القوى الغربية تدعو إلى انتقال سياسي بلا عنف في ليبيا

مظاهرات في طرابلس دعما لحفتر

ليبيون يتظاهرون في شوارع طرابلس للمطالبة بالكرامة والأمن (أ.ف.ب)
ليبيون يتظاهرون في شوارع طرابلس للمطالبة بالكرامة والأمن (أ.ف.ب)
TT

القوى الغربية تدعو إلى انتقال سياسي بلا عنف في ليبيا

ليبيون يتظاهرون في شوارع طرابلس للمطالبة بالكرامة والأمن (أ.ف.ب)
ليبيون يتظاهرون في شوارع طرابلس للمطالبة بالكرامة والأمن (أ.ف.ب)

تظاهر أمس مئات آلاف الليبيين في عدة مدن خاصة العاصمة الليبية طرابلس ومدينة بنغازي (شرقا) تأييدا لعملية «الكرامة» العسكرية التي تشنها قوات تابعة للواء خليفة حفتر، القائد السابق للقوات البرية في الجيش الليبي، ضد الجماعات المسلحة المتطرفة، في مظاهرات سميت «جمعة الكرامة» ووصفها مراقبون محليون بأنها الأكبر والأضخم من نوعها منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
وعبرت الولايات المتحدة ودول أوروبية عن القلق العميق تجاه العنف في ليبيا، وحذرت من أن البلاد تقف على «مفترق طرق» بين مواصلة الطريق نحو تحول سياسي أو السقوط في هوة الفوضى والانقسام والعنف والإرهاب.
وقالت هذه الدول في بيان مشترك أصدرته أمس: «يشعر الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة بقلق بالغ من أعمال العنف المستمرة وتدعو كل الأطراف إلى عدم استخدام القوة وتسوية الخلافات بالسبل السياسية». وعرض البيان أيضا دعم الغرب لعملية مصالحة شاملة بمساعدة الأمم المتحدة، لكنه حذر من أن «الانقسامات المستمرة بين الليبيين ستؤثر بشكل كبير على قدرة المجتمع الدولي على تقديم المساعدة». واتخذ الخارجية الروسي سيرغي لافروف نفس الموقف، حيث عد في كلمة ألقاها في مؤتمر موسكو الثالث للأمن الدولي، أن الوضع في ليبيا يثير قلقا متزايدا، حيث من الواضح أنه وصل إلى طريق مسدود.
وأضاف لافروف، بحسب ما نقلته وكالة أنباء موسكو الروسية، أن لا أحد من «أصدقاء ليبيا» يستطيع إخراج البلاد من هذه الأزمة وحده، محذرا من أن تفكك ليبيا بشكل نهائي سيؤدي إلى ظهور بؤرة جديدة للتوتر ومصدر دائم للمخاطر في منطقة الصحراء والساحل. وفي مواجهة هذه المخاطر، استعاد آلاف الليبيين ذاكرة المظاهرات الشعبية الضخمة واحتشدوا أمام ساحة فندق تيبستي وسط بنغازي عاصمة الثورة ومهد الانتفاضة الشعبية ضد نظام القذافي، كما تجمعت أعداد كبيرة في ميدان الشهداء بوسط العاصمة طرابلس رافعين شعارات التأييد لحفتر ومرددين الهتافات الموالية له وسط إجراءات أمنية مشددة فرضتها مديرية أمن طرابلس التي نشرت نحو 1800 رجل أمن بالزى الرسمي والمدني في طار خطة أمنية لتأمين المظاهرة.
وقال مشاركون في المظاهرة هاتفيا لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه المظاهرة موجهة بالأساس إلى المتطرفين في ليبيا ولدعم عملية الكرامة التي يقودها حفتر، ولفتوا إلى أن المتظاهرين الذين رفعوا أعلام الاستقلال وصور حفتر، قد رددوا أيضا هتافات مناوئة لمفتي ليبيا الشيخ الصادق الغرياني ولجماعة الإخوان المسلمين.
واستقال السادات البدري، رئيس مجلس طرابلس المحلي والمحسوب على التيار الإسلامي قبل هذه المظاهرات، مشيرا إلى أن قرار نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والقائد الأعلى للجيش الليبي باستدعاء الدروع لطرابلس لم يجر التنسيق فيه مع المجلس المحلي لمدينة طرابلس الكبرى ولم تجر مشاركة المجلس في اتخاذ هذا القرار.
وانتقد أداء حكومة الثني واتهمها بهدر أموال الليبيين، وعدم قدرتها على اعتقال من قام بإطلاق الصواريخ العشوائية على السكان في طرابلس رغم علمها بمن هدد بإطلاقها. ووصف ما تعرضت له مدينة طرابلس ليلة الثلاثاء الماضي من سقوط أكثر من أربعة صواريخ غراد على السكان بالعمل الإجرامي، مضيفا أن «هذا السلاح يستخدم في الحروب المفتوحة وعمليات المسح أمام الجنود ويعد بكل المقاييس الدولية جريمة ضد الإنسانية».
