استقالات في «المغربي الليبرالي» بعد إعادة تنصيب زيان

أصبح يحمل اسم «الحزب المغربي الحر»... وشارية يؤكد عدم عودته

محمد زيان المنسق الوطني للحزب المغربي الليبرالي («الشرق الأوسط»)
محمد زيان المنسق الوطني للحزب المغربي الليبرالي («الشرق الأوسط»)
TT

استقالات في «المغربي الليبرالي» بعد إعادة تنصيب زيان

محمد زيان المنسق الوطني للحزب المغربي الليبرالي («الشرق الأوسط»)
محمد زيان المنسق الوطني للحزب المغربي الليبرالي («الشرق الأوسط»)

أعاد المؤتمر الوطني الرابع للحزب المغربي الليبرالي، الذي اختتمت أعماله أمس (الأحد) بالرباط، تنصيب محمد زيان، منسقاً وطنياً للحزب، وسط موجة من الاستقالات التي أعلنها عدد من مناضليه، أبرزهم إسحاق شارية، الذي كان يشغل منصب نائب المنسق الوطني للحزب، احتجاجاً على الطريقة التي دبر بها المؤتمر، وما سموه «إقصاء الشباب».
ورغم الجو الحماسي الذي ميز الجلسة الافتتاحية للمؤتمر وتفاعل الحاضرين مع الكلمة «النارية» التي ألقاها زيان، فإن لحظة انتخاب المنسق الوطني للحزب، فجرت الخلاف بين أعضاء المؤتمر، بعدما جرى اقتراح التيار الرافض لاستمرار زيان على رأس الحزب رئيساً للمؤتمر لتسيير أشغاله، وهو ما دفع مؤيدي زيان لرفض المقترح ورد عليهم مناوئوه بالانسحاب وإعلان استقالتهم.
وقال زيان، المنسق الوطني للحزب المغربي الليبرالي، الذي أصبح اسمه «الحزب المغربي الحر»، إن المؤتمر مر في «جو حماسي كنا ننتظره»، مؤكداً أنه عرف بعض الإكراهات والتناقضات التي وصفها بـ«الطبيعية»، وذلك في إشارة إلى الانسحابات التي عرفها المؤتمر.
ونفى زيان في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، تلقيه استقالة من طرف أعضاء الحزب المنسحبين من المؤتمر، حيث قال: «لم تصل إلينا حد الساعة أي استقالة».
وتوقع زيان «مستقبلاً كبيراً وزاهراً لحزبه» في المشهد السياسي المغربي، ولم يقف تفاؤل زيان عند هذا الحد، بل ذهب إلى أن المستقبل الذي يتوقعه سيكون «أكثر مما يمكن أن يتوقعه الإنسان»، على حد تعبيره.
وعن برنامج الحزب ومطالبه في المرحلة المقبلة، قال زيان: «عندما نطالب بتعميم المناجم بالمغرب، ومناجم الذهب بإقليم طاطا (جنوب البلاد) تعود للشعب المغربي. هذه الخطوة ليست صغيرة».
وزاد قائلاً بنبرة تحدٍ واضحة للأحزاب السياسية المغربية التي يتهمها بـ«الجبن والخوف» من الحديث عن الثروات الطبيعية ومداخيلها الحقيقية، واستفادة الشعب المغربي منها: «إذا كانت القدرة لأي حزب أن يرفع هذا المطلب معنا فليتفضل».
من جهته، أكد إسحاق شارية، القيادي في الحزب المغربي الليبرالي سابقاً، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن استقالته من الحزب نهائية، ولكن المجلس الوطني (برلمان الحزب) هو الذي سيقرر فيها بشكل نهائي، وفق القانون الداخلي، معلناً خيبة أمله مع عدد من الشباب في المؤتمر.
وقال شارية إن المؤتمر الذي نظم تحت شعار «الحزب دعامة سياسية لمطالب الحراك الشعبي»: «كنا ننتظر أن يكون عرساً لحزب فتي في المشهد السياسي حاول أن يغير مجموعة من الأمور وطبع المشهد السياسي، إلا أنه صدم كل الشباب الذين راهنوا عليه»، معتبراً أن منهجية ممارسة السياسة داخل هذه المؤسسة واختيار المؤتمرين غير صحيحة.
وزاد المتحدث ذاته منتقداً المؤتمر بالقول إن الشباب المنسحبين الذين أعلنوا استقالتهم عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، فوجئواً بـ«بقاء الممارسات نفسها وعبادة الأصنام الموجودة في باقي الأحزاب السياسية»، وذلك في انتقاد واضح لإعادة تنصيب زيان منسقاً وطنياً للحزب.
وأفاد شارية بأن استمرار قيادة زيان للحزب «جزء من الكل لأنه لم يكن يوماً للناس مشكل مع الأستاذ زيان كشخص»، مبرزاً أن المشكلة تكمن في «البيروقراطية وكثرة المتملقين ومحاولة إقصاء الشباب»، مسجلاً أن هذه الممارسات «سمحت برجوع القيادة نفسها التي كرست الوجوه نفسها التي لا يمكن أن تعطي شيئاً للمشهد السياسي»، وفق تعبيره.
وأضاف نائب زيان السابق قائلاً: «كنا أحياناً نتجرأ حتى على أعلى مؤسسات البلاد... ونطالبها بالإصلاح ومزيد من الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان والحرية»، مشدداً على أن هذا الأمر «لا يستقيم وبيتنا الداخلي مليء بالعفن، فلا يمكننا إلا أن نردد قول الله عز وجل (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم)».
يشار إلى أن زيان دَعَا بعد تجديد الثقة فيه إلى انتخاب 3 نواب له لمساعدته في مهامه خلال الولاية الجديدة، إذ سيجعل أحدهم مكلفاً جهة الشمال وآخر مكلف جهة الجنوب، فيما سينوب عنه الثالث في المسؤولية المالية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم