معارك صبراتة تخلف 6 قتلى... وحكومة الثني تدعو الأمم المتحدة للتدخل

حفتر يجري اتصالات مع حكومة إيطاليا لمعرفة مدى تورطها في دعم ميليشيات إرهابية

سيارة للقوات الخاصة في الجيش الليبي تمر من أمام لوحة إعلانية تحمل صورة المشير حفتر في بنغازي (أ.ف.ب)
سيارة للقوات الخاصة في الجيش الليبي تمر من أمام لوحة إعلانية تحمل صورة المشير حفتر في بنغازي (أ.ف.ب)
TT

معارك صبراتة تخلف 6 قتلى... وحكومة الثني تدعو الأمم المتحدة للتدخل

سيارة للقوات الخاصة في الجيش الليبي تمر من أمام لوحة إعلانية تحمل صورة المشير حفتر في بنغازي (أ.ف.ب)
سيارة للقوات الخاصة في الجيش الليبي تمر من أمام لوحة إعلانية تحمل صورة المشير حفتر في بنغازي (أ.ف.ب)

قال محمد فنيك، مساعد أحمد الدباشي، آمر كتيبة (48 مشاة) التابعة لحكومة «الوفاق الوطني»، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاشتباكات المتواصلة لليوم الخامس على التوالي في مدينة صبراتة بين غرفة عمليات محاربة «داعش» والكتيبة، أوقعت أمس ستة قتلى في صفوف الغرفة، مضيفاً أن «غرفة العمليات اخترقت الهدنة». غير أن غرفة عمليات محاربة تنظيم داعش ردت في بيان أمس بالتأكيد على عدم سقوط قتلى في صفوفها، مشددة على استمرارها في الدفاع عن المدينة ومقدراتها ضد الميليشيات وأنصار الدواعش.
وفي غضون ذلك، دعت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا إلى الوقف الفوري لأعمال الاقتتال في صبراتة، وعبرت عن قلقها بشأن حجم الاشتباكات، وما تردد عن سقوط صاروخ على مستشفى، ووقوع ضحايا.
من جهتها، أكدت حكومة عبد الله الثني، رئيس الحكومة الموالية لمجلس النواب، في بيان لها، أنها تتابع من مكان وجودها الحالي في غرب البلاد بالمناطق المتاخمة للعاصمة طرابلس، مجريات الأحداث التي تشهدها صبراتة منذ الأحد الماضي، على أيدي من وصفتهم بـ«الجماعات الإرهابية والخارجة عن القانون»، ودعت الأمم المتحدة للاضطلاع بمسؤولياتها لوقف نزيف الدم في صبراتة، مؤكدة في المقابل على دعم قوات الجيش الوطني الليبي في مواجهة الميليشيات الإرهابية في بلدية صبراتة.
بدوره، قال العميد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الذي يقوده المشير خليفة حفتر، إن «المعارك ما زالت مستمرة على التخوم الشمالية لمدينة صبراتة، للقضاء على الإرهابيين الموجودين هناك... والمعركة الآن أصبحت خارج المدينة، بعد أن أخرجناهم من منطقة الآثار، ونحن نطاردهم في الجهة الشمالية للمدينة، ونواجه تنظيما شرسا تأتيه جرافات مليئة بالسلاح والمقاتلين؛ لكننا قطعنا الطريق على هذه الإمدادات، والقوات الجوية جاهزة للتدخل في أي لحظة».
وأوضح المسماري أن المشير حفتر أجرى اتصالات مع حكومتي إيطاليا وفرنسا، لاستيضاح مدى تورط إيطاليا في دعم ميليشيات إرهابية توجد في صبراتة، وقال بهذا الخصوص: «هناك ميليشيات إرهابية دعمت بطريقة غير صحيحة من طرف إيطاليا، التي منحت أحمد الدباشي (قائد كتيبة أنس الدباشي)، الملقب بـ(العمو) 5 ملايين يورو»، وتساءل: «هل من المعقول أن تتعامل دولة مع شخص وليس دولة، هذا استهتار بالأمن القومي الليبي».
ووصف المسماري الدباشي بأنه «مجرم إرهابي ومطلوب للعدالة»، لافتا إلى أن هناك دعوات في البرلمان الإيطالي للتحقيق مع الحكومة الإيطالية في دعم «العمو»، وفقا لوسائل إعلام إيطالية تحدثت حول هذا الموضوع.
وعلى الرغم من أن «العمو» نفى مؤخرا لصحيفة محلية ليبية أنه تسلم مبلغ 5 ملايين يورو من الحكومة الإيطالية، كما نفى أن يكون قد تواصل مع حكومة إيطاليا مباشرة، أو حتى عبر وساطة حكومة السراج، فقد نقلت أمس وكالة «رويترز» عن مصادر محلية، طلبت عدم نشر أسمائها، أن اجتماعا واحدا على الأقل عقد بين مسؤولين حكوميين والدباشي الذي ورد اسمه في تقرير للأمم المتحدة هذا العام، كأحد الوسطاء الرئيسيين في تهريب البشر.
وأوضح المسماري، الذي وصل إلى القاهرة أمس، قادما من العاصمة الروسية موسكو، أنه أجرى هناك ما وصفه بزيارة «ناجحة»، شملت مسؤولين كبارا في الحكومة الروسية، وأطلعهم على الإرهاب الذي تمارسه بعض التنظيمات المتطرفة والإرهابية، خاصة «داعش» و«القاعدة» على الشعب الليبي، مبرزا أنه حمل المسؤولين الروس «مسؤولية تاريخية تجاه الشعب الليبي، ولدينا عقود التسليح التي نود أن نعيد الحياة إليها، وطلبنا تدخل موسكو لرفع الحظر المفروض على إعادة تسليح قوات الجيش».
كما أبلغ المسماري «الشرق الأوسط» أن جولة عبد الله الثني، رئيس الحكومة الموالية لمجلس النواب، داخل جنوب وغرب البلاد، تتم في إطار حماية قوات الجيش، مؤكدا على أن قوات الجيش أصبحت تسيطر بالفعل على نحو 90 في المائة من إجمالي الأراضي الليبية.
وكان الثني قد اقترب أمس للمرة الأولى منذ خروجه من العاصمة طرابلس وانتقاله إلى المنطقة الشرقية قبل أكثر من عامين، من العاصمة، حيث زار منطقة حوش الستين التي تبعد عنها نحو 60 كيلومترا فقط، وافتتح مقرات أمنية بمناطق غرب ليبيا رفقة وفد حكومي كبير، بعدما تجول في بلدة بئر الغنم التي تقع على بعد 90 كيلومترا جنوب غربي طرابلس.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم