العبادي: الاستفتاء محاولة لإنشاء «دولة عنصرية» وسنتخذ خطوات لاحقة

بارزاني يعلن أن لا عودة لمفاوضات «الشراكة الفاشلة» مع بغداد

حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي ومسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق (رويترز)
حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي ومسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق (رويترز)
TT

العبادي: الاستفتاء محاولة لإنشاء «دولة عنصرية» وسنتخذ خطوات لاحقة

حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي ومسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق (رويترز)
حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي ومسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق (رويترز)

أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، اليوم (الاحد)، ان حكومته لن تعترف باستفتاء استقلال كردستان المقرر ان يجري الاثنين ولا بنتائجه، مهددا باتخاذ اجراءات لاحقة لحفظ وحدة البلاد.
وقال العبادي في خطاب موجه الى الشعب العراقي ان "التفرد بقرارٍ يمس وحدةَ العراق وأمنه ويؤثر على كل مواطنيه وعلى أمن المنطقة (...) هو قرار مخالف للدستور وللتعايش السلمي بين المواطنين ولن يتم التعامل معه ولا مع نتائجه وستكون لنا خطوات لاحقة لحفظ وحدة البلاد ومصالح كل المواطنين". واضاف "نؤكد اليوم اننا لن نتخلى عن مواطنينا الكرد وقد رفضنا ونرفض الدولة الطائفية والدولة العنصرية، وسيبقى العراق لكل العراقيين ولن نسمح ان يكون ملكا لهذا وذاك يتصرف فيه كيفما يشاء ودون حساب للعواقب".
واشار العبادي الى ان "معظم مشاكل الإقليم داخلية وليست مع بغداد وبالتالي فانها ستتفافم مع دعوات الانفصال"، مشيرا الى ان "الصعوبات الاقتصادية والمالية في الاقليم من نتاج الفساد وسوء الإدارة".
ويأتي خطاب العبادي بالتزامن مع مؤتمر صحافي عقده رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، الذي أكد أن الشراكة مع بغداد "فشلت"، مشددا على مضيه في اجراء الاستفتاء.
وتسود اجواء من الترقب مع اقتراب اكراد العراق من التصويت لصالح الاستقلال، بسبب الخشية من اندلاع اقتتال داخلي فضلا عن تهديدات دول الجوار المتمثلة بتركيا وايران المعارضتين بشدة لاقامة دولة مستقلة على حدودهما.
وتعد مدينة كركوك القضية الأكثر حساسية، وهي ليست جزءا من المحافظات الثلاث التي تشكل منطقة الحكم الذاتي في كردستان. وهي منطقة متنازع عليها بين حكومة بغداد والأكراد الذين يؤكدون أنها تعود لهم تاريخيا قبل أن يطردهم منها صدام حسين ويوطن عشائر عربية فيها، حسب قولهم.
ويخشى سكان المحافظة الغنية بالنفط تدهورا في الأوضاع الأمنية، بعدما صوت مجلس المحافظة على ان تشملها عملية التصويت، ما أثار استياء رئيس الوزراء حيدر العبادي.
من جانبه، عقد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني في وقت متزامن مع عقد المؤتمر الصحافي لرئيس الحكومة العبادي، مؤتمرا صحافيا قال فيه ان"الاستفتاء ليس لتحديد الحدود أو فرض أمر واقع على المناطق". واتهم الحكومة في بغداد "بتهيئة الشارع لعداوة" شعب كردستان، على حد قوله.
وأكد بارزاني خلال المؤتمر أننا "ماضون قدما في الاستفتاء... ولن نعود مطلقا إلى بغداد لإعادة التفاوض على شراكة فاشلة".
موضحا "يمكننا ضمان سلامتنا عن طريق الاستقلال فقط". واصفا العراق بأنه "دولة طائفية" وليس دولة ديمقراطية، مبينا أن "الأكراد سيسعون لإجراء محادثات مع بغداد لتنفيذ نتيجة الاستفتاء"
وأكد بارزاني أن "أكراد العراق سيحترمون القوانين الخاصة بالحدود الدولية".
وفي خطوة للرد على الاستفتاء الكردي قامت ايران بغلق أجوائها بوجه الطائرات الكردية، فيما أعلن مجلس الأمن القومي التركي في خطوة شبه مماثلة، اليوم، أن الأجواء التركية ستغلق بوجه الطائرات التي تنطلق من وإلى إقليم كردستان، بحسب وكالة أنباء "تسنيم" الإيرانية.
وذكرت الوكالة أن "مجلس الأمن القومي التركي أعلن في بيان أن الأجواء التركية ستغلق بوجه الطائرات التي تنطلق من وإلى إقليم كردستان العراق".



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.