تونس تستقبل حفتر لإحياء مبادرتها

قبل أسبوع من استضافتها حواراً بين أطراف الأزمة الليبية لبحث تعديل اتفاق الصخيرات

السبسي مستقبلاً حفتر في قصر قرطاج أمس (أ.ف.ب)
السبسي مستقبلاً حفتر في قصر قرطاج أمس (أ.ف.ب)
TT

تونس تستقبل حفتر لإحياء مبادرتها

السبسي مستقبلاً حفتر في قصر قرطاج أمس (أ.ف.ب)
السبسي مستقبلاً حفتر في قصر قرطاج أمس (أ.ف.ب)

وصل القائد العام لـ«الجيش الوطني الليبي» خليفة حفتر، أمس، إلى تونس في أول زيارة رسمية بدعوة من الرئيس الباجي قائد السبسي، في محاولة تونسية لإحياء مبادرة الحل الشامل للأزمة الليبية التي بقيت حبراً على ورق، خصوصاً بعدما اقتنعت تونس بأن حفتر قادر على أن يكون جزءاً من الحل.
وتأتي زيارة حفتر بعد مشاركته في أعمال لجنة الاتحاد الأفريقي المعنية بالملف الليبي في الكونغو برزافيل. كما أنها جاءت في خضم محاولات إقليمية ودولية لحل الأزمة الليبية، وسط تنافس على الفوز بنصيب من مخططات إعادة الأعمار التي تثير شهية دول عدة، وإيقاف الهجرة غير الشرعية المؤرقة لعدد من دول الضفة الشمالية للمتوسط، والبحث عن استقرار ليبيا باعتباره يمهد للاستقرار على المستوى الإقليمي لعدد من دول الجوار المتضررة.
وذكرت الرئاسة التونسية بعد لقاء السبسي وحفتر، أمس، أنهما «تطرقا إلى مرتكزات وأهداف المبادرة التي أطلقتها تونس، وانخرطت فيها الجزائر ومصر، وحظيت بترحيب مختلف الأطراف الليبية وبدعم ومساندة من القوى الدولية».
وشدد الرئيس التونسي على أنّ «حلّ الأزمة يبقى بأيدي الليبيين أنفسهم»، موضحاً أن «دور تونس ودول الجوار يقتصر على تسهيل الحوار وتشجيعه بين مكونات الشعب الليبي كافة، وفي إطار من التعاون والتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة لإنهاء الأزمة القائمة والبدء في ترتيبات العملية السياسية».
وأكد حفتر خلال اللقاء، بحسب الرئاسة التونسية: «أهمية دور تونس ووقوفها المستمر مع الشعب الليبي ومساندتها له في هذه الظروف الدقيقة، لا سيما فيما يتعلق بمقاومة الإرهاب».
وتعهد حفتر، في تصريحات بعد اللقاء أمس، بـ«القضاء على الإرهاب». وقال: «سمعنا كلاماً جيداً من الرئيس ورؤيتنا تتفق مع رؤيته... تحادثنا في اللقاء عن الأوضاع في بلدنا الذي يتعرض إلى هجمة خطيرة من الإرهابيين، ولكن لدينا جيشاً قوياً تصدى لهذه المجموعات، ونعتقد أن قصة الإرهاب في ليبيا ستنتهي في القريب العاجل».
ووفق مصادر تونسية مطلعة، تناول اللقاء كذلك إمكانية عقد لقاء بين حفتر ورئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج في تونس «دعماً لجهود الأمم المتحدة في حل الأزمة الليبية». وأشارت المصادر إلى أن «الطرفين بحثا خصوصاً خلال هذا اللقاء في مسارات تسوية الأزمة، والتنسيق المشترك في مكافحة الإرهاب».
واعتبرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين أن حفتر يتحمل مسؤولية في اختفاء الصحافيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري، خصوصاً أنهما فُقدا في منطقة تحت نفوذه. وطالبت السبسي بإدراج ملف الصحافيين المختطفين منذ أكثر من سنتين، على جدول أعمال اللقاء مع حفتر.
والتقى حفتر، صباح أمس، السفير الأميركي لدى ليبيا بيتر بودي المقيم مؤقتاً في تونس، وذلك قبل التوجه إلى قصر قرطاج للقاء السبسي. وكان حفتر التقى السفير الأميركي في العاصمة الأردنية في التاسع من أغسطس (آب) الماضي «في إطار تنسيق الجهود لحل الأزمة الليبية».
وتسعى قيادات أميركية التقت فائز السراج في العاصمة التونسية سابقاً، إلى إقناع جميع الأطراف السياسية الليبية بالاتفاق على إجراء انتخابات منتصف العام المقبل. ونصحت الإدارة الأميركية حفتر بالتخلي عن زيه العسكري ودخول الحياة السياسية بزي مدني بهدف تسهيل عملية تسويقه، بحسب مصادر.
وكان حفتر التقى مطلع الشهر في بنغازي وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان. ويبدو أن المسؤول الفرنسي أقنع مضيفه بالدور التونسي في حل الأزمة الليبية وفي مكافحة الإرهاب باعتبارها من أهم دول الجوار، وحاملة لتجربة انتقال ديمقراطي يمكن أن تستفيد منها ليبيا، وهذا ما شجعه على القدوم إلى تونس، خصوصاً أن السراج يرى أن تسوية الأزمة يجب أن تنطلق من الاتفاق السياسي المبرم في باريس.
وتحتضن العاصمة التونسية بداية من الثلاثاء المقبل، جلسات بين أطراف الحوار الليبي لبحث صيغة لتعديل اتفاق الصخيرات السياسي الموقع في نهاية عام 2015 إلا أن صحيفة «لاريبوبليكا» الإيطالية ذكرت نقلاً عن مصدر حكومي أن حفتر سيزور روما بالتزامن مع انطلاق جلسات الحوار المبرمجة في تونس. وستقتصر لقاءات حفتر في روما على وزيرة الدفاع روبرتا بينوتي وضباط كبار في هيئة الأركان العامة.
وتتمثل أهداف المبادرة التي أطلقتها تونس في أربع نقاط، هي دفع الليبيين بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم الفكرية والآيديولوجية إلى الحوار، ورفض أي توجه نحو حل عسكري من شأنه أن يؤجج الوضع في ليبيا، إلى جانب دفع الفرقاء إلى تذليل الخلافات حول تنفيذ اتفاق الصخيرات، ومواصلة دعم دور الأمم المتحدة كمظلة أساسية لأي حل سياسي.
وكان وزير الخارجية التونسي سارع إلى إعلان وجود اتصالات مع حفتر لزيارة بلاده التي قال: إنها تتعامل مع كل الأطراف السياسية الليبية. وفي فبراير (شباط) الماضي، التقى رئيس حزب «حركة مشروع تونس» محسن مرزوق، الرئيس السابق للحملة الانتخابية للسبسي، حفتر في بنغازي، وقال الأخير إنه يتطلع لزيارة تونس في أول فرصة سانحة.
وأجرى الرئيس التونسي مكالمة هاتفية مع حفتر في 18 يوليو (تموز) الماضي، وأكد المسؤول الليبي دعمه للمبادرة الثلاثية التي تزعمتها تونس إلى جانب الجزائر ومصر من أجل الحل الشامل للأزمة الليبية، ورحب حفتر حينها بدعوته إلى زيارة تونس.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».