«قوات سوريا الديمقراطية» تسيطر على حقل غاز في دير الزور

معارك الرقة في جيوبها الأخيرة... والنظام يتمدد على ضفاف الفرات

مقاتلات من «قوات سوريا الديمقراطية» في الرقة (أ.ف.ب)
مقاتلات من «قوات سوريا الديمقراطية» في الرقة (أ.ف.ب)
TT

«قوات سوريا الديمقراطية» تسيطر على حقل غاز في دير الزور

مقاتلات من «قوات سوريا الديمقراطية» في الرقة (أ.ف.ب)
مقاتلات من «قوات سوريا الديمقراطية» في الرقة (أ.ف.ب)

تتسابق قوات النظام السوري المدعومة من روسيا والميليشيات الإيرانية، و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، لاستعادة أكبر مساحة من المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش، لا سيما في محافظتي دير الزور والرقة، حيث يتقهقر التنظيم عسكرياً، تحت وطأة الغارات الجوية والعمليات العسكرية التي يتعرّض لها على طول هذه الجبهات، في وقت تمكنت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» والقوات الأميركية من السيطرة على أكبر حقول الغاز في شرق سوريا.
وأفادت مصادر ميدانية بأن اشتباكات عنيفة دارت في شرق الفرات، بين قوات «عاصفة الجزيرة» من جهة، وعناصر «داعش» من جهة أخرى، في محيط حقول النفط الواقعة في هذه المنطقة، وأعلن قيادي في قوات سوريا الديمقراطية أمس (السبت)، أن القوات «انتزعت السيطرة على حقل كبير للغاز الطبيعي في محافظة دير الزور السورية من تنظيم داعش بعد أيام من القتال بالقرب من الضفة الشرقية لنهر الفرات».
وقال القيادي أحمد أبو خولة لوكالة «رويترز» إن «حقل غاز كونوكو هو الأول من نوعه الذي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية، منذ أن بدأت هجومها هذا الشهر للسيطرة على المحافظة الواقعة في شرق البلاد»، مشيراً إلى أن «الجيش السوري وحلفاءه، باتوا على بعد 4 كيلومترات من مواقع قوات سوريا الديمقراطية».
بدورها، أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» أنها «تمكنت من السيطرة على شركتي العزبة وكونوكو للبترول بريف دير الزور الشرقي». وقالت في بيان إن «عناصر مجلس دير الزور العسكري تمكنوا من السيطرة على الشركتين بعدما حاصروا عناصر داعش فيهما لمدة يومين». لكنّ أحمد الرمضان مدير شبكة «فرات بوست» التي تنقل أخبار المناطق الشرقية، أكد لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) أن «قوات المارينز الأميركية هي التي سيطرت على حقل الغاز، بعد هروب مسلحي داعش منه». ونفى دخول قوات سوريا الديمقراطية إلى الحقل، وقال الرمضان: «دخل بعض عناصر (قسد) وهم من المكون العربي إلى بداية الحقل، ثم خرجوا منه، وبقي الحقل تحت سيطرة القوات الأميركية».
وتواصل «سوريا الديمقراطية» التقدم في ريف دير الزور الشرقي، وباتت على مقربة من السيطرة على حقلي عطالله والجفرة النفطيين، ومن المنتظر أن تشن هجمات على القرى الواقعة على ضفة نهر الفرات الشرقية، بعد تضييق الخناق على عناصر التنظيم، وباتت قريبة من قرية مراط التي حققت فيها قوات النظام تقدماً خلال الأيام الأخيرة.
ويواجه تنظيم داعش في دير الزور هجومين منفصلين، تشنهما «قوات سوريا الديمقراطية» من جهة وقوات النظام وحلفاؤه من جهة أخرى، وقد أثار الهجومان مخاوف من احتمال حدوث اشتباكات بين الطرفين بما يزيد من حدّة التوتر بين واشنطن وموسكو.
من جهته، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «اشتباكات عنيفة تدور بين قوات النظام المدعومة بالمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية من جهة، وعناصر داعش من جهة أخرى، على محاور الضفاف الشرقية لنهر الفرات». ونقل المرصد عن مصادر تأكيدها أن قوات النظام «حققت تقدماً في المنطقة، وسيطرت على قريتي مظلوم ومراط وعلى أجزاء واسعة من بلدة خشام، في حين يعمد التنظيم لتنفيذ هجمات معاكسة، محاولاً إيقاع أكبر عدد من الخسائر البشرية في صفوف المهاجمين». وأوضحت المصادر نفسها، أن التنظيم «يحاول استعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها منذ عبور قوات النظام لنهر الفرات في 18 سبتمبر (أيلول) الحالي، وأن المعارك أسفرت عن سقوط خسائر بشرية مؤكدة في صفوف طرفي القتال».
وكانت قوات النظام والميليشيات الموالية لها تمكنت من السيطرة على قرى وبلدات عند الضفاف الغربية لنهر الفرات، بريف دير الزور الشمالي الغربي، حيث توسعت سيطرتها لتصل إلى أكثر من 100 كلم، حيث تقدمت وأحكمت سيطرتها على كامل الضفاف الغربية للفرات والريف الشمالي الغربي لمدينة دير الزور.
وفي مدينة الرقة، بقيت الجبهات مشتعلة بين «قوات سوريا الديمقراطية» من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، حيث تقلصت سيطرة الأخير إلى 3 أحياء فقط، وأعلن ناشطون أن «قتالاً عنيفاً يدور بين الطرفين في الأحياء التي لا تزال تحت سيطرة داعش»، وأوضحوا أن «عناصر التنظيم فقدوا مقومات الصمود داخل جيوبهم الأخيرة».
إلى ذلك، شنّت طائرات حربية روسية وأخرى تابعة للنظام، غارات على مدينة معدان، وهي آخر مدينة خاضعة لسيطرة «داعش» من محافظة الرقة، وسط قصف صاروخي مكثف وعنيف من قبل قوات النظام على المنطقة، وتأتي الغارات والقصف الصاروخي المكثف، عقب أيام من تمكن قوات النظام من إطباق حصارها على المنطقة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.