أنقرة تؤكد اتفاقها مع بغداد بشأن وحدة العراق

اعتبرت استفتاء كردستان «مسألة أمن قومي»... وإردوغان يلتقي العبادي في نيويورك

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان - أرشيف (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان - أرشيف (رويترز)
TT

أنقرة تؤكد اتفاقها مع بغداد بشأن وحدة العراق

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان - أرشيف (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان - أرشيف (رويترز)

تواصلت ردود الفعل التركية الرافضة لاستفتاء استقلال إقليم كردستان العراق المقرر الاثنين المقبل. وفي وقت واصلت فيه أنقرة تحذيراتها من إجرائه، تظاهر مئات الأتراك والتركمان العراقيين في إسطنبول، أمس، رفضاً لانفصال الإقليم.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بغداد وأنقرة متفقتان على ضرورة المحافظة على وحدة الأراضي العراقية، لافتاً إلى رفض تركيا «عملية التوجيه» الحالية لتقسيم العراق. وأضاف في مؤتمر صحافي عقده أمس في مطار أتاتورك في إسطنبول قبل مغادرته إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه سيعقد اجتماعاً مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في نيويورك، وأن «هناك نظرة مشتركة بيننا تتمثل بضرورة المحافظة على وحدة الأراضي العراقية».
وجدد إردوغان «انزعاجه» من استفتاء كردستان، لافتاً إلى أن تركيا تمتلك حدوداً بطول 350 كيلومتراً مع شمال العراق، وأن سكان المنطقة من أكراد وتركمان وعرب «هم في الواقع ينتمون إلى الحضارة نفسها، ولا يتميزون بشيء عن بعضهم بعضاً». وأشار إلى وجود ما اعتبره «عملية توجيه» من أجل تقسيم العراق، قائلاً إن «تركيا لا تقبل هذا النهج، وعبرت عن ذلك مراراً».
وأضاف أنه سيلتقي بعض رؤساء الدول والحكومات، بمن فيهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي قال إنه يعلق أهمية خاصة على اللقاء معه، وإن الاجتماع «سيكون مفيداً ومثمراً لكلا البلدين، لا سيما أنه يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تطورات حاسمة».
في السياق ذاته، شدد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم على أن الاستفتاء المزمع في إقليم كردستان يعد مسألة أمن قومي بالنسبة إلى تركيا. وقال في تصريحات مساء أول من أمس، إن «الاستفتاء الذي تعتزم إدارة الإقليم الكردي إجراءه مسألة أمن قومي لنا، ولا شك في أننا سنتخذ جميع الإجراءات في هذه المسألة».
وكان إردوغان حذر في مقابلة تلفزيونية مساء الجمعة من إجراء الاستفتاء وتعهد بإجراءات ستظهر عقب اجتماع مجلس الوزراء ومجلس الأمن القومي التركي المقرر يوم الجمعة المقبل. وقال إن رئيس الإقليم مسعود بارزاني «سيرى بشكل واضح مدى حساسيتنا تجاه الاستفتاء، عقب اجتماع مجلس الأمن القومي ومجلس الوزراء».
وقرر الرئيس التركي تقديم موعد انعقاد مجلس الأمن القومي 5 أيام ليعقد قبل الموعد المحدد لاستفتاء كردستان. وقال خلال المقابلة إن «قرار الاستفتاء يتجاوز حدود انسداد الأفق وقلة الخبرة السياسية، ولا يمكن القبول بمفهوم سياسي من هذا القبيل». ووصف تصريحات بارزاني حول الاستفتاء بأنها «خاطئة للغاية»، خصوصاً أنه «يعلم حساسية تركيا تجاه وحدة التراب العراقي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.