مصر تتسلم قطعة بحرية من فرنسا لمكافحة الإرهاب

خبير أمني: تحمي حدود البلاد الإقليمية من أي اعتداءات

TT

مصر تتسلم قطعة بحرية من فرنسا لمكافحة الإرهاب

دعمت القاهرة أسطولها البحري بفرقاطة «الفاتح» لحماية الأمن القومي، وأعلنت القوات المسلحة المصرية أمس تسلمها الوحدة الأولى من طراز «جوويند» التي تم بناؤها بشركة «نافال غروب» الفرنسية. وسط إشادات برلمانية وسياسية مصرية كبيرة. بينما قال العميد السيد عبد المحسن الخبير الأمني والاستراتيجي إن «الفرقاطة إضافة كبيرة للقوات البحرية، وسوف تحقق أهدافاً اقتصادية كبيرة من خلال حمايتها الصادرات والواردات عبر قناة السويس»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «فضلاً عن قدرتها على حماية حدود الدولة المصرية الإقليمية من أي اعتداءات».
وتحرص مصر على الاحتفاظ بأعلى درجات القدرة والجاهزية كقوة تحمي السلام وتكافح الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وسعيها المستمر إلى تنمية علاقاتها القوية مع حلفائها وشركائها والتعاون معهم لتحقيق الآمال والتطلعات المشتركة نحو الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وخلال الاحتفال الذي أقيم بميناء لوريون الفرنسي، قام الفريق أحمد خالد حسن قائد القوات البحرية برفع العلم المصري على «سجم الفاتح»، التي تعد واحدة من أصل 4 وحدات تم التعاقد عليها بين مصر وفرنسا، حيث تم بناء الأولى بفرنسا، وباقي الوحدات الثلاث يجرى بناؤها بشركة ترسانة الإسكندرية بالسواعد والعقول المصرية بالتعاون مع الجانب الفرنسي.
وعكس الاحتفال عمق علاقات التعاون التي تربط البحريتين المصرية والفرنسية، وجهود القيادة السياسية ودعمها الجاد والقوي لدفع العلاقات بين البلدين الصديقين في كثير من المجالات.
وقال المتحدث العسكري العقيد تامر الرفاعي في صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أمس: تتميز الوحدة الشبحية الجديدة «الفاتح» بالقدرة على الإبحار لمسافة 4 آلاف ميل بحري بسرعة تصل إلى 25 عقدة، ويبلغ طولها الكلي 103 أمتار، وتصل إزاحتها إلى 2540 طناً، وتتمتع بكثير من الخصائص التقنية ومنظومات التسليح الحديثة التي تمكنها من تنفيذ جميع المهام القتالية بالبحر، ومساندة وحماية القوات البرية بطول الساحل خلال العمليات الهجومية والدفاعية، بجانب مهام تأمين خطوط المواصلات البحرية وحراسة القوافل والسفن المنفردة في البحر والمراسي بما يمكنها من حماية أمن وسلامة السواحل والمياه الإقليمية والاقتصادية والأمن القومي المصري، مما يجعلها بمثابة إضافة تكنولوجية هائلة لإمكانات القوات البحرية في دعم قدرتها على حماية الأمن القومي المصري.
من جانبه، لفت هيرفي جييو رئيس مجلس إدارة مجموعة «نافال غروب» إلى أن الإمكانات التقنية الهائلة التي زودت بها الوحدة الجديدة من منظومات رصد إلكترونية وقتالية متعددة عالية القدرة تمكنها من تنفيذ الرصد والتتبع والاشتباك مع الأهداف الجوية والسطحية وتحت السطح، مؤكداً أنها ثمرة اتفاقات طويلة الأمد تم توقيعها بين القوات البحرية لكلا البلدين الصديقين.
وأكد الأميرال ديدى مالتير نائب قائد القوات البحرية الفرنسية علاقات الشراكة الممتدة والتعاون القوي مع القوات البحرية المصرية التي تسعى إلى تطوير قدراتها وإمكاناتها ارتباطاً بدور مصر الفاعل في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك استراتيجية تجمع مصر وفرنسا لتحقيق الاستقرار والسلام الإقليمي وتأمين حركة الملاحة البحرية.
من جانبه، أكد الفريق أحمد خالد اعتزاز القيادة المصرية بعمق وقوة العلاقات المصرية - الفرنسية وتقارب وجهات النظر في كثير من القضايا والموضوعات على الصعيدين الإقليمي والدولي. وأضاف أن «القوات المسلحة حريصة على تنفيذ استراتيجية شاملة لتطوير وتحديث الأسطول البحري المصري لتعزيز الأمن والاستقرار في مناطق عمل القوات البحرية، ودعم قدرته على مواجهة التحديات والمخاطر الحالية التي تشهدها المنطقة»، موضحاً أن الوحدة الجديدة تعد الأكثر تطوراً في السلاح البحري المصري لتعزيز قدرته على تحقيق الأمن البحري وحماية الحدود والمصالح الاقتصادية في البحرين الأحمر والمتوسط، ويكون قوة ردع لتحقيق السلام وتوفير حرية الملاحة البحرية الآمنة ودعم أمن قناة السويس كشريان مهم للتجارة البحرية الدولية في ظل التهديدات والتحديات التي تشهدها المنطقة.
في السياق ذاته، أشاد «دعم مصر»، ائتلاف الأغلبية في مجلس النواب (البرلمان)، بالفرقاطة «الفاتح»، مؤكداً أن هذه الصفقة تمثل إضافة جديدة وقفزة كبيرة للكفاءة القتالية للقوات البحرية المصرية.
وقال الدكتور صلاح حسب الله، المتحدث الرسمي للائتلاف في بيان له أمس، إن مصر بقيادة الرئيس السيسي نجحت في تحديث القوات المسلحة بأحدث المعدات التكنولوجية الحديثة من خلال التنوع في تسليحها، مؤكداً أن قواتنا المسلحة المصرية الباسلة تعد فخراً لمصر والدول العربية.
وأضاف أن «القوات المسلحة المصرية قادرة على حماية الأمن القومي المصري والعربي إضافة إلى دورها البطولي في مكافحة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله والحفاظ على الحدود المصرية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم