بري يقترح تقديم موعد الانتخابات النيابية اللبنانية خوفاً من تمديد طارئ

«شيطان» تأجيلها يكمن في التفاصيل

TT

بري يقترح تقديم موعد الانتخابات النيابية اللبنانية خوفاً من تمديد طارئ

رغم تخطي الحكومة اللبنانية عقبات عدة نحو إجراء الانتخابات النيابية المقبلة لا تزال هناك شكوك كبيرة حول إمكانية إجرائها لأسباب عدّة، منها تخبط السلطة الذي برز أمس حيال البطاقة البيومترية وشبه اقتناع الجميع باستحالة إنجازها قبل موعد الانتخابات المفترض في شهر مايو (أيار) المقبل، وهو الأمر الذي قد يكون حجّة «التمديد الرابع» للمجلس النيابي.
ويوم أمس، وبعد أقل من 24 ساعة على جلسة الحكومة التي وافقت خلالها على تطوير بطاقة الهوية الحالية إلى بطاقة بيومترية تعتمد في العملية الانتخابية والتي وصفت بـ«الصفقة»، إضافة إلى اقتراح وزير الخارجية جبران باسيل على آلية تسجيل المغتربين للمشاركة في الانتخابات، أعلنت كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، والممثلة في الحكومة، عن تقديمها اقتراح قانون معجل مكرر لإنهاء ولاية مجلس النواب الحالي في نهاية العام على أن تجري الانتخابات قبل هذا التاريخ. وبرر بري اقتراحه بالخوف من أي تمديد طارئ بسبب اعتماد البطاقة البيومترية (ما يعرف أيضا بالبطاقة الممغنطة، وهي بطاقة إلكترونية تحوي معلومات شخصية للناخب)، والتي هناك صعوبة بالغة للانتهاء منها قبل موعد الانتخابات في مايو المقبل، وهو الأمر الذي أشار إليه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل محذرا كذلك من محاولات تشويش على الانتخابات العامة.
وتعكس السجالات والتصريحات التي ظهرت أمس مرتكزة على «شيطان» التفاصيل اللوجيستية فيما يشبه البحث عن حجج ومؤشر لعودة الحديث عن تأجيل الانتخابات أو تمديد ولاية المجلس للمرة الرابعة على التوالي. وقال بري في كلمة ألقاها بعد اجتماع كتلته «تبنيت موضوع التمديد عندما كان هناك مبرر لكن اليوم اختلف الوضع، ونحن نتقدم بمشروع قانون لتقليص ولاية مجلس النواب واقتراح القانون الذي تقدمت به سيقدم في الجلسة المقبلة وليس جلسة الغد».
من جهته، قال الجميل في مؤتمر صحافي: «بدأنا نسمع بعملية تأجيل الانتخابات تحت أعذار مختلفة»، واصفا البطاقة البيومترية بـ«الفضيحة التي تضاف إلى فضائح السلطة». وسأل: «أين استقلاليتها إذا كانت جميع أحزاب السلطة ممثلين فيها؟»، ورأى أن «الحل بإجراء الانتخابات الفرعية ومن ثم الالتزام بمواعيد الانتخابات النيابية والاستغناء عن البطاقة الممغنطة وتمكين الناخب أن يصوت بأي بطاقة تظهر هويته».
وحول محاولات التأجيل التي تحدّث عنها الجميل، أوضح النائب في «الكتائب» فادي الهبر لـ«الشرق الأوسط» أن هناك بعض الأفرقاء المتخوفين من نتائج الانتخابات والممثلين في الحكومة يحاولون إيجاد الأعذار لتأجيلها، قد يكون منها موضوع البطاقة البيومترية التي لا يمكن إنهاؤها قبل موعد الانتخابات إضافة إلى التسجيل المسبق الذي لا يزالون منقسمين حوله.
وفي حين يخالف محمد شمس الدين، الباحث في الشركة الدولية للمعلومات، «حزب الكتائب» لجهة إمكانية تأجيل الانتخابات معتبرا أن حصولها بات محتما ما لم يحدث أي أمر طارئ، رأى «أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وخصوصا تلك المتعلقة بهيئة الإشراف على الانتخابات والبطاقة الممغنطة هي صفقات سياسية ولزوم ما لا يلزم». وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تشكيل الهيئة لم يكن هدفه إلا إرضاء الأطراف السياسية وتوزيع أعضائها عليهم طائفيا وحزبيا، في حين أن تجربة الهيئة السابقة التي أشرفت على انتخابات عام 2009 كانت شهود زور على ما جرى بدل أن تلعب دورها في المراقبة». وشكّك شمس الدين بقدرة وزارة الداخلية على إنجاز ما يزيد عن 3 ملايين و700 ألف بطاقة خلال نحو 5 أشهر، بعدما تم تلزيمها بالتراضي فيما بين الأفرقاء من دون أي مناقصات، لترفع بذلك كلفة الانتخابات إلى نحو 130 مليون دولار، ما يقارب 40 مليون دولار للبطاقة».
وأضاف: «كان يمكن الاعتماد على القانون الحالي لجهة اعتماد بطاقة الهوية أو جواز السفر وإعطاء الوقت الكافي لإنجاز البطاقة البيومترية»، وهو الأمر الذي ينسحب بدوره على موضوع التسجيل المسبق الذي يطالب به بعض الأفرقاء، وتحديدا فيما يتعلق بالانتخاب خارج مكان القيد، موضحاً: «أما وقد لجأوا إلى هذه البطاقة كان أيضا بإمكانهم الاستغناء عن التسجيل المسبق».
من جهته، وصف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الانتخابات النيابية المقبلة بـ«الأساسية جداً»، ودعا «الذين يشكون ليل نهار من وضع الدولة وما وصلنا إليه إلى تحمُّل مسؤولياتهم لأنهم هم المسؤولون عن معاناتهم بسبب خياراتهم الانتخابية، إذ لن يصل أي نائب إلى المجلس النيابي إلا بأصوات المقترعين، وكذلك الحكومة تتشكل وفق الثقة التي يمنحها إياها البرلمان، وبالتالي عليهم التصويت للأشخاص القادرين على التغيير فعلياً، إذ معروفٌ من يقوم بالهدر والفساد داخل الدولة، سائلا فهل تصوتون لهم من جديد؟.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».