السلطة تستبق لقاءات ترمب مع نتنياهو وعباس برفض «مفاوضات تحت الاستيطان»

ليبرمان يصفه بـ«السوار الواقي»... وواشنطن تخفض التوقعات ... وشعث: على ماذا نتفاوض؟

عمال يبنون منازل جديدة في مستوطنة كريات  أربع شرقي مدينة الخليل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
عمال يبنون منازل جديدة في مستوطنة كريات أربع شرقي مدينة الخليل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

السلطة تستبق لقاءات ترمب مع نتنياهو وعباس برفض «مفاوضات تحت الاستيطان»

عمال يبنون منازل جديدة في مستوطنة كريات  أربع شرقي مدينة الخليل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
عمال يبنون منازل جديدة في مستوطنة كريات أربع شرقي مدينة الخليل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

استبقت السلطة الفلسطينية لقاءات الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في نيويورك، وأعلنت أنها لن تدخل في عملية مفاوضات جديدة في ظل الاستيطان.
ويشكل الاستيطان الذي تطالب السلطة بوقفه، عقبة أساسية في طريق المفاوضات منذ سنوات، بعدما رفضت إسرائيل تجميده للدخول في عملية سياسية.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية: «إن تكريس الحكومة الإسرائيلية معادلة سياسية تقوم على الاستمرار في الاستيطان وتهويد الأرض الفلسطينية، في ظل استمرار الحراك الدولي والأميركي لاستئناف المفاوضات، معادلة مرفوضة من شعبنا وقيادته، ولا يمكنها أن تؤدي إلى توفير الأجواء والمناخات المناسبة لإطلاق مفاوضات جدية بين الطرفين».
وجاء بيان الخارجية بعد تصريحات لوزير الأمن الإسرائيلي، افيغدور ليبرمان، قال فيها: «إن الاستيطان في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) ومنطقتي الأغوار والبحر الميت، هو السور الواقي الحقيقي لدولة إسرائيل». وأضاف ليبرمان أثناء جولة له في منطقة الأغوار: «منذ عام 2000 لم تشهد المستوطنات أعمال بناء واسعة النطاق مثلما يجري حاليا».
وأعلن ليبرمان عن إعداد خطة أمنية شاملة للضفة الغربية حتى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ودانت الخارجية تصريحات ليبرمان، وقالت إنها «تأتي امتداداً لموجة من المواقف والتصريحات التصعيدية لعدد واسع من المسؤولين الإسرائيليين، تسابقوا فيها بدعوات ضم الضفة الغربية وتطبيق القانون الإسرائيلي عليها». وأكدت الخارجية على أن تجاهل المجتمع الدولي وحالة اللامبالاة التي تسيطر عليه اتجاه هذا التصعيد الاستيطاني، يشجعان أركان اليمين الحاكم في إسرائيل، على مزيد من التمادي في تعميق الاستيطان وتهويد الأرض الفلسطينية المحتلة، وهو ما يقوض ما تبقى من فرص لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة إلى جانب إسرائيل.
وطالبت وزارة الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي والدول كافة، باتخاذ خطوات عاجلة وإجراءات دولية كفيلة بضمان تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة، في مقدمتها القرار 181، بما يضمن قيام دولة فلسطين على حدود يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وجاء البيان قبل ساعات من لقاء مفترض أمس، بين ترمب ونتنياهو. وكان نتنياهو اجتمع، قبل ذلك، مع رؤساء الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة، وبحث معهم قضايا عدة منها إيران وحركة حماس و«حزب الله» وعملية السلام. ويفترض أن يلتقي ترمب بعباس الذي يلقي غدا الأربعاء، خطابا في الأمم المتحدة. وسيؤكد عباس لترمب أن «الحل الوحيد هو قيام دولة على حدود عام 1967».
من جانبه، أكد نبيل شعث، وهو أحد كبار مستشاري عباس في رام الله للصحافيين، أنه سيكون من «السخيف تماما» ألا يلتزم الرئيس الأميركي بحل الدولتين. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شعث تساؤله: «على ماذا نتفاوض؟ هل نتفاوض على اتفاق دبلوماسي بين أبو مازن (عباس) ونتنياهو، حيث سيقومان بموجبه بلقاء بعضهما البعض؟ لا».
وأبدى شعث عدم تفاؤله من اجتماع ترمب وعباس، مشيرا إلى أنه لن يؤدي إلى تغييرات كبيرة. وقال: «لا أعرف إن كان لدى ترمب الكثير ليقوله. إن وفده الذي كان هنا بالفعل، والمؤلف من كوشنر وغرينبلات، طلب فترة انتظار بين ثلاثة إلى أربعة أشهر قبل أن يكون ترمب جاهزا بصياغة لاستئناف عملية السلام».
ووصف شعث اللقاء المرتقب بين ترمب وعباس بأنه «اجتماع مجاملة له أهمية سياسية».
ويراهن الفلسطينيون على إمكانية تحقيق تقدم في العملية السياسية قبل نهاية العام الحالي. وإذا ما نجح الأميركيون في دفع عملية سلام جديدة، ستكون أول مفاوضات يجريها الطرفان منذ عام 2014، وهي المحادثات التي جرت بوساطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، واستمرت نحو 9 أشهر وانهارت بسبب خلافات حول الحدود والاستيطان.
غير أن مصادر إسرائيلية في تل أبيب ذكرت، عشية هذه اللقاءات أن الإدارة الأميركية خفضت من سقف توقعاتها في موضوع عملية السلام.
وقال مسؤول رفيع في البيت الأبيض لوسائل إعلام إسرائيلية، إن الإدارة متفائلة بشأن عملية السلام عامة، لكن لا أحد يتوقع تحقيق اختراق أو تقدم ملموس، خلال اجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة الأسبوع الحالي. وقال المسؤول: «هذا ليس أسبوع العملية السلمية. تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين بقي إحدى الأولويات العالية جدا بالنسبة للرئيس (ترمب)، ولكن اللقاءات خلال اجتماع الجمعية العامة، ستكرس لقضايا أخرى، وستشكل فرصة لفحص الأوضاع». وأضاف أنه في ضوء زيارة جاريد كوشنر، نسيب الرئيس، إلى المنطقة خلال الشهر الماضي، على رأس وفد من البيت الأبيض، قام بجولة ناجحة، فإن الإدارة ليست معنية بتغيير سلوكها البطيء والحذر في هذا الموضوع، «المحادثات حول العملية السلمية تتواصل بوتيرة ثابتة، وهي مفصولة عن اللقاءات التي ستجري في الجمعية العامة».
وأكد المسؤول أن البيت الأبيض ليس معنيا بجعل الخطابات والتصريحات، خلال اجتماع الهيئة العامة، تؤثر على الجهود السلمية التي يقودها كوشنر والمبعوث الخاص للرئيس جيسون غرينبلات، وقال: «في كل سنة هناك تماس بين اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة والعملية السلمية. ونحن ننوي بكل بساطة مواصلة الخطوات التي بدأناها وتحقيق التقدم».
وكان ترمب قد تطرق إلى الموضوع خلال محادثة أجراها في نهاية الأسبوع، مع قادة التنظيمات اليهودية بمناسبة رأس السنة العبرية. وقال إنه يأمل رؤية تقدم ملموس خلال السنة القريبة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم