مصر تتسلم الفرقاطة «الفاتح» من فرنسا

من طراز «غوويند»... وتبحر إلى مصر غداً

فرقاطة فرنسية من طراز «غويند» - أرشيفية (نافال غروب)
فرقاطة فرنسية من طراز «غويند» - أرشيفية (نافال غروب)
TT

مصر تتسلم الفرقاطة «الفاتح» من فرنسا

فرقاطة فرنسية من طراز «غويند» - أرشيفية (نافال غروب)
فرقاطة فرنسية من طراز «غويند» - أرشيفية (نافال غروب)

تسلمت القوات المسلحة المصرية، اليوم (الجمعة)، الفرقاطة «الفاتح» من طراز «غوويند» بفرنسا، من شركة «نافال غروب» الفرنسية، وهي الأولى ضمن 4 فرقاطات تم التعاقد عليها، على أن يتم بناء الثلاث الأخريات في ترسانة الإسكندرية، بعقول وسواعد مصرية.
ويأتي تسلم الفرقاطة «الفاتح» استمراراً لجهود القوات المسلحة المصرية في دعم القدرات القتالية والفنية للقوات البحرية المصرية، وتطويرها وفقاً لأحداث النظم القتالية العالمية، كما أنه يعكس عمق علاقات التعاون التي تربط البحريتين المصرية والفرنسية، وجهود القيادة السياسية، ودعمها الجاد والقوى لدفع العلاقات بين البلدين الصديقين في كثير من المجالات.
وقام قائد القوات البحرية المصرية، الفريق أحمد خالد، الذي وصل إلى مرفأ «لوريان»، في شمال غربي فرنسا، على رأس وفد عسكري رفيع المستوى، برفع العلم المصري على الفرقاطة، إيذاناً بدخولها الخدمة بالقوات المسلحة المصرية، لتشهد منظومة التسليح بالقوات البحرية تطوراً عالمياً بدخول هذه الفرقاطة الجديدة للخدمة.
ونقل الفريق أحمد خالد حسن تحيات وتقدير الرئيس عبد الفتاح السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، والفريق أول صدقي صبحي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، إلى الجانب الفرنسي على التعاون المثمر والبناء في إطلاق مشروع الفرقاطات «غوويند»، وأعرب عن سعادته البالغة لحضور مراسم رفع العلم فوق الفرقاطة.
وفى كلمة خلال الاحتفال بتسلم الفرقاطة «الفاتح»، قال الفريق خالد إن مصر وفرنسا تتفقان تماماً على أن الإرهاب يمثل تهديداً حقيقياً لكل دول العالم، مشيراً إلى أن التحديات الأمنية لا تقتصر على التهديدات العسكرية بشكلها التقليدي فقط، بل أضيف لها تهديدات الجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة.
وأضاف أننا نشهد الآن لحظة جديدة من اللحظات الهامة في تاريخ قواتنا البحرية، وأيضاً في تاريخ العلاقات المتميزة بين فرنسا ومصر، وحلقة جديدة من حلقات تطوير القوات البحرية المصرية كماً وكيفاً، لتكون في مصاف بحريات العالم الفاعلة.
وتابع: «إننا نحتفل اليوم بانضمام قطعة جديدة إلى الأسطول البحري المصري، وهي تعد من أحدث الفرقاطات على مستوى العالم تكنيكياً وتقنياً، حيث تتمتع بقدرات عالية على الإخفاء والتمويه، بالإضافة إلى تنوع أنظمة القتال، وكل هذا دليل قاطع على رؤية ثاقبة للقيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة للتحديات والتهديدات المتنامية بالمنطقة الحالية والمستقبلية، سواء كانت نمطية أم غير نمطية».
وأضاف الفريق خالد أن أهمية انضمام هذا النوع الجديد من الوحدات البحرية إلى القوات البحرية المصرية تجئ بعد تعرض منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الخمس الأخيرة إلى تغيرات جيوستراتيجية وسياسية وأمنية حادة لم تؤثر في تغيير شكل المنطقة فحسب، بل غيرت أيضاً في نمط التحديات والتهديدات الموجودة فيها، وساهمت في إبراز أشكال جديدة من الجرائم التي ترتكب وتؤثر في مجال الأمن البحري بالمنطقة.
ولفت قائد البحرية المصرية إلى أن انضمام كثير من الوحدات البحرية الحديثة لتتناسب مع التحديات الحالية والمستقبلية، ولنضمن أيضاً استمرار الدور الفعال للقوات البحرية المصرية في تأمين الثروات القوية للبحر داخل وفي عمق مياهنا الاقتصادية. وكان آخرها حاملتي طائرات مروحية طراز ميسترال «جمال عبد الناصر وأنور السادات»، إضافة إلى الفرقاطة طراز فريم «تحيا مصر»، وعدد من لنشات الصواريخ والغواصات التقليدية المتقدمة.
وأضاف أن القوات البحرية تتمتع برصيد وافر من الخبرات العملية والعلمية، جعلها تحظى بسمعة دولية مرموقة على المستويين الإقليمي والعالمي، وجعل هذا كثيراً من الدول تحرص على التعاون معاً في مجال التدريبات المشتركة والتأهيل العلمي، من كوادر وتبادل الخبرات في شتى المجالات.
من جهتها، أعربت مجموعة «نافال غروب» الفرنسية عن فخرها بقيامها، اليوم، بتسليم أول فرقاطة «كورفيت» من طراز «غوويند» إلى القوات البحرية المصرية.
وأشارت المجموعة، في بيان لها اليوم بهذه المناسبة، إلى أنه تم إنجاز هذا البرنامج خلال مدة قياسية، حيث تم تسليم الفرقاطة «الفاتح» خلال 36 شهراً فقط من تاريخ الطلب، وسوف تبحر غداً (السبت) نحو ميناء قاعدتها في مصر.
كما تفقد الفريق أحمد خالد، والوفد المرافق له، الفرقاطة للوقوف على آخر الاستعدادات قبل إبحارها نحو السواحل المصرية.
يذكر أن الفرقاطة الجديدة قادرة على الإبحار لمسافة 4 آلاف ميل بحري، وتصل سرعتها إلى 25 عقدة، ويبلغ طولها الكلي 103 أمتار، وتصل حمولتها الكلية إلى 2540 طناً، ولها القدرة على تنفيذ جميع المهام القتالية بالبحر.
وقد تم إعداد وتأهيل الأطقم التخصصية والفنية العاملة على الفرقاطة في توقيت قياسي، وفقاً لبرنامج متزامن تم تنفيذه على مرحلتين بمصر وفرنسا، وبالتعاون مع الجانب الفرنسي، للإلمام بأحدث ما وصل إليه العالم من تكنولوجيا الفرقاطات.
وأوضح الفريق أحمد خالد أن مشروع بناء الفرقاطة «غوويند» يشمل نقل تكنولوجيا التصنيع والبناء، بالاعتماد على العقول والسواعد المصرية، مضافة إليها الخبرات الفرنسية العميقة في مجال التصنيع وبناء السفن وفقاً لأحدث التقنيات والتكنولوجيا العالمية، حيث يتم في وقت متزامن الآن تصنيع 3 فرقاطات في شركة ترسانة الإسكندرية، بالتعاون الكامل مع شركة «نافال غروب» الفرنسية.
ووصف نائب قائد القوات البحرية الفرنسية، ديديه مالتير، البحرية المصرية بأنها على المستوى اللائق، وأي دولة تفتخر بامتلاكها مثل هذه القوات البحرية.
وقال في كلمته خلال الاحتفال إن القوات البحرية المصرية دائماً تعمل على التقدم للأمام من أجل خدمة بلادهم، وكذلك أفراد القوات البحرية يعملون على الاحتراف والإتقان والتكامل لتطوير أنفسهم والتقدم للأمام، وبذل قصارى جهدهم من أجل خدمة بلادهم.
وأضاف أن هناك استراتيجية هامة تجمع بين مصر وفرنسا من أجل الاستقرار الأمني، معرباً عن ثقته في قدرة القوات البحرية المصرية على تأمين المجرى الملاحي، خصوصاً في قناة السويس، وقال: «عندما تمر القوات الفرنسية هناك، نشعر بأمان كامل، ولدينا ثقة كبيرة في القوات البحرية في مصر».



