موسكو تتهم التحالف بعرقلة النظام في دير الزور

TT

موسكو تتهم التحالف بعرقلة النظام في دير الزور

اتهمت وزارة الدفاع الروسية «قوات سوريا الديمقراطية» وفصائل المعارضة المدعومة أميركياً بتوجيه ضربات ضد قوات النظام السوري التي عبرت نهر الفرات نحو ضفته الشرقية، وطالبت التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بعدم عرقلة تقدم قوات النظام في دير الزور.
في غضون ذلك واصل وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي ريكس تيلرسون محادثاتهما في لقاء ثان أمس، على خلفية قصف تعرضت له مواقع «سوريا الديمقراطية» شرقي الفرات، كان التحالف الدولي حمّل القوات الروسية المسؤولية عنه. وتحولت الأزمة السورية والتدخل الروسي فيها إلى ملف خلافي بين القوى السياسية الروسية، حيث دعا حزب معارض إلى الحد من صلاحيات الرئيس في مجال استخدام القوات خارج البلاد، وهو ما رفضه برلمانيون آخرون.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية إيغر كوناشينكوف، في تصريحات، أمس، إن الهجمات المضادة التي تتعرض لها قوات النظام السوري خلال تقدمها نحو دير الزور، مصدرها المناطق الشمالية من المحافظة، حيث تتمركز قوات «سوريا الديمقراطية»، ووحدات المهام الخاصة الأميركية. وأكد، أن قوات النظام عبرت نحو الضفة الشرقية لنهر الفرات بدعم من القوات الجوية الروسية، لافتاً إلى «وقائع مثيرة خلال عملية العبور، حيث تعقد الوضع المائي في النهر طيلة اليوم، وما إن بدأت القوات السورية عملية العبور ارتفع منسوب المياه في الفرات وزادت سرعة التيار مرتين»، وقال: إن هذه التغيرات لا يمكن حدوثها إلا بفعل فاعل؛ نظرا لعدم تساقط أمطار في المنطقة، واتهم «قوات المعارضة المدعومة أميركياً» بضخ المياه في النهر عبر السد، الذي تتحكم به.
وأشار كوناشينكوف إلى تعقيدات أخرى في العمليات على الضفة الشرقية للفرات، وقال: إن «تقارير القادة العسكريين السوريين من الخطوط الأمامية أشارت إلى تعرض القوات الحكومية لنيران كثيفة من الجهة الشمالية، أي حيث تتمركز (سوريا الديمقراطية) والوحدات الخاصة الأميركية».
وتأتي اتهامات الدفاع الروسية للولايات المتحدة في الوقت الذي يواصل فيه الجانبان عبر القنوات الدبلوماسية والعسكرية بحث آليات تحسين عمل قنوات الاتصال لتفادي الحوادث، بعد توتر على خلفية قصف تعرضت له قوات «سوريا الديمقراطية» يوم السبت. وقبل لقاء أمس، رفض وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون اعتبار اتفاقية تفادي التصادم في سوريا بين روسيا والولايات المتحدة: «بحكم الميتة»، بعد حادثة قصف «سوريا الديمقراطية» في دير الزور.
وفي موسكو، أكد غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي، أن موسكو وواشنطن تجريان حوارا مستمراً حول سوريا على مستوى الخبراء، وأكد أن هذا يشمل أيضاً الوضع في دير الزور. وأوضح أن «عملية الحوار تجري بشكل دائم على مستوى الخبراء العسكريين». وكان قائد الأركان الأميركية الجنرال جوزيف دانفورد قال خلال حديث مع بعض الصحافيين: إن البنتاغون يأمل بتعزيز التعاون مع القوات الجوية الروسية في الأجواء السورية. وأكدت الخارجية الأميركية أن واشنطن متمسكة باتفاق تفادي الحوادث، وأن «الجانب الروسي أبلغنا كذلك تمسكه بالاتفاق».
إلى ذلك، دخلت الأزمة السورية واستخدام القوات الروسية هناك إلى الصراع السياسي الداخلي في روسيا التي تقف على أبواب الاستحقاق الانتخابي الرئاسي. وقرر حزب «يابلكو» المعارض الاستفادة من النصر الذي حققه في أكثر من منطقة، خلال الانتخابات في المجالس المحلية في المدن والمقاطعات الروسية، وطرح أمس مشاريع قوانين لإضافة فقرات على «قانون الدفاع»، تحدد فترة استخدام القوات الروسية خارج البلاد لمدة عام واحد فقط، وفترة الاستخدام القتالي 60 يوماً، وبحال الحاجة إلى تمديدها يجب على الرئيس العودة للحصول على موافقة المجلس الفيدرالي. وفي رد الفعل على اقتراح «يابلكو» قال: أندريه كراسوف، نائب رئيس لجنة مجلس الدوما لشؤون الدفاع، وهو من حزب «روسيا الموحدة»: إن التعديلات التي يقترحها حزب «يابلكو» تهدف إلى الحد تشريعياً من صلاحيات الرئيس الروسي في استخدام القوات المسلحة خارج البلاد، وقال: إن مبادرات كهذه «ربما جاءت بإلهام من أعداء روسيا من وراء المحيط»، واتهم من صاغوا تلك التعديلات بأنهم «يعزفون على نوتة من الواضح أنها مكتوبة بأيدي الغرب».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.