بوتشيلي ينثر فنه الأوبرالي بين أعمدة جرش الأثرية في الأردن

صدح صوت مغني الأوبرا العالمي أندريا بوتشيلي، ليلة أول من أمس، في أرجاء مدينة جرش الأثرية، حيث أضفى على المكان التاريخي بعداً تفاعل معه الجمهور الذي اضطر المغني الشهير للعودة إلى المسرح أكثر من مرة للاستزادة من فنه الممتد على مدى 20 عاماً.
واستمتع الجمهور الأردني والزوار بإرثين إنسانيين، عندما احتضنت ساحة الأعمدة في مدينة جرش الأثرية بوتشيلي، في حفل رافقه خلاله السوبرانو الأردنية ديما بواب و4 مغنين عالميين و70 عازفاً وجوقة مكونة من 80 مغنياً.
واستمع الجمهور الذي غصت به ساحة الأعمدة إلى أهم المقطوعات التي غناها الفنان بوتشيلي خلال مسيرته الفنية، التي سجل خلالها 15 ألبوماً منفرداً من الموسيقى الكلاسيكية والمعاصرة، و3 ألبومات لأغانيه المفضلة، و9 ألبومات أوبرا كاملة، بيع منها أكثر من 80 مليون نسخة في جميع أنحاء العالم.
ووفق السوبرانو ديما بواب، فقد حققت بدعوتها للانضمام للغناء مع مغني الأوبرا العالمي بوتشيلي حلمها بالغناء إلى جانب الفنان العالمي، واستحضار نجوم الأوبرا إلى الشرق الأوسط ليقدموا فنهم الراقي إلى جمهور يقدر قيمته الثقافية والفنية. ووصفت المديرة التنفيذية لشركة «أصدقاء مهرجانات الأردن»، سهى بواب، حفل الفنان بوتشيلي بأنه حدث مهم يكرس حرص الشركة على استضافة فنانين عالميين مشهورين، وتنظيم فعاليات ثقافية وفنية تسهم في الارتقاء بالذائقة الموسيقية للجمهور الأردني، وتستقطب ضيوفاً من متذوقي هذا الفن الراقي.
ويعد بوتشيلي، الذي وُلد في لاياتيكو بمقاطعة بيزا عام 1958، من أساطير غناء الأوبرا على مستوى العالم، وقد استطاع أن يتجاوز أحمال العتمة التي تنوء بثقلها على عينيه، إلى فضاءات من الجمال الأخاذ الذي يفجّره صوته المتميز، رخامةً وأداءً.
وقد شارك في الحفلة، إلى جانب بوتشيلي وبواب، كلٌّ من الموسيقار كارلو بيرنيني، والسوبرانو إليسا بالبو، وإيلاريا ديلا بيديا، وثنائي الغيتار كاريزما، بالإضافة إلى جوقة وفريق عمل ضخم من العازفين العالميين.
وجاء برنامج الحفلة في قسمين؛ خُصص الأول للأداء الكلاسيكي، حيث يؤدي بوتشيلي الأرياس الأوبرالية، والثاني يقدم خلاله باقة من أغانية المعروفة.
وكان بوتشيلي قد فقدَ بصره صغيراً، عشية حصوله على أول جائزة له في عالم الموسيقى، بفوزه في مسابقة «مارغاريتا دي أورو» عن أغنية «أو سولي ميو»، بسبب حالة وراثية يضعف فيها البصر بمرور الوقت، وتنتهي بالعمى.
وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة بيزا، ودرس الموسيقى على المايسترو لوتشانو بيتريني، وتفرغ لها كلياً بعدما عمل محامياً لمدة سنة. ولبراعته في الغناء، وقف عام 1992 إلى جانب مغني الروك الإيطالي زوكيرو ولوتشانو بافاروتي في أداء أغنية «ميسيريري». وفي 1996، أدى أغنية «معك سأحيا» برفقة السوبرانو الإنجليزية ساره برايتمان، لكن باسم جديد هو «وقت الوداع»، وحققت هذه الأغنية مبيعات عالية، وتصدّرت قائمة أفضل الأغاني في ألمانيا على مدار 6 أشهر.
ودخل بوتشيلي الأسواق الأميركية عام 1998، بعدما غنّى في مركز «جي. إف. كيندي» للفنون الحيّة. وفي العام التالي، قدم حفلة في البيت الأبيض. وفي العام الذي تلاه، أدى أول أوبرا تُنقل عبر الإنترنت على الهواء مباشرة من دار الأوبرا في ديترويت مع دينسي غرافز.
وبلغ سعر تذكرة حضور حفل بوتشيلي بالأردن ألف دولار للتذكرة الواحدة في السوق السوداء.
وكانت الهيئة المنظمة قد حددت سعر تذكرة الدرجة الأولى بـ700 دولار، غير أنها وصلت لألف دولار قبل الحفل بساعات في ساحة الأعمدة، نظراً للإقبال الشديد من الجمهور على حضور الحفل. وقال أمين عام وزارة السياحة والآثار الأردنية، عيسى قموه، إن الحفل تنظمه شركة خاصة، والوزارة سهلت مكان الحفل فقط. وأوضح أن الإقبال جيد على حضور الحفل، وأن سعر التذاكر متفاوت، بحسب الدرجة، ابتداء من 100 إلى 500 دينار (ما يعادل 140 دولاراً إلى 700 دولار).
وزار بوتشيلي موقع عماد السيد المسيح (المغطس)، على هامش حضوره للأردن، برفقه وزيرة السياحة الأردنية، لينا عناب.
وقال بوتشيلي أثناء وجوده على مطل نهر الأردن (موقع عماد السيد المسيح) إنه يشعر بالسعادة الروحانية بوجوده في موقع عماد السيد المسيح (المغطس)، مؤكداً حبه الكبير للأردن والشعب الأردني، ومتمنياً أن يعم السلام المنطقة.
وأكدت عناب أن الزيارة لها أهمية كبيرة بتعريف العالم بمكانة الموقع تاريخياً ودينياً، وأن الوضع السياحي يشهد تحسناً ملحوظاً عما كان عليه في الفترات السابقة، وهذا يتطلب تحسين جودة الخدمة للسياح.