70 % صوتوا في أول انتخابات «فيدرالية شمال سوريا»

رئيس مفوضية الانتخابات: قوات الآسايش شاركت في التصويت

TT

70 % صوتوا في أول انتخابات «فيدرالية شمال سوريا»

أعلنت المفوضية العليا لانتخابات «فيدرالية شمال سوريا»، أن (728450) ناخبا صوتوا في انتخابات مجالس الأحياء «الكومين»، التي نظمت قبل يومين في ثلاثة أقاليم خاضعة للنظام الفيدرالي. حيث بلغت نسبة المشاركة 70 في المائة باختيار (7464) رئيساً مشتركاً، سيتولون مهام رئاسة مجالس الأحياء والشوارع البالغ عددها (3732) وحدة، لإدارة منطقة تمتد من مدينة عفرين (شمال حلب)، مروراً ببلدات ومدن الشهباء (شرق حلب)، كما تضم مدن كوباني (عين العرب) وتل أبيض وسلوك، انتهاءً بمدينتي الحسكة والقامشلي (شمال شرقي البلاد).
وفي لقائه مع صحيفة «الشرق الأوسط» قال عز الدين فرحان الرئيس المشترك لمفوضية الانتخابات، إن «نسبة المشاركة بلغت 70 في المائة بالاستناد إلى عدد الأصوات والأوراق الانتخابية، ففي إقليم الجزيرة (شمال شرقي البلاد)، مثلاً، صوت نحو 450 ألف ناخب من أصل 550 ألف شخص مسجل في لوائح المفوضية».
وتجرى الانتخابات على ثلاث مراحل؛ بدأت في 22 من الشهر الجاري واختارت رؤساء لجان الأحياء الصغيرة التي تعرف محلياً باسم «الكومين»، يليها انتخابات مجالس البلدات والقرى والنواحي في الثالث من الشهر القادم، وتنتهي في 19 يناير (كانون الثاني) 2018. لانتخاب مجلس الشعوب الديمقراطي –بمثابة برلمان - لإدارة الأقاليم الثالثة (الجزيرة والفرات وعفرين).
وبحسب الرئيسة المشتركة لـ«الهيئة التنفيذية لفيدرالية شمال سوريا» فوزة اليوسف، يعيش في أقاليم فيدرالية شمال سوريا نحو ثلاثة ملايين مواطن سوري. وكشفت أن: «الأكراد يشكلون 50 في المائة منهم، أما العرب فنسبتهم 45 في المائة، مقابل 5 في المائة يتوزعون على باقي المكونات من سريان وتركمان وشركس... إلخ»، وكان عدد سكان سوريا قبل بداية النزاع الدائر في البلاد ربيع 2011 نحو 22 مليوناً.
وذكر عز الدين فرحان رئيس مفوضية الانتخابات أن قوات الآسايش - عناصر الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية - شاركت في الانتخابات، وقال: «كل عنصر يعيش في حي أو شارع واسمه مسجل في قوائم الكومين قام بالتصويت، أما المقاتلات والمقاتلين العسكر فلم يشاركوا في هذه الجولة»، موضحاً أن العملية الانتخابية «جرت بكل ديمقراطية دون حوادث أو عوائق تذكر، وأدلى الأهالي بأصواتهم في الانتخابات لأنها تشكل الحجر الأساس لبناء مجتمع منظم ومتماسك».
وكانت قوى كردية سورية أعلنت في مارس (آذار) 2016 النظام الفيدرالي في مناطق سيطرتها شمال البلاد، ويرى الكاتب والناشط الحقوقي نايف جبيرو أن خروج مناطق كثيرة في مختلف أنحاء سوريا ومنها المنطقة الكردية عن سيطرة الدولة السورية، «دفع هذه المناطق من اتباع ما يمكن الاعتماد عليه لتسيير إدارة شؤون الحياة اليومية، ومن هنا جاءت مسألة الإدارات الذاتية، والتي تطورت لتتحول إلى فيدرالية شمال سوريا».
وفي نهاية يوليو (تموز) الماضي، عقد في بلدة الرميلان (أقصى شمال سوريا) التابعة لمحافظة الحسكة، مؤتمراً ضم الأحزاب والقوى السياسية المشكلة للإدارة الذاتية، أقروا «القانون الانتخابي لفيدرالية شمال سوريا» و«قانون التقسيمات الإدارية» لتوسيع الإدارات الذاتية التي تأسست بداية العام 2014.
ويزيد الحقوقي نايف جبيرو، أن، ما تم إنجازه من انتخابات محلية لإدارة الشؤون الخدمية في مختلف الأحياء وما سيتبعها في تواريخ لاحقة من انتخابات «تعتبر خطوات لترسيخ النظام الفيدرالي الذي يعتبر الحل الأمثل لإنهاء الوضع المتأزم في كامل الأراضي السورية».
إلا أن عملية الانتخابات اقتصرت على الأحزاب المنضوية تحت راية الإدارة الذاتية ومن أبرز أحزابها الاتحاد الديمقراطي السوري، فيما امتنعت أحزاب المجلس الوطني الكردي «المعارض» عن التصويت والمشاركة، إلى جانب رفض المنظمة الآشورية الديمقراطية المشاركة.
وأخبرت روكن ملا إبراهيم الرئيسة المشتركة لمفوضية الانتخابات، أن النظام الفيدرالي لشمال سوريا «يشكل الأمل الوحيد للحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً، سوريا لكل السوريين ولكل مواطن حقه في العيش الكريم»، وفي ختام حديثها لفتت أن أول خطوة لإرساء النظام الفيدرالي: «هي الانتخابات التي جرت وكانت حرة ونزيهة وشفافة وأتاحت الفرصة أمام جميع المواطنين، في اختيار ممثليهم لرئاسة مشتركة للكومينات وشاركت فيها كافة المكونات الموجودة في المنطقة».



