أنقرة تهدد بإجراءات أمنية وسياسية واقتصادية رداً على استفتاء الأكراد

رفعت تركيا مستوى تحذيراتها من استمرار إدارة إقليم كردستان في خطة إجراء الاستفتاء على الاستقلال عن العراق المقرر غداً الاثنين، ولوّحت بإجراءات سياسية واقتصادية وأمنية في مواجهته، فيما عقد البرلمان جلسة استثنائية لإقرار تمديد صلاحية الحكومة لتكليف القوات التركية بعمليات في العراق وسوريا. وسُجّل أمس لقاء بين رئيسي أركان الجيشين التركي والعراق تناول البحث في الاستفتاء الكردي وتداعياته المحتملة وخطوات الرد عليه.
وقبل الجلسة الاستثنائية للبرلمان التركي التي امتدت لساعات وشهدت تراشقاً بين رئيس البرلمان إسماعيل كهرمان والمتحدث باسم حزب الشعوب الديمقراطي (مؤيد للأكراد) عثمان بايدمير تسبب في رفع الجلسة لبعض الوقت، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أن الخطوات التي ستتخذها بلاده رداً على الاستفتاء المزمع إجراؤه لـ«انفصال» الإقليم الكردي بشمال العراق ستكون لها أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية. وأضاف يلدريم أن عواقب إصرار الإقليم على إجراء الاستفتاء «لن تكون محمودة». وشدد على أن الخطوات التي ستتخذها بلاده في حال أجري الاستفتاء «ستكون بالتعاون مع دول الجوار مثل العراق وإيران، وستكون لها أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية».
وأعرب يلدريم عن شكره لحزبي «الحركة القومية» و«الشعب الجمهوري» المعارضين على دعمهما للحكومة في شأن إرسال قوات إلى خارج البلاد.
وسبق أن مدّد البرلمان التركي مذكرة التفويض من 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2016 حتى 30 أكتوبر 2017.
وقال يلدريم إن «أكثر من نتمناه هو أن يعيش إخواننا الأكراد في بلادنا والدول المجاورة في جو من السلام والطمأنينة والاستقرار. ما لا نريده هو أن يخطر على بال أحد ما القيام بمغامرة. وأن يسير في طريق خاطئ، متجاهلاً تحذيرات العالم كله ورفضه». وأضاف: «بالطبع سيكون لهذا الاستفتاء ثمن، لكن من سيدفعه هم الذين يقدمون على اتخاذ هذا القرار. ولا يحق لهم جعل الأبرياء يدفعون الثمن».
وحول ما إذا كان الخيار العسكري من بين خيارات بلاده، أوضح يلدريم: «بالطبع الخيارات الأمنية والاقتصادية والسياسية مطروحة، وتوقيت كل منها سيكون حسب تطورات الأحداث».
وأكد أن «تركيا وجّهت التحذيرات اللازمة منذ البداية بطريقة ودّية كدولة جارة، ولكننا نرى أنها لم تجد آذاناً صاغية، وهناك إصرار على الاستمرار في هذا الخطأ (الاستفتاء) الذي يعارضه العالم والدول المجاورة، وهو ما ستكون عواقبه غير محمودة».
وخلال جلسة البرلمان، التي بثتها القنوات التركية على الهواء مباشرة وانتهت بالموافقة على مذكرة الحكومة بشأن تخويلها صلاحية إرسال القوات إلى العراق وسوريا، أكد وزير الدفاع التركي نور الدين جانكيلي أن بلاده لن تسمح بإقامة أي كيان على حدودها يمكن أن يشكل تهديداً مباشرا لأمنها القومي، في إشارة إلى استفتاء كردستان العراق. وأضاف: «استفتاء كردستان ما هو إلا محاولة لإعادة رسم الحدود في المنطقة وإقامة دويلات صغيرة».
وأعرب جانيكلي عن استعداد بلاده للتوسط لحل المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل. وقال: «نجدد طلبنا بإلغاء قرار الاستفتاء ونؤكد استعدادنا للوساطة من أجل حل المشكلة بين بغداد وأربيل عن طريق الحوار. قرار إدارة إقليم كردستان العراق سيلقي المنطقة في النار ويفتح الباب أمام صراع دولي».
في غضون ذلك التقى رئيس الأركان التركي خلوصي أكار نظيره العراقي عثمان الغانمي في أنقرة أمس لبحث استفتاء كردستان وتداعياته والإجراءات التي سيتخذها البلدان من أجل «حماية وحدة التراب العراقي»، والمكافحة المشتركة للإرهاب. وشدد رئيسا الأركان التركي والعراقي على ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي العراق والتصدي لأي محاولات لتقسيمها.
ومن المقرر أن يقوم أكار خلال الأيام القليلة المقبلة بزيارة رسمية إلى طهران، لبحث العلاقات العسكرية الثنائية، وآخر المستجدات الإقليمية، وفي مقدمها التطورات في العراق، واستفتاء كردستان، والوضع في سوريا. وسيعقب زيارة أكار إلى طهران، زيارة رسمية للرئيس التركي رجب طيب إردوغان في الرابع من أكتوبر المقبل. وزار رئيس هيئة الأركان الإيراني محمد باقري أنقرة في 15 أغسطس (آب) .
وعقد وزراء خارجية تركيا وإيران والعراق لقاء قبل أيام في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة تناولوا خلاله آخر المستجدات في سوريا والعراق، وأكدوا اتفاقهم على اتخاذ خطوات مشتركة في مواجهة استفتاء كردستان، لكن لم يفصحوا عنها.
في السياق ذاته، أعلنت رئاسة الأركان التركية، أمس، رفع مستوى مناوراتها العسكرية في منطقة «سيلوبي - الخابور» بالقرب من الحدود العراقية. وأكّدت، في بيان، استمرار المرحلة الثانية من المناورات العسكرية في المنطقة ذاتها، بمشاركة وحدات عسكرية إضافية.
وأطلقت القوات المسلحة التركية مناورات عسكرية واسعة الاثنين الماضي في منطقة «سيلوبي - خابور» بولاية شرناق (جنوب شرق) ينتظر أن تستمر حتى بعد غد الثلاثاء. وجاءت المناورات العسكرية بالتزامن مع استمرار عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة الحدودية مع العراق، وفق بيان رئاسة الأركان التركية.
في الإطار نفسه، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، إن عدم إلغاء الاستفتاء في الإقليم الكردي بالعراق «سيكون له نتائج خطيرة». وأضاف في تغريدات عبر حسابه في موقع «تويتر»: «ينبغي على أربيل أن تتراجع في أقرب وقت ممكن عن الخطأ الخطير (الاستفتاء)، الذي من شأنه التسبب بأزمات جديدة في المنطقة».