهر لنيل الإذن.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».