«توترات القرن الأفريقي»... كيف يمكن احتواء التصعيد؟

ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو - (أرشيفية - رويترز)
ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو - (أرشيفية - رويترز)
TT

«توترات القرن الأفريقي»... كيف يمكن احتواء التصعيد؟

ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو - (أرشيفية - رويترز)
ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو - (أرشيفية - رويترز)

تصاعد منحنى التوترات في القرن الأفريقي وسط سجالات بين الصومال وإثيوبيا وهجوم إعلامي يتجدد من أديس أبابا تجاه الوجود المصري في مقديشو، مع مخاوف من تصعيد غير محسوب وتساؤلات بشأن إمكانية احتواء ذلك المنسوب المزداد من الخلافات بتلك المنطقة التي تعد رئة رئيسية للبحر الأحمر وأفريقيا.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرون أن «التصعيد سيكون سيد الموقف الفترة المقبلة»، خصوصاً مع تمسك مقديشو بخروج قوات حفظ السلام الإثيوبية من أراضيها وتشبث أديس أبابا بمساعيها للاتفاق مع إقليم الصومال الانفصالي، لإيجاد منفذ بحري البحر الأحمر رغم رفض مقديشو والقاهرة، فضلاً عن تواصل الانتقادات الإثيوبية الرسمية للقاهرة بشأن تعاونها العسكري مع الصومال.

وتوقعوا سيناريوهين أولهما الصدام مع إثيوبيا، والثاني لجوء أديس أبابا لحلول دبلوماسية مع ازدياد الضغوط عليها بعدّها أحد أسباب التصعيد الرئيسية في المنطقة.

وقدّم وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، الاثنين، «شرحاً للتلفزيون الحكومي حول العلاقات المتوترة بين مقديشو وأديس أبابا»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الصومالية الرسمية للبلاد، التي قالت إن أديس أبابا «انتهكت في 1 يناير (كانون الثاني) العام الحالي، السيادة الداخلية للدولة عقب إبرامها مذكرة تفاهم باطلة مع إدارة أرض الصومال».