وأعلن المجلس العسكري الأعلى للجيش الوطني بقيادة حفتر في بيان تلاه محمد حجازي، الناطق الرسمي باسمه، أن عملية الكرامة هي لكل الليبيين بهدف القضاء على الإرهاب والعصابات الخارجة عن القانون. وقال البيان الذي يعد الثالث من نوعه منذ بدء العملية الأسبوع الماضي: «نتمنى أن نرى ليبيا في مصاف الدول المتقدمة، لا نريد الحديث عن الماضي ولا عمن سبقونا، دعونا نتكلم عن المستقبل وما نطمح إليه جميعا».
وأضاف: «إن جيشكم هب لتقديم نفسه فداء لكم وتلبية لندائكم، لا مكان بيننا للإرهاب باسم الدين ولا لمن يكفرنا، بل نسعى لدولة مدنية ديمقراطية».
من جهته، كشف وزير العدل الليبي، صلاح الميرغني، عن إقرار الحكومة الانتقالية لمشروع قانون لمكافحة الإرهاب في ليبيا وتقديمه إلى المؤتمر الوطني للموافقة على إصداره أو مجلس النواب القادم.
وقال الميرغني في مؤتمر صحافي عقده أول من أمس، إن مجلس الوزراء أقر المشروع وأرسله إلى المؤتمر الوطني، ولعل مجلس النواب القادم ينظر فيه كأول أعماله لأهمية هذا الأمر، ولتسهيل التعامل مع هذه الظاهرة السلبية التي تؤرق مضاجع الليبيين، وتؤدي إلى قتلهم، مشيرا إلى أن نص القانون سينشر لاحقا على الموقع الإلكتروني لوزارة العدل. وقال بيان منفصل لحكومة الثني، إن مدير مكتب الجامعة العربية ورؤساء البعثات الدبلوماسية العربية المعتمدين بليبيا، الذين التقوا الثني أول من أمس، أعربوا عن تأييدهم للمبادرة التي اقترحتها حكومته على البرلمان الليبي واستعداد بلدانهم للمساهمة في إنجاحها بما يوفر الأمن والاستقرار والتقدم للشعب الليبي.
في المقابل، أعلن صالح المخزوم، النائب الثاني لرئيس المؤتمر الوطني، أن المؤتمر تسلم عددا من المبادرات المتعلقة بالوضع الراهن الذي تمر به ليبيا، سواء من الحكومة الحالية أو منظمات المجتمع المدني أو من النخب السياسية، مشيرا إلى أن انتخاب مجلس النواب الذي سيتسلم السلطة من المؤتمر سيجري في الخامس والعشرين من شهر يونيو (حزيران) المقبل.
وأعرب عن استغرابه لاتهامات الحبيب الأمين، وزير الثقافة، للبرلمان بتعطيل عمل الحكومة، وانحيازه إلى كتائب معينة، موضحا أن المؤتمر شدد في قرارات متعلقة بإخراج كل الكتائب المسلحة من المدن وضمها تحت رئاسة الأركان قبل نهاية العام الماضي، على استخدام القوة في مواجهة الكتائب غير الشرعية، إلا أن الحكومة أخفقت في تنفيذ هذه القرارات. كما انتقد عجز الحكومة عن تقديم تقارير وتحقيقات وأسماء من يقوم بالاغتيالات والإرهاب والاعتقال في ليبيا.
من جهة أخرى، استقال نوري بالروين، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، من منصبه وعين مكانه أحد أعضاء مجلس الإدارة، في حين نفى الناطق باسم المؤسسة أي علاقة لهذا القرار بالأزمة السياسية الحالية في البلاد.
إلى ذلك، طمأن مصرف ليبيا المركزي، لمواطنين، بتوفر السيولة المالية بكافة فروع المصارف التجارية في ليبيا، وقال في بيان له أمس، إنه على استعداد لسد الاحتياجات المستقبلية للمصارف التجارية بمختلف أنحاء ليبيا عبر فروع المصرف المركزي. وأضاف المصرف، أنه مؤسسة مالية سيادية تؤدي عملها بمهنية كاملة وفق القوانين السائدة ويحظى باحترام المؤسسات الدولية، وينأى بنفسه عن أي تجاذبات سياسية، وأنه سيستمر في القيام بدوره لتأسيس دولة القانون ومواصلة مساعيه في مكافحة الفساد.
وفي مدينة بنغازي بشرق ليبيا، قصف مجهولون أمس معسكر القوات الخاصة في المدينة بثلاثة صواريخ غراد، لكنها سقطت في ساحة المعسكر ولم تسفر عن سقوط ضحايا، وفقا لما نقلته وكالة أنباء التضامن الليبية عن مصدر عسكري.
وأصيب 20 مدنيا بجروح عندما سقطت قذيفة على أحد المنازل في بنغازي، حيث قال الناطق باسم مستشفى الهواري في بنغازي، إن «20 شخصا من أسرة واحدة أصيبوا بجروح مختلفة الخطورة إثر سقوط قذيفة على منزلهم»، موضحا أنهم أصيبوا بشظايا.
ووقع الانفجار في حي أبو هديمة وسط بنغازي على بعد بضعة كيلومترات من المقر العام لوحدة من نخبة الجيش النظامي الليبي التي أصيب أيضا بقذيفة لم تخلف ضحايا وفق مصر أمني.
وأعلنت هذه الوحدة هذا الأسبوع انضمامها إلى اللواء خليفة حفتر، في حين تشهد مدينة بنغازي توترا أمنيا منذ يوم الجمعة الماضي عندما أطلق «الجيش الوطني الليبي» بقيادة حفتر عملية «كرامة ليبيا» ضد ما يصفهم بالمتطرفين.



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.