«عين الحلوة» تحت مجهر الجيش اللبناني

إجراءات أمنية مشددة والفصائل تبحث عن «أبو خطاب»

«عين الحلوة» تحت مجهر الجيش اللبناني
TT

«عين الحلوة» تحت مجهر الجيش اللبناني

«عين الحلوة» تحت مجهر الجيش اللبناني

يشهد مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين، الواقع في مدينة صيدا جنوب لبنان، منذ إعلان الجيش، يوم الجمعة الماضي، عن توقيف خلية إرهابية تابعة لتنظيم داعش، يترأسها المصري «أبو خطاب»، المتواري داخل المخيم، حالة من الاستنفار، خصوصاً مع تشديد الإجراءات الأمنية على مداخله، ما أدّى إلى استياء عارم في صفوف اللاجئين. وقال مصدر أمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن «عين الحلوة يخضع حالياً لإجراءات أمنية وعسكرية في محيطه، مع تشديد مراقبة الداخلين إليه والخارجين منه»، من دون إيراد مزيد من التفاصيل.
من جهته، شدد مصدر عسكري على أن الوضع الأمني الدقيق في المخيم غير مستجد، لافتاً إلى أن «(عين الحلوة) تحت مجهر الجيش تماماً كباقي المناطق اللبنانية، بعدما انتقلت المعركة من شقها العسكري، بعد إنهاء تواجد إرهابيي (داعش) و(جبهة النصرة) عند الحدود الشرقية، إلى شقها الأمني». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن وتيرة العمليات الأمنية والاستباقية، ارتفعت في المرحلة الحالية، لكن الوضع في المخيم يبقى بالنسبة لنا معقداً ودقيقاً وحساساً، نظراً لخصوصية وجود عدد كبير من المدنيين داخله». وأضاف: «التحقيقات والتوقيفات المرتبطة بالخلية، التي تم الإعلان عن إلقاء القبض على 19 من عناصرها، يوم الجمعة، مستمرة، مع تأكيدنا أن الوضع الأمني في البلاد ممسوك إلى حد كبير، ومطمئن أكثر من الوضع في أي دولة أوروبية».
وكان بيان صدر عن قيادة الجيش، نهاية الأسبوع الماضي، أفاد بتوقيف 19 شخصاً لارتباطهم بخلية تابعة لتنظيم داعش، يترأسها المصري فادي إبراهيم أحمد علي أحمد، الملقب بـ«أبو خطاب»، المتواري داخل مخيم عين الحلوة، لافتاً إلى أن هذه الخلية كانت تخطط وتحضر للقيام بعمل «إرهابي».
وألحقت مديرية التوجيه، هذا البيان، بآخر دعت فيه اللبنانيين لعدم الأخذ بـ«شائعات بخصوص مخاطر أمنية ناجمة عن أعمال إرهابية محتملة، قد تستهدف مراكز تجارية وسياحية وتجمّعات سكانية»، مشددة على أن «الوضع الأمني مستقر، وتقوم مديرية المخابرات بشكل مستمر بتنفيذ إجراءات استباقية لتفكيك الخلايا الإرهابية، التي كان آخرها تفكيك إحدى الخلايا الخطرة خلال الأيام الماضية».
وانعكست الإجراءات الأمنية التي اتخذها الجيش في محيط «عين الحلوة» تفادياً لهروب المتورطين في هذه الخلية من المخيم، سلباً، على الحياة اليومية لآلاف اللاجئين الذين يعيشون في داخله. وقال مصدر في حركة فتح لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ومنذ الإعلان عن توقيف أعضاء هذه الخلية التي يرأسها (أبو خطاب) تم تشديد الإجراءات عند مداخل المخيم، والقيام بعمليات تفتيش دقيقة للسيارات، كما للمارة، ما تسبب في زحمة سير خانقة، وانعكس سلباً على حركة المرور، خصوصاً أن أمس الاثنين صادف يوم انطلاق العام الدراسي».
وإذ نفى المصدر تبليغ الأجهزة اللبنانية، الفصائل الفلسطينية، رسمياً، بوجود المدعو فادي إبراهيم أحمد علي أحمد، الملقب بـ«أبو خطاب»، والطلب منها ملاحقته وتسليمه، أكّد أن القوى الفلسطينية «بدأت من تلقاء نفسها ومنذ صدور بيان الجيش، بالتحري عن إمكانية تواجد (أبو خطاب) في المخيم، علماً بأنها ستكون مستعدة تماماً لتسليمه، حال صح وجوده في (عين الحلوة)، وطلبت منها الأجهزة اللبنانية توقيفه».
وشدد المصدر الفتحاوي على أن «أي قرار بحل جذري للوضع في (عين الحلوة)، لا يمكن أن يبدأ إلا بحل ملف المطلوبين غير الخطيرين، وأعدادهم كبيرة، ما يعني إسقاط البيئة الحاضنة لأولئك الخطيرين». وأضاف: «ما نخشاه أن يستغل التكفيريون هؤلاء الشباب في أي صراع أو صدام مقبل، باعتبار أنهم عاطلون عن العمل، وملاحقون من قبل السلطات اللبنانية، وبالتالي وفي حال العمل على تخفيف أحكامهم، فكثير منهم سيسلمون أنفسهم ما يجعل المجموعات المتطرفة وحيدة في أي مواجهة مقبلة».


مقالات ذات صلة

ألمانيا تطالب باتباع نهج أوروبي مشترك في عودة اللاجئين السوريين

أوروبا لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

ألمانيا تطالب باتباع نهج أوروبي مشترك في عودة اللاجئين السوريين

طالبت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر باتخاذ نهج أوروبي مشترك بشأن العودة المحتملة للاجئين السوريين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عائلة سورية متوجهة إلى بوابة باب الهوى وتبدو على ملامحهم السعادة بالعودة إلى بلادهم (أ.ب)

تركيا تدين التوغل الإسرائيلي وتؤكد تصديها لأي محاولة لتقسيم سوريا

ندَّدت تركيا بالتوغل الإسرائيلي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وشدّدت على دعمها سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها، في حين اتخذت إجراءات لتسريع عودة السوريين

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي سوريون في برلين يحتفلون بسقوط الأسد (رويترز)

ألمانيا تبدأ مراجعة سياساتها الخارجية والداخلية حول سوريا واللاجئين

بدأت ألمانيا تراجع سياساتها الخارجية والداخلية فيما يتعلق بسوريا والسوريين الذين وصلوا لاجئين إليها فور سقوط نظام الأسد، والحكومة تنتظر «أفعال هيئة التحرير».

راغدة بهنام (برلين)
المشرق العربي زحام للسوريين أمام بوابة باب الهوى (جيلفاغوزو) انتظاراً لدخول بلادهم (إعلام تركي)

تركيا تدعو لمصالحة وطنية وتؤكد دعمها «سوريا الجديدة»

في حين يتدفق مئات السوريين على الحدود بين تركيا وسوريا للعودة إلى بلادهم أكدت أنقرة أنها ستعمل على ضمان عودتهم بأمان وعلى إعادة إعمار سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.