انتخابات «فيدرالية شمال سوريا» برقابة أميركية ـ روسية وحشود تركية

توقع تشكيل برلمان و «حكومة» بداية العام المقبل

سوريون يسجّلون أنفسهم قبل يومين من انتخابات «فيدرالية شمال سوريا» في القامشلي أمس (ا.ف.ب)
سوريون يسجّلون أنفسهم قبل يومين من انتخابات «فيدرالية شمال سوريا» في القامشلي أمس (ا.ف.ب)
TT

انتخابات «فيدرالية شمال سوريا» برقابة أميركية ـ روسية وحشود تركية

سوريون يسجّلون أنفسهم قبل يومين من انتخابات «فيدرالية شمال سوريا» في القامشلي أمس (ا.ف.ب)
سوريون يسجّلون أنفسهم قبل يومين من انتخابات «فيدرالية شمال سوريا» في القامشلي أمس (ا.ف.ب)

تبدأ غدا أولى الخطوات الملموسة لتأسيس فيدرالية شمال سوريا، بانتخابات وحدات صغيرة، تعقبها خطوات تؤدي إلى تأسيس برلمان و«هيئة تنفيذية» (حكومة) بداية العام المقبل لإدارة ثلاثة أقاليم وست مقاطعات.
وتجري الانتخابات غدا في مناطق انتشرت فيها قواعد عسكرية أميركية شرق نهر الفرات لدعم «قوات سوريا الديمقراطية» لقتال «داعش» من جهة، ومركز عسكري روسي غرب النهر لدعم «وحدات حماية الشعب» الكردية وفصلها عن فصائل سوريا يدعمها الجيش التركي شمال مدينة حلب.
وتتزامن الانتخابات أيضا مع حشود تركية على الحدود الجنوبية والتلويح باستخدام القوة لمنع قيام إقليم كردي شمال سوريا وحشود أخرى مقابل حدود العراق للضغط على إقليم كردستان لتأجيل الاستفتاء على الاستقلال الاثنين المقبل. ويعقد مجلس الأمن القومي التركي غدا اجتماعا برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان لبحث اتخاذ إجراءات ملموسة بما ذلك دعم عملية عسكرية في إدلب لمنع قيام ممر كردي من ريف حلب إلى اللاذقية والبحر المتوسط.
وعقد قبل شهرين في الرميلان شرق سوريا مؤتمر أقر «القانون الانتخابي للفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا» و«قانون التقسيمات الإدارية» لتوسيع الإدارات الذاتية، لتصبح ثلاثة هي: إقليم الجزيرة وإقليم الفرات وإقليم عفرين، بدلا من أقاليم الإدارات الذاتية التي تأسست قبل سنوات وكانت الجزيرة وعين العرب (كوباني) وعفرين. وحالياً، يضم إقليم الجزيرة مقاطعتي القامشلي والحسكة، فيما تقع كوباني وتل أبيض ضمن إقليم الفرات. ويضم إقليم عفرين مدينة عفرين ومنطقة الشهباء.
وفي «النظام الفيدرالي الشمالي» تم تحديد 22 الشهر الحالي موعدا لإجراء انتخابات الكومينات (الوحدات الصغيرة). وبحسب تقديرات الرئيسة المشتركة لـ«الهيئة التنفيذية لفيدرالية شمال سوريا» فوزة اليوسف، يعيش في الأقاليم الثلاثة نحو ثلاثة ملايين سوري يشكل الأكراد 50 في المائة منهم. ويشكل العرب 45 في المائة، مقابل 5 في المائة من باقي المكونات (عدد سكان سوريا نحو 22 مليوناً).
وتوجه آلاف الرجال والنساء في الساعات الماضية لتسجيل أسمائهم للاقتراع غدا في أول انتخابات تجري في مناطق خاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل «وحدات حماية الشعب» المكون الرئيسي.
وقالت اليوسف، في اتصال هاتفي أجرته «الشرق الأوسط» أمس، إن إقليم الجزيرة يضم 2487 وحدة (كامونة) رشح إليها 7384 شخصاً. ويضم إقليم الفرات 749 وحدة رشح إليها 3135 شخصاً، فيما رشح 1566 شخصا للتنافس في 412 وحدة في إقليم عفرين. ومن المقرر أن تكون الرئاسة في كل واحدة سواء كانت حارة أم حيا أم بلدة مشتركة بين الذكور والنساء.
ولن تكون مدينة الرقة، التي حررت «قوات سوريا الديمقراطية» أمس 90 في المائة منها، ضمن فيدرالية الشمال، ذلك أن الأميركيين دعموا تشكيل مجلس محلي فيها، حيث يعمل من مدينة عين عيسى في ريف الرقة، ويحظى بدعم التحالف الدولي بقيادة أميركا. وبعد السيطرة الكاملة على الرقة سيقرر ما إذا كانت ستنضم إلى الفيدرالية.
من المقرر أن تجري في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) انتخابات الإدارات المحلية (انتخابات مجالس القرى، والبلدات، والنواحي، والمقاطعات)، وفي 19 يناير (كانون الثاني) 2018 «انتخابات الأقاليم ومؤتمر الشعوب الديمقراطي في شمال سوريا».
وأوضحت اليوسف، أن مؤتمر الشعوب سيضم 300 شخص وسيكون بمثابة البرلمان، على أن يجري تشكل هيئة تنفيذية (حكومة) بنسبة 80 في المائة من «البرلمان» و20 بطريقة أخرى. ويحدد عدد أعضاء «الحكومة» بعد تشكيلها.
وأشار مسؤولون أكراد إلى أن التحالف الدولي بقيادة أميركا على اطلاع بالانتخابات، وأن الروس يراقبون ذلك بدورهم ما يمكن تفسيره أنه بمثابة «رقابة» أميركية - روسية على الانتخابات، وسط موافقة ضمنت للطرفين خيار اللامركزية أو الفيدرالية لسوريا المستقبلية. وترفض أنقرة خيار التقسيم وقيام إقليم كردي. ويقول مسؤولون أكراد إن «الفيدرالية الشمالية» القائمة على الجغرافيا وليس الديموغرافيا نموذج لسوريا المستقبلية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.