النمو القوي في الصين ينطوي على «توسع مبالغ» بالإقراض

TT

النمو القوي في الصين ينطوي على «توسع مبالغ» بالإقراض

خفضت وكالة ستاندرد أند بورز أمس تصنيفها الائتماني للصين رغم توقعاتها لنمو اقتصاد البلاد بقوة خلال السنوات المقبلة، حيث جاء تصنيف الوكالة الجديد بناء على استشعارها للمخاطر من التوسع في الإقراض المحلي بمعدلات متسارعة.
وقلصت ستاندرد أند بورز من التصنيف الصيني السيادي طويل المدى إلى A+ والتصنيف قصير المدى إلى A - 1 مع نظرة طويلة المدى مستقرة، وهي الخطوة التي تأتي بعد إجراء مماثل قامت به وكالة «موديز» في مايو (أيار) الماضي.
وقالت ستاندرد أند بورز في التقرير المنشور على موقعها الإلكتروني إن «التخفيض يعكس تقييمنا بأن فترة النمو القوي الطويلة للقروض زادت من مخاطر الصين الاقتصادية والمالية».
وأشارت الوكالة إلى أن مستحقات المؤسسات المالية لدى القطاع غير الحكومي داخل الصين زادت بوتيرة متسارعة منذ 2009، مضيفة أن هذه الزيادة «غالبا ما كانت تفوق معدل نمو الدخل».
ولم تقلل الوكالة من الجهود الحكومية لكبح تمويلات الشركات بما يسهم في استقرار المخاطر المالية على المدى المتوسط، لكنها قدرت أن معدل نمو القروض خلال العامين أو الثلاثة المقبلين سيظل عند مستويات تزيد من المخاطر المالية بشكل تدريجي.
وتأتي المخاطر المالية للصين في سياق زخم النمو الاقتصادي الصيني، الذي تتنبأ ستاندرد أند بورز باستمراره خلال السنوات المقبلة، برغم ظلال التباطؤ التي تهيمن على الاقتصاد العالمي.
وقالت الوكالة في تقريرها إن «الصين ستحافظ على الأداء الاقتصادي القوي خلال السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة»، متوقعة أن يظل النمو قرابة 5.8 في المائة أو أكثر حتى 2020 وأن تستمر مستويات الاستثمار المحلية فوق نسبة 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي... لكنها حذرت في ذات الوقت من التوسع في الإقراض لدعم النمو الاقتصادي، والذي سيزيد من يقين الوكالة بشأن خفض تصنيف البلاد.
وتعد معدلات النمو الأخيرة للصين «متراجعة» عن مستوياتها السابقة، لكن البلاد لا تزال قادرة على الحفاظ على وتيرة النمو القوي، حيث تراوح النمو في الفترة من 2012 إلى 2015 بين نحو 7 و8 في المائة، مقابل 9.5 في المائة في 2011.
وتضع الصين الاستقرار المالي على رأس أولوياتها، وتعمل على كبح نمو اقتراض القطاع العام، كما تقول الوكالة، لكنها تشير إلى أن بعض أشكال الإقراض للاستثمارات العامة تتم من خلال حكومات محلية (إدارة المقاطعات)، وهي القروض التي قد يتم ردها في المستقبل بالاعتماد على موارد مالية حكومية.
وتستحوذ تصنيفات الاقتصاد الصيني على اهتمام دولي، خاصة في ظل الدور الرائد الذي تلعبه البلاد في تمويل النظام المالي العالمي، وقالت ستاندرد أند بورز إن «الصين تظل جهة إقراض كبرى للخارج».
وقدرت ستاندرد أند بورز أن إجمالي قيمة الأصول الخارجية للصين يتجاوز إجمالي التزاماتها بما يساوي 65 في المائة من عوائد الحساب الجاري.
وفي تعاملاتها المالية مع العالم تخرج الصين رابحة، إذ يسجل حسابها الجاري فائضا، وهو الأداء الذي توقعت الوكالة استمراره بحيث يتجاوز هذا الفائض ما قيمته 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة من 2017 - 2020.
ويعكس التوسع في الاستخدام الدولي للعملة الصينية (اليوان) قوة حضورها في الاقتصاد العالمي، وقالت ستاندرد أند بورز، نقلا عن تقرير صيني نشر خلال 2016 إن اليوان تم تداوله بنسبة 4 في المائة من الصفقات العالمية بالعملات الأجنبية.



