الجزائر: مظاهرة للمطالبة بالإفراج عن ناشط متهم بالإساءة للدين

طالب ناشطون سياسيون وحقوقيون في الجزائر بالإفراج عن أحد رواد المنصات الاجتماعية الرقمية، يقضي عقوبة ثلاث سنوات سجنا نافذا بناء على تهمة «الإساءة إلى الدين الإسلامي». ويأتي ذلك في وقت يوجد فيه عدد كبير من الأشخاص في السجن بسبب مواقف سياسية كتبوها أو صرحوا بها، تناولت بالتجريح كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين.
وتجمع أمس في مدينة بجاية (250 كلم شرق العاصمة) مناضلون من «رابطة حقوق الإنسان»، وصحافيون ونشطاء في تنظيم انفصالي يطالب باستقلال منطقة القبائل، يدعى «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، ودعوا السلطات إلى «إطلاق سراح السجين سليمان بوحفص فورا ومن دون شرط». وشوهد من بين المشاركين في المظاهرة مناضلون في أحزاب علمانية معارضة للسلطة، مثل «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية».
وأحاطت الشرطة مكان الاحتجاج بحزام أمني، لكنها لم تتدخل لإبعاد المتظاهرين خشية رد فعل عنيف من جانبهم، علما بأن مدينة بجاية تعرف بكونها من «قلاع المعارضة»، وتحتضن مع وولاية تيزي وزو (كبرى مناطق القبائل الناطقة بالأمازيغية) تنظيمات انفصالية تنادي بـ«الخصوصية الثقافية للقبائل»، ولذلك تتحاشى الحكومة التصدي لهم حتى لا يتعاظم شأنهم، بحسب مفهوم المسؤولين في البلاد.
وقال مكتب «منظمة العفو الدولية» (أمنيستي) في الجزائر، في بيان أمس، إن القضاء سينظر يوم 26 من الشهر الحالي في طلب محامين بالإفراج المشروط لفائدة بوحفص. ودعا وزير العدل الطيَب لوح إلى الموافقة على الطلب، بحجة أن بوحفص سجن «بسبب حريته في التعبير عن مواقفه». غير أن هذا الرأي يلقى معارضة شديدة من طرف نشطاء إسلاميين يقولون إن بوحفص «تطاول على الدين بمنشورات على حسابه الشخصي في (فيسبوك)، تحط من قيمة الإسلام والعلماء». ومن أشهر هؤلاء النشطاء عبد الفتاح حمداش، زعيم التنظيم غير المعتمد رسميا (الصحوة السلفية الحرَة).
وكانت محكمة سطيف (شرق) قد أدانت بوحفص بخمس سنوات سجنا في أغسطس (آب) 2016، وبمناسبة عيد الاستقلال (5 يوليو/تموز) استفاد السجين من أوامر رئاسية بتخفيض العقوبة إلى 3 سنوات سجنا. فيما يقول محاموه إن المنشورات التي كانت سببا في إدانته ليست له، وإنما لآخرين قام بنشرها في صفحته بشبكة التواصل الاجتماعي.
ولاحظ مكتب «أمنيتسي» في بيانه، أن قانون ممارسة الشعائر الدينية الذي صدر عام 2006 «يتضمن مواد غامضة استخدمت لمطاردة العديد من الأشخاص، لا لشيء إلا لأنهم عبروا عن قناعات دينية وسياسية»، في إشارة إلى سجن أشخاص لأسباب مختلفة، منها تناول الطعام في الساحات العامة خلال شهر رمضان الماضي، و«المساس بحرمة الإسلام» بالنسبة لكتاب وروائيين جهروا بإلحادهم.
ومن أشهر المساجين حاليا، ممن يثار حوله جدل كبير، الصحافي سعيد شيتور الموجود بالسجن الاحتياطي منذ يونيو (حزيران) الماضي. ويتابع الجيش شيتور بتهمة «إفشاء معلومات مصنفة كأسرار دفاع»، ولا يعرف أحد الكثير عن هذه القضية، بينما يواجه الصحافي السجن مدى الحياة بسبب طبيعة هذه التهمة.
واستنكرت منظمة «مراسلون بلا حدود»، المدافعة عن حرية الإعلام، استمرار اعتقال شيتور، وقالت إنه متهم «بتسليم وثائق سرية» إلى دبلوماسيين أجانب. لكن القضاء رفض طلب الإفراج المشروط عنه، بينما صرح شقيقه بأن قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح هو من أمر بسجنه.
واستعاد الصحافي حسن بوراس مؤخرا حريته، بعد أشهر قضاها في السجن على إثر بثه شريط فيديو بـ«فيسبوك»، يتضمن صور بيوت مدمرة في بشار (500 كلم جنوب العاصمة)، يتهم أصحابها جنرالا بتخريبها عام 1994، بحجة أنهم إسلاميون، حسب رأيهم.
ولا تزال هذه البيوت، وعددها 17 أنقاضا إلى اليوم. وانتقد بوراس وهو يعرض تفاصيل الحادثة الجيش بشدة. وكانت المناسبة ذكرى استفتاء «المصالحة» (29 سبتمبر (أيلول) 2005). والجنرال المتهم بتحطيم هذه البيوت هو حسين بن حديد، وقد تعرض هو نفسه للسجن بسبب مواقفه السياسية المعارضة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ورئيس أركان الجيش الذي يوصف بـ«بعبع النظام».