«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

بعد محادثات في الدوحة مع «حماس»، عدّها الوسطاء «بادرة أمل»، تعالت مطالب مشاركين في اجتماع وزاري عربي - إسلامي - أوروبي في مدريد، بأهمية «وقف إطلاق النار بغزة»، قبيل اجتماعات أممية تخشى إسرائيل من أنها ستدعم الحقوق الفلسطينية.

«اجتماع مدريد» الذي عدّته القاهرة «فرصة مهمة»، ضمن جهود أممية لوقف الحرب في غزة، يراه خبراء -تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»- «مساعي جديدة ومهمة خصوصاً أنه يأتي في توقيت تقف فيه المفاوضات في ظرف حرج وتحتاج إلى دفعة، وقد يشكّل الاجتماع ضغطاً دولياً على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو».

«اجتماع مدريد» يهدف إلى «التنسيق حول الأوضاع في غزة وخطوات تنفيذ حل الدولتين، والتحضير للحدث رفيع المستوى في هذا الشأن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79»، وفق إفادة وزارة الخارجية السعودية، الجمعة. ويشارك في الاجتماع «أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة (التي أُقيمت في الرياض خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2023)».

وعدّت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، «اجتماع مدريد» الذي يشارك فيه وزيرها بدر عبد العاطي بأنه «سيمثّل فرصة مهمة للتشاور حول سبل دفع جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وتنفيذ حل الدولتين».

