لقاء باسيل ـ المعلم يعمّق الانقسام اللبناني حول «التطبيع» مع النظام السوري

TT

لقاء باسيل ـ المعلم يعمّق الانقسام اللبناني حول «التطبيع» مع النظام السوري

عمّق اللقاء الذي جمع وزيري الخارجية اللبناني جبران باسيل والسوري وليد المعلم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الانقسام اللبناني الداخلي حول تطبيع العلاقات مع النظام في سوريا، في ظل إصرار قوى «14 آذار» وعلى رأسها تيار «المستقبل» الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري على رفض أي تنسيق أو تعاطٍ مع النظام في دمشق، مقابل قرار واضح في قوى «8 آذار» على الدفع باتجاه إعادة العلاقات اللبنانية - السورية إلى سابق عهدها، وإن بغياب قرار حكومي في هذا المجال.
واكتفى باسيل بنشر صورة للقاء الذي جمعه بالمعلم من دون إصدار أي بيان بخصوص فحوى الاجتماع، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن اللقاء بين المعلم وباسيل، الذي انعقد مساء أول من أمس، بحث العلاقات الثنائية بين «البلدين الشقيقين»، بما في ذلك التنسيق والتعاون السياسي والاقتصادي وغير ذلك من المجالات. وأكد المعلم، بحسب «سانا»، أنَّ «العلاقات السورية اللبنانية ثابتة مهما حاول البعض وضع العقبات في طريقها، وهذه حقائق التاريخ والجغرافيا»، كما تحدث عن التطورات في مجال مكافحة الإرهاب وعملية «آستانا» ومناطق تخفيف التوتر، لافتاً إلى أن «سوريا ماضية في مكافحة الإرهاب».
ونقلت الوكالة عن جبران تأكيده على «أهمية العلاقات بين البلدين والتنسيق المشترك بينهما في مختلف المجالات»، معتبراً أن «التطورات الإيجابية التي تشهدها الساحة السورية وانتصارات الجيش السوري على الإرهاب ستضطر أولئك الذين يتخذون موقفاً سلبياً من سوريا إلى التراجع عن هذا الموقف والمساهمة في إعادة الإعمار».
وقالت مصادر واكبت لقاء المعلم - باسيل إن الاجتماع «تم بطلب من الوزير اللبناني الذي أصر على التأكيد أنّه يعقده بصفته الرسمية وليس الشخصية، وعلى التشديد على أن العلاقة قائمة بين لبنان وسوريا رغم ما أصابها في السنوات الستّ الماضية جراء اندلاع الأزمة السورية».
ويعتبر «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه باسيل أن عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم يجب أن تكون أولوية للدولة اللبنانية، مؤكدا أن ذلك لا يمكن أن يحصل دون التنسيق مع النظام في سوريا. وأرسل هذا النظام أكثر من مرة رسائل عبر موفدين لبنانيين زاروا دمشق، مفادها أن أي تعاون من قبل سوريا لإعادة اللاجئين يجب أن يتم بعد تواصل مباشر رسمي وعلني بين الدولتين اللبنانية والسورية.
ورد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أمس، على هذه الرسائل، قائلاً: «عندما يعلم النازحون السوريون أن عودتهم مرتبطة بالتنسيق مع نظام بشار الأسد، لن يعودوا، لأن من تسبب بتهجيرهم أصلاً هو الأسد نفسه». وأضاف: «قرار عودة النازحين السوريين قرار سيادي، وعلينا معرفة كيفية العمل لإعادتهم على الطريقة التي عملت بها تركيا».
وعلى الرغم من أن وزراء الصناعة والزراعة والنقل اللبنانيين المحسوبين على قوى «8 آذار» كانوا قد بدأوا «التطبيع» مع النظام السوري عبر سلسلة زيارات قاموا بها إلى دمشق، رغم إصرار الحريري وأعضاء في حكومته على اعتبار هذه الزيارات تتم بصفة شخصية، فإن من شأن لقاء المعلم - باسيل أن تكون له ارتدادات كبيرة على الوضع الحكومي، لا سيما أن الأخير وزير للخارجية وبالتالي تعكس مواقفه وخطواته «سياسة لبنان الخارجية».
ولا تخفي مصادر رفيعة في تيار «المستقبل» امتعاضها من خطوة باسيل، وإن كانت تبدو حريصة على محاولة استيعاب ما حصل «حرصاً على العلاقة مع رئيس الجمهورية وعلى استقرار الوضع الحكومي»، لافتةً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذا اللقاء لا شك ستكون له ارتداداته على الوضع اللبناني الداخلي لكنّه لن يلزمنا أو يلزم الحكومة بالتطبيع مع النظام في سوريا».
واحتدم السجال أمس بين الفريقين علماً أن الاصطفافين المذكورين كانا تفككا إلى حد كبير في المرحلة الماضية نتيجة التفاهمات الجديدة التي أدّت لانتخاب العماد عون رئيساً للبلاد. وقال وزير الدولة لشؤون النازحين الوزير معين المرعبي: «مبروك لباسيل أن يبقى إلى جانب المعلم وبشار الأسد المجرم و(إن شا الله) يبقون معاً مع كل جماعة القتل والإرهاب»، مشدداً على أن «لا باسيل ولا غيره يستطيع أن يجرنا للتطبيع مع النظام السوري الذي دمّر اقتصاد لبنان واحتلّ البلد 30 عاماً واستعمل كل أساليب القتل والسجن وكلفنا شهداء». وأضاف: «واليوم هناك من يحاول القول وكأن هذه الأمور لم تمر في تاريخنا»، معتبراً أن هذا اللقاء هو «نكران لما حصل وتكريم للجلاد».
بالمقابل، اعتبر القيادي في «التيار الوطني الحر» سليم عون أنّه «يجب ألا نتفاجأ باللقاء بين وزير الخارجية جبران باسيل ونظيره السوري وليد المعلم، بل يجب أن نتفاجأ إذا لم يحصل اللقاء»، موضحاً أنّ «هناك مصلحة لبنانية عليا، ونحن كفريق سياسي خياراتنا معروفة، وإن كنا في بعض الأمور نحاول المسايرة، للمحافظة على وحدة الصف الداخلي».
أما النائب أكرم شهيب، عضو «اللقاء الديمقراطي» الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط، نبّه إلى أن «ما حذرنا منه بدأ يتظهر على صعيد الارتماء في أحضان النظام السوري الموسوم بجرائم القتل والإبادة بحق شعبه، والمسؤول عن أزمة النازحين التي نشكو من تداعياتها»، لافتاً إلى أن «الصورة التي تناولتها وسائل الإعلام عن اللقاء مع وزير خارجية النظام المجرم في دمشق لا تدل على العمل من أجل الوحدة الوطنية التي نادينا بها ونعمل لها». وقال شهيب: «الشراكة لا تكون بالتفرد، والتضامن الحكومي لا يكون بالخروج عن التسوية التي أنتجت رئاسة وتشكيل الحكومة».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.