وزير الخارجية والتعاون الدولي الصومالي (وكالة الأنباء الرسمية)

ولم تتمكن أديس أبابا من تنفيذ الاتفاق غير الشرعي الذي ألغاه البرلمان الصومالي، كما أن الصومال نجح دبلوماسياً في الحفاظ على سيادة البلاد واستقلال أراضيه، عبر القنوات المفتوحة في كل الاجتماعات بالمحافل الدولية، وفق تقدير أحمد معلم فقي.

وبشأن مستقبل العلاقات الدبلوماسية للبلدين، أشار فقي إلى أن «العلاقات لم تصل إلى طريق مسدودة، فسفارة الدولة مفتوحة وتعمل هناك، بينما تعمل سفارة أديس أبابا هنا في مقديشو، والسفير الإثيوبي حالياً يوجد في بلاده، بيد أن طاقم سفارته موجود، كما أن طاقمنا لا يزال موجوداً هناك».

وكشف فقي في مقابلة متلفزة الأحد، أن الحكومة الصومالية ستتخذ إجراءات سريعة لنقل السفارة الإثيوبية إلى موقع جديد خارج القصر الرئاسي في المستقبل القريب.

وفي أبريل (نيسان) 2024، طرد الصومال السفير الإثيوبي، واستدعى مبعوثه من أديس أبابا، قبل أن تعلن وزارة الخارجية الصومالية أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في إفادة، أنها طلبت من المستشار الثاني في سفارة إثيوبيا لدى الصومال، مغادرة البلاد في غضون 72 ساعة، واتهمته بممارسة «أنشطة لا تتفق مع دوره الدبلوماسي، وتشكل خرقاً لاتفاقية (فيينا) للعلاقات الدبلوماسية الصادرة عام 1961».

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع الأخيرة مذكرة تفاهم مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وسط رفض من الحكومة الصومالية ودول الجامعة العربية، لا سيما مصر، التي تشهد علاقاتها مع أديس أبابا توتراً بسبب تعثر مفاوضات سد النهضة الإثيوبي.

وفي مواجهة تلك التحركات، حشد الصومال، دعماً دولياً وإقليمياً، لمواقفه، ضد المساعي الإثيوبية، وأبرم بروتوكول تعاون عسكري مع مصر، وفي أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو.

إثيوبيا هي الأخرى تواصل الدفاع عن اتفاقها مع إقليم أرض الصومال، وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أواخر أكتوبر الماضي، إن بلاده تسعى للوصول السلمي إلى البحر الأحمر، وتتمسك بموقف واضح بشأن هذه القضية.

وعادت وكالة الأنباء الإثيوبية، السبت، للتأكيد على هذا الأمر، ونقلت عن نائب المدير التنفيذي لمعهد الشؤون الخارجية عبده زينبي، قوله إن سعي إثيوبيا للوصول إلى البحر أمر بالغ الأهمية، لافتاً إلى أن الحكومة تعمل بشكل وثيق للغاية مع جميع الجهات الفاعلة الإقليمية لضمان ذلك.

وبتقدير مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير صلاح حليمة، فإن «تلك التوترات تزيد من حدة السخونة في منطقة القرن الأفريقي»، لافتاً إلى أن «إثيوبيا تتحمل زيادة منسوب التوتر منذ توقيع اتفاقية مع إقليم انفصالي مخالفة للقانون الدولي ومهددة لسيادة الصومال».

وبرأي الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، فإن «كلا الطرفين (الصومال وإثيوبيا) لا ينوي خفض التصعيد، بل كلاهما يتجه إلى التصعيد والتوترات بينهما مرشحة للتصاعد»، لافتاً إلى أن «كل المحاولات التي تمت الشهور الأخيرة للوساطة، سواء كانت تركية أو أفريقية، لم تفعل شيئاً يذكر لخفض التصعيد».

وبشيء من التفاصيل، يوضح الخبير السوداني في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، أن «إقدام الصومال على طرد دبلوماسي إثيوبي رفيع من أراضيه تحت مبررات التدخل في الشؤون الداخلية، يأتي متزامناً مع طبيعة التحركات الرسمية التي تنتهجها مقديشو بشأن التشاور والإعداد لاستبدال بعثة لحفظ السلام في الصومال، تكون أكثر قبولاً وترحيباً عند مقديشو، بالحالية».