اقتصاد منطقة اليورو ينهي عام 2024 على تراجع وسط مخاوف بشأن التجارة

شارع بمدينة كمنيتس شرق ألمانيا (أ.ف.ب)
شارع بمدينة كمنيتس شرق ألمانيا (أ.ف.ب)
TT

اقتصاد منطقة اليورو ينهي عام 2024 على تراجع وسط مخاوف بشأن التجارة

شارع بمدينة كمنيتس شرق ألمانيا (أ.ف.ب)
شارع بمدينة كمنيتس شرق ألمانيا (أ.ف.ب)

أظهر كثير من المؤشرات الرئيسية، يوم الأربعاء، أن اقتصاد منطقة اليورو، الذي ظل يتجنب الركود لأكثر من عام، أنهى عام 2024 على نحو ضعيف، مما يشير إلى أن التعافي المأمول منذ فترة طويلة لا يزال بعيد المنال.

وانخفض مؤشر المعنويات الرئيسي للمفوضية الأوروبية أكثر من المتوقع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وانخفضت الطلبيات الصناعية الألمانية وتراجعت مبيعات التجزئة الألمانية بشكل غير متوقع. كل ذلك يضيف إلى المؤشرات القاتمة بالفعل في كتلة العملة التي تضم 20 دولة. وتشير الأرقام إلى أن منطقة اليورو، التي تواجه تهديداً جديداً بفرض رسوم جمركية جديدة على صادراتها من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، المقبلة، بالكاد نمت في الربع الأخير من العام الماضي، وربما كان النمو الألماني سلبياً مرة أخرى.

جاء ذلك امتداداً لسلسلة كئيبة منذ ارتفاع أسعار الطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا الذي أضر بالصناعة. وقال ليو بارينكو من «أكسفورد إيكونوميكس»: «يشكل مؤشر المعنويات الاقتصادية الكئيب اليوم خطراً واضحاً على توقعاتنا بنمو معتدل للناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام. لا توجد نقطة مضيئة لاقتصاد منطقة اليورو».

وانخفضت القراءة الرئيسية للمعنويات الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي إلى 93.7 خلال ديسمبر الماضي من 95.6 في نوفمبر (تشرين الثاني) الذي سبقه، وهو ما يقل كثيراً عن التوقعات بقراءة ثابتة. وتراجع مؤشر المناخ الصناعي، وانخفضت معنويات المستهلكين، بينما ارتفعت توقعات الأسعار. وجاءت هذه الأرقام بعد ساعات فقط من بيانات منفصلة أظهرت أن الطلبيات الصناعية في ألمانيا؛ أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، انخفضت بنسبة 5.4 في المائة عن الشهر السابق، وهو ما جاء أقل من التوقعات التي أشارت إلى عدم حدوث أي تغيير. وفي الوقت نفسه، انخفضت مبيعات التجزئة بنسبة 0.6 في المائة بالقيمة الحقيقية عن الشهر السابق، مقابل توقعات بنمو بنسبة 0.5 في المائة. ويعاني القطاع الصناعي الألماني الضخم من الركود منذ أكثر من عام بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من آسيا، والمنافسة الرخيصة من الأسواق الأخرى، التي أثرت جميعها على القطاع. وقال كارستن برزيسكي، الخبير الاقتصادي لدى «آي إن جي»: «لا يوجد حتى الآن في الأفق أي انعكاس للاتجاه بالنسبة إلى الصناعة الألمانية. إنها في أدنى مستوياتها في أحسن الأحوال... تشير مبيعات التجزئة المخيبة للآمال إلى أن انتعاش الاستهلاك الخاص في الربع الثالث من غير المرجح أن يستمر في الربع الرابع».

ولطالما عوّل الاقتصاديون على الاستهلاك الخاص لدفع الانتعاش، حيث تتمتع الأسر الآن بنمو كبير في الدخل الحقيقي وسط تضاؤل التضخم. ولكن تشير دراسة صادرة عن «البنك المركزي الأوروبي» إلى أن الأسر ستستمر في ادخار جزء كبير غير عادي من دخلها لإعادة بناء الثروة التي فقدتها بسبب التضخم المرتفع، مما قد يربك آمال زيادة الإنفاق. ويرى الاقتصاديون أن هذا الاتجاه قد يتفاقم بسبب أي ضعف إضافي في سوق العمل، التي بدأت تعاني من ضعف النمو وتقلص هوامش أرباح الشركات وضعف الطلب على سلع وخدمات الشركات.