وزير يدعو المنظمات العاملة في اليمن إلى «التحرر» من تأثير الميليشيات

عسكر: لا بديل عن الدولة غير الفوضى... والدعوات لتشكيل لجنة دولية هدفها شرعنة الانقلاب

TT

وزير يدعو المنظمات العاملة في اليمن إلى «التحرر» من تأثير الميليشيات

هاجم الدكتور محمد عسكر وزير حقوق الإنسان بالحكومة الشرعية اليمنية، أمس، المنظمات الإنسانية التي باتت تجني أموالاً طائلة من دون أن يكون لها أثر على أرض الواقع.
وقال الوزير عسكر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الكثير من المنظمات الإنسانية وجد الوضع اليمني سلعة رابحة، وبات يجني مليارات الدولارات التي تقدم لهم لدعم ومساندة الشعب اليمني لكن من دون أن يكون لها أثر على أرض الواقع. وتابع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس، أنه يتعين على المنظمات الإنسانية العمل بمهنية لخدمة وتحقيق الرسالة العظيمة التي تحملها لمساعدة الإنسانية، كما يجب عليها التحرر من تأثير الميليشيات الانقلابية من خلال نقل مراكز عملها إلى العاصمة المؤقتة لليمن عدن.
وأقرّ عسكر، من جهة أخرى، بصعوبة وجود إحصائيات دقيقة لرصد الأطفال المجندين للقتال في صفوف الميليشيات الانقلابية، مؤكداً أن الرقم فاق عشرة آلاف طفل مجند، لافتاً إلى أن الوزارة تعمل على التوعية بخطورة التجنيد وضرره على الطفولة والأسرة، كما أنها تعمل على إيجاد مراكز إعادة تأهيل الأطفال المجندين لإعادة دمجهم في المجتمع. وشدد على أن تجنيد الأطفال جريمة والذين يقومون بها سيكونون تحت الملاحقة والمسألة.
واعتبر الوزير اليمني، من ناحية ثانية، أن ما قامت به اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاك حقوق الإنسان، يعد جهداً ممتاز في الرصد والتحقيق معا، مذكراً بما صدر عن اللجنة في تقريرها الثالث، ورصدت فيه 17123 حالة ادعاء في اليمن بين سبتمبر (أيلول) 2016 ويونيو (حزيران) 2017، مفيداً بأن اللجنة أنهت التحقيق في 10594 حالة ادعاء من بين 17123 حالة، وحددت فيها المسؤولية، كما أنها تعتزم تسليم النائب العام والقضاء 3000 ملف مكتمل لواقع انتهاكات حقوق الإنسان كدفعة أولى.
وتطرق عسكر إلى خطورة المطالبة بتشكيل لجنة دولية، معتبراً تلك الخطوة شرعنة الانقلاب، مضيفا: «نحن لسنا في حاجة لأي قرارات جديدة، وما نحتاجه هو تنفيذ القرارات السابقة التي صدرت عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي وهي تفوق مجتمعة أكثر من 13 قراراً».
ودعا وزير حقوق الإنسان اليمني المواطنين اليمنيين إلى الوقوف في وجه الميليشيات الانقلابية وعدم الاستهانة بحقوقهم ورفع الصوت عاليا للمطالبة بإنهاء الانقلاب ورفض حكم الميليشيات، مشدداً على أنه «لا بديل عن الدولة غير الفوضى».
كما وجه رسالة للمسيطرين على العاصمة مفادها أن الشعب اليمني «حر» لن يقبل أن تحكمه ميليشيات طائفية عنصرية ترى في السلطة والحكم حقا ربانيا، مؤكداً أن الانتهاكات لا تسقط بالتقادم أبدا والحقوق سوف تعود إلى أصحابها ولهم الاختيار إما دعم ومساندة الشرعية واستعادة الدولة أو الاستمرار مع الميليشيات الانقلابية حتى السقوط وعندها سيكونون ملاحقين بتلك الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها هذه الميليشيات.
ولدى سؤاله عن آخر جهود الوزارة المتعلقة بملاحقة انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، ذكر عسكر أن الوزارة «تقوم باستقبال الملفات والشكاوى وتقوم بالرصد والتوثيق وهي تشكل خطوة أولى لحفظ الحقوق، وبعد ذلك سنحيل الملفات إلى اللجنة الوطنية ليتم التحقيق فيها وإثبات المسؤولية وتحديدها، وبعد ذلك يتم تحويلها للنائب العام والقضاء لإقفال القضايا وإنصاف الضحايا وملاحقة مرتكبي هذه الانتهاكات حتى ينالوا العقاب الذي يستحقون».
وتطرق الوزير عسكر إلى زيارته الأخيرة إلى جنيف، مشدداً على أهمية الدورة الـ36 لمجلس الحقوق الإنسان. وأوضح عسكر أنه يحمل - حتى اللحظة - عدة ملفات أهمها ملف وضع حقوق الإنسان في اليمن منذ بدء الانقلاب، لافتاً إلى أنه حتى اللحظة يوضح وينقل للعالم الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي وصالح بحق اليمنيين، بالإضافة إلى ملف دعم اللجنة الوطنية في التحقيق وإظهار الجهود التي قامت بها ونفذتها منذ بدء تشكيلها حتى اللحظة وأنها تمثل آلية وطنية مستقلة للتحقيق يجب دعمها من قبل المجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان لاستمرار تنفيذ مهامها.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».