ومن المعلوم أن مقديشو «لا تريد قوات إثيوبية ضمن بعثة حفظ السلام الأفريقية» داخل أراضيها، تحت أي اسم بعد مساعيها لإنشاء منفذ بحري مقابل الاعتراف بإقليم انفصالي، لذلك ارتفع صوت الصومال عالياً خلال الفترة الأخيرة مطالباً الاتحاد الأفريقي بضرورة عدم إشراك قوات إثيوبية ضمن البعثة الجديدة التي من المقرر أن تتولى مهامها بحلول عام 2025م»، وفق الحاج.

ولم يتوقف موقف أديس أبابا عند التمسك بمواقفها التي ترفضها مقديشو، بل واصلت مهاجمة وجود القاهرة بالصومال، ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية عن الباحث الإثيوبي يعقوب أرسانو، الأحد، دعوته إلى «ضرورة تقييم دور مصر في الصومال ووجودها الذي قد يؤدي إلى تصعيد عدم الاستقرار في جميع أنحاء منطقة القرن الأفريقي»، متحدثاً عن أن «القاهرة تورطت في الصومال كقوة مزعزعة للاستقرار».

ووفقاً ليعقوب، فإن «نفوذ مصر في الصومال ربما يكون جزءاً من استراتيجية أوسع لإضعاف إثيوبيا»، لافتاً إلى أنه «إذا فشلت مصر في فرض سيطرتها، فقد تقع الأسلحة بأيدي الجماعات الإرهابية، ما يشكل تهديدات فورية لكل من الصومال وإثيوبيا»، عادّاً أن «السماح لمصر بكسب النفوذ قد يؤدي إلى توتر العلاقات بين إثيوبيا والصومال، وسيقوض أمن واستقرار الصومال على وجه الخصوص».

ويعدّ الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، الهجوم الإثيوبي تجاه القاهرة نتيجة أن «أديس أبابا تفهم جيداً خطورة دور المصري إذا دعمت الصومال، لذا فهي تحاول وقف دور مصري داعم للصومال، لذلك ربما يكون ما يثار بالإعلام الإثيوبي فقط للتضليل».

ويستبعد أن «تصل الأمور إلى حرب بين إثيوبيا والصومال أو إثيوبيا ومصر»، لافتاً إلى أن «انتخابات أرض الصومال في هذا الشهر سيكون لها دور في مستقبل مذكرة التفاهم، خصوصاً إذا فاز عبد الرحمن عرو أمام الرئيس الحالي موسى بيحي عبدي بالانتخابات الرئاسية المقررة في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فيتوقع أن يقوم بإلغاء مذكرة التفاهم لقربه من الصومال».

ويرجع الخبير السوداني، عبد الناصر الحاج، الموقف الإثيوبي تجاه مصر، إلى أنه «منذ توقيع القاهرة ومقديشو على اتفاقية أمنية في أغسطس (آب) الماضي، باتت تجتاح أديس أبابا مخاوف كبيرة من تشكيل حلف عسكري استخباراتي جديد في منطقة القرن الأفريقي يجمع مصر والصومال وإريتريا، وهي ذات الدول الثلاث التي تجري علاقة إثيوبيا بهم على نحو متوتر وقابل للانفجار».

ويرى السفير حليمة أن «احترام إثيوبيا للقوانين وعدم اللجوء لتصرفات أحادية وسياسة فرض الأمر الواقع، السبيل الوحيد لاحتواء أي تصعيد بمنطقة القرن الأفريقي»، مضيفاً أن «هذا يحتاج إيجاد حلول لملف سد النهضة ووقف مساعي إبرام الاتفاقية مع إقليم أرض الصومال، وبدء علاقات قائمة على الاحترام والتعاون مع دول منطقة القرن الأفريقي».