وبحضور وزاري عربي - أوروبي، بينهم وزراء خارجية المملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، وفلسطين، قال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في مؤتمر صحافي: «نأمل أن يُسهم الاجتماع في دفع سبل إنهاء الحرب على غزة (...) نحن نفتح جهوداً جديدة لدعم مستقبل للفلسطينيين وسلام دائم وحل الدولتين، ونجتمع لإيصال صوت موحد عربي وإسلامي وأوروبي في هذا الصدد، وللتنسيق للاجتماعات المقبلة».

وشدد الوزير الإسباني على «دعم جهود قطر ومصر والولايات المتحدة، لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن»، مؤكداً أنه «يجب أن تقف الحرب الآن، ولا داعي لذرائع لتمديد معاناة الملايين».

تلك المطالب سينضم إليها تصويت أممي محتمل، الأربعاء المقبل، في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، على مشروع قرار فلسطيني يطالب إسرائيل بإنهاء «وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 6 أشهر»، في حين دعا السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، الجمعية العامة إلى «رفض هذا القرار الشائن بشكل قاطع».

آثار القصف الإسرائيلي على مباني شمال قطاع غزة (رويترز)

ومع ذلك الحراك الجديد، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، أننا أمام «مشهد جديد» تحاول فيه الأسرة الدولية حتى في غياب الولايات المتحدة، تأكيد أن أسس عملية مدريد (التي قادت لعملية سلام في 1991) باقية، وأن أسس الحل واحدة، لافتاً إلى أن «اجتماع مدريد» «سيكون مخصصاً لدعم الأمور العاجلة، وعلى رأسها وقف إطلاق النار بغزة وتعزيز جهود الوسطاء»، وهذا ما أكده وزير الخارجية الإسباني.

ويعتقد حجازي أن الاجتماع بكل تأكيد «هو بلورة للموقف الدولي نحو الهدنة»، ونوع من الضغوط على الإدارة الأميركية، ويقدّم إليها الآلية التي يمكن من خلالها النفاذ إلى جهود الحل «إذا ما رغبت في ذلك».

نتائج «اجتماع مدريد»، بالإضافة إلى التصويت الأممي، يراها المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، «مساعي جديدة من باب الضغط الدبلوماسي وترتيب الأوراق مع الأصدقاء الأوروبيين، وقد تُسهم في تحريك ملف الهدنة»، مضيفاً: «لكن رغم أهمية الحراك، مَن يمتلك الضغط الحقيقي على نتنياهو، الولايات المتحدة غير المشاركة في الاجتماع، وعليها دور كبير في وقف ما يحدث بغزة لو تحركت بجدية».

في المقابل، ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الخميس، أن هناك «استعدادات في إسرائيل ونيويورك لإدارة معركة لمواجهة الخطوات الدراماتيكية التي تعمل عليها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة»، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي «هزيمة لواء رفح» التابع لـ«حماس»، وعدم العثور على أي أنفاق «نشطة» في الحدود مع مصر، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مسؤولين عسكريين، الخميس.

صورة اُلتقطت في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة تُظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

ويسيطر الجيش الإسرائيلي حالياً على رفح الفلسطينية، والمنطقة الحدودية مع مصر، التي تشمل «محور فيلادلفيا» منذ مايو (أيار) الماضي، ولا يزال رفض نتنياهو مغادرتها عقبة رئيسية في المفاوضات؛ إذ يتذرع بأن الأنفاق تشهد تهريباً للسلاح إلى «حماس»، وهو ما نفته مصر، وطالبته بالانسحاب الفوري منه مراراً.

ووسط تأزم بالمفاوضات بسبب تلك العقبات، قال مصدر مصري رفيع المستوى، الأربعاء، في تصريحات لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، إن اجتماعاً حضرته «حماس» بالدوحة مع الوسطاء «يشكّل بادرة أمل» نحو عقد اتفاق.

ولا يرى حجازي أن «هناك بادرة لأن يغيّر نتنياهو مسار العنف الذي يتبناه ما لم تغيّر الولايات المتحدة أسلوبها تجاهه بشكل صارم وجاد»، ويستدرك: «أشك في ذلك، لذا سيبقى الوضع على ما هو عليه لما بعد الانتخابات الأميركية». وعوّل على «استمرار الجهود الدولية لدعم التوصل لاتفاق بوصفه أملاً وحيداً متبقياً لإنهاء التصعيد في المنطقة».

ووفق الرقب فإن العقبات التي لا تزال موجودة أمام إبرام اتفاق لا تتوقف على «محور فيلادلفيا» فقط، فهناك خلافات بشأن عدد الأسرى والمطالبات الإسرائيلية بـ«فيتو» على بعض الأسماء الفلسطينية، والوجود في الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وعودة النازحين بحرية دون تفتيش. ولفت إلى أن الحديث الإسرائيلي عن عدم وجود أنشطة بالأنفاق تأكيد على أحاديث القاهرة المتكررة، لكن على أرض الواقع هناك أبراج مراقبة وتوسعات تنشئها إسرائيل تؤكد أن نتنياهو لا يريد أي حل لهذه العقبة في هذا المحور.