تتصاعد حدة التوتر بين اللاعبين الدوليين حول الأزمة الأوكرانية على ضوء إعلان الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو عن نية الولايات المتحدة تزويد بلاده بأسلحة فتاكة «ذات طابع دفاعي» وموافقة الكونغرس على تخصيص نصف مليار دولار لهذا الغرض. ويصبح الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا ملفا خلافيا يضاف إلى جملة ملفات ومسائل متراكمة بين موسكو من جانب وكييف وحلفائها في أوروبا والولايات المتحدة من جانب آخر، وآخرها ملف مشروع قرار مجلس الأمن الدولي لنشر قوات حفظ سلام (قبعات زرقاء) في جنوب شرقي أوكرانيا، حيث كانت روسيا قطعت الطريق على أوكرانيا وسبقتها في طرح مشروع قرار بهذا الخصوص، إلا أن هذا لم يثن كييف عن عزمها، وقامت بطرح مشروع قرار يوضح رؤيتها لمعاني نشر تلك في لوغانسك ودونيتسك جنوب شرقي البلاد، على الحدود مع روسيا، أي المنطقة التي يطلق عليها «دونباس».
وقال الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو، إن بلاده ستحصل من الولايات المتحدة على «أسلحة فتاكة ذات طابع دفاعي»، لافتا إلى أنها «المرة الأولى التي يتم فيها على المستوى التشريعي في الولايات المتحدة تقديم عرض بتزويد أوكرانيا بوسائل دفاعية مثل: رادارات، ووسائل دفاع جوي، ووسائل مراقبة التحركات البحرية، ووسائل مضادة للألغام البحرية، وسفن ساحلية، وسفن خفر سواحل»، فضلا عن ذلك سيكون بوسع العسكريين الأوكرانيين قضاء فترة نقاهة وعلاج في المؤسسات الطبية الأميركية. وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قالت في وقت سابق إن البنتاغون والخارجية الأميركية وضعا خطة لتزويد أوكرانيا بصواريخ مضادة للدبابات وأسلحة أخرى. وتنظر روسيا بقلق إلى التعاون العسكري بين واشنطن وكييف.
ويوم أمس حاول ديميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، التقليل من شأن الأنباء حول تخصيص نصف مليار لتسليح أوكرانيا، وقال في تعليقه على تصريحات بوروشينكو إن الكرملين لم يسمع أي شيء بخصوص قرار مجلس الشيوخ تخصيص نصف مليار دولار للاحتياجات الدفاعية الأوكرانية. وأشار إلى أن الكلام كان تصريحات صادرة عن الجانب الأوكراني فقط، بينما لم تعلن واشنطن أي شيء. وأكد أنه «فيما يخص تقديم الولايات المتحدة قرضا لأوكرانيا فهذه مسألة علاقات ثنائية بين البلدين»، وبالنسبة للتزويد بالأسلحة أعاد بيسكوف إلى الأذهان أن «روسيا وقفت أكثر من مرة ضد تسليم كييف أسلحة فتاكة»، وقال إن هذا لن يأتي بشيء سوى «مزيد من تعقيد الوضع في دونباس، وسيعيق تنفيذ اتفاقيات مينسك (الخاصة بالتسوية الأوكرانية)».
وفي المجلس الفيدرالي الروسي، رأى السيناتور فلاديمير جاباروف أن التصريحات حول الحصول على سلاح أميركي تعني أن الرئيس بوروشينكو عازم على المضي في الحرب، وقال: «بينما يفكر العالم كله بالأمن، فإن الرئيس بوروشينكو يتحدث عن عمليات عسكرية»، واتهم بوروشينكو بأنه «سيستخدم هذا السلاح ضد شعبه في دونباس، وضد روسيا التي يتهمها بكل الذنوب».
في غضون ذلك تستمر المواجهة بين موسكو وكييف على الجبهة الدبلوماسية من نزاعهما حول الوضع في مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك، جنوب شرقي أوكرانيا، وتحديدا فيما يخص نشر قوات حفظ سلام دولية (قبعات زرقاء) في تلك المنطقة. وتجدر الإشارة إلى أن أوكرانيا كشفت عن نيتها طرح مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي تطالب فيه بنشر قوات دولية في المنطقة، بما في ذلك على الحدود بين روسيا وأوكرانيا. وقبل أيام على قيام كييف بخطوتها هذه، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه لا يعارض نشر «القبعات الزرقاء» في دونباس، لكن اشترط، أولا: أن يتم نشرها فقط على خطوط التماس للقيام بمهام الحفاظ على أمن المراقبين من بعثة المراقبة الخاصة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وثانياً: يتم نشر تلك القوات بعد استكمال الفصل بين الأطراف المتنازعة على خطوط التماس، وبما أن «جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك» طرف في النزاع والقوات الأوكرانية طرف آخر، يرى بوتين أنه يجب على كييف أن تجري مفاوضات مباشرة مع القيادات في «الجمهوريتين» للاتفاق على نشر قوات دولية. وترفض كييف مشروع القرار الروسي الذي قدمه مندوب روسيا الدائم في الخامس من سبتمبر (أيلول)، وتنازل بوتين قليلا حين وافق بعد محادثات مع ميركل على «إمكانية نشر القبعات الزرقاء في مناطق أخرى من دونباس، حيث توجد بعثة منظمة الأمن والتعاون لضمان أمنها»، الأمر الذي لم يرض السلطات في كييف. كما رفضت الولايات المتحدة الصيغة التي طرحها بوتين، وحذر كورت فولكير، مبعوث الخارجية الأميركية الخاص إلى الأزمة الأوكرانية، من أن الشكل الذي يطرح بوتين لنشر تلك القوات سيؤدي إلى تعميق التقسيم في أوكرانيا. وشدد على ضرورة انتشار «القبعات الزرقاء» على كامل أراضي دونباس التي تسيطر عليها القوات الأوكرانية، وأن تتحكم «القبعات» بالحدود الروسية - الأوكرانية.
واشنطن تخصص «أسلحة فتاكة دفاعية» لأوكرانيا
موسكو تتهم بوروشينكو باستخدامها «ضد شعبه»
واشنطن تخصص «أسلحة فتاكة دفاعية» لأوكرانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة