مصر تسعى إلى جمع وفدي «حماس» و«فتح» لإنهاء الانقسام الفلسطيني

TT

مصر تسعى إلى جمع وفدي «حماس» و«فتح» لإنهاء الانقسام الفلسطيني

قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن مصر مصممة على إنجاح جهودها لإنهاء الانقسام الفلسطيني هذه المرة، وتعمل جاهدة على جمع وفدي «فتح» و«حماس» في القاهرة، في محاولة للتوصل إلى اتفاق نهائي، مضيفة أن السلطات المصرية تريد أن «يخرج الوفدان من أرضها باتفاق».
وكانت مصر قد طلبت من وفد «حماس»، الذي كان يهم للمغادرة قبل أيام بعد اجتماعه مع مسؤولي المخابرات، الانتظار على أمل عقد لقاء بين الوفدين، وذلك على الرغم من أن رئيس وفد «فتح» عضو اللجنة المركزية للحركة أعلن أن وفده لن يلتقي بحركة حماس.
ووصل وفد «فتح» مساء أول من أمس إلى العاصمة المصرية القاهرة، وضم مفوض العلاقات الدولية روحي فتوح، وعضو اللجنة المركزية رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية حسين الشيخ.
وأعلن الوفد في تأكيد على نيته تجنب اللقاء بحركة حماس، أنه وصل إلى القاهرة «من أجل لقاء المسؤولين المصريين واستجلاء الأفكار التي طرحت لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية».
وفي إصرار آخر على أن الحل سيكون فقط عبر خريطة الطريق التي رسمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قال بيان للوفد إنه «سيركز خلال لقاءاته مع المسؤولين المصريين على كيفية تحقيق المصالحة الوطنية، من خلال الأفكار التي طرحت سابقا، وهي حل اللجنة الإدارية التي شكلت من قبل (حماس)، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من القيام بمهامها بكل حرية في قطاع غزة، والتحضير لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية».
وكانت «حماس» قد أعلنت استعدادها بعد لقاءات مع مسؤولين مصريين لحل اللجنة الإدارية فورا، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها وإجراء الانتخابات: «على أن يعقب ذلك عقد مؤتمر موسع للفصائل الفلسطينية بالقاهرة، بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني بالضفة والقطاع والقدس».
وتريد «حماس» حوارا شاملا يتضمن اتفاقا على عمل حكومة الوفاق ومستقبل قطاع غزة، وشكل وموعد الانتخابات ومصير منظمة التحرير، كما تريد أن يوقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس إجراءاته ضد غزة.
وكان عباس قد بدأ إجراءات ضد القطاع منذ شهور، تمثلت في قطع رواتب موظفي السلطة وفرض خصومات عليها كذلك، ووقف دفع بدل فواتير وقود وكهرباء، وإلغاء وفرض إعفاءات ضريبية. وقال عباس: إن هذه الإجراءات ستتصاعد حتى تتراجع «حماس».
ويرى مراقبون، أن بعض العقبات السابقة المتعلقة بحل مشكلة موظفي حكومة «حماس» السابقة، والاتفاق على شكل الانتخابات وموعدها وآلياتها والهيئات التي تطالها، بما في ذلك المجلس الوطني لمنظمة التحرير، إضافة إلى برنامج حكومة الوحدة، تظل العقبات الأبرز لتحقيق أي اتفاق.
ومن غير المعروف ما إذا كانت مصر ستقدم حلولا خاصة، مع ضمانات لتجاوز هذه العقبات. لكن المؤكد هو أنها تريد حل مشكلة الانقسام قبل بدء عملية سياسية في المنطقة.
وجاء التحرك المصري الجديد بعد تطور في العلاقات بين مصر وحركة حماس. وقد وصل أعضاء آخرون من المكتب السياسي لـ«حماس» إلى القاهرة خلال اليومين الماضيين، بينهم حسام بدران الذي انتخب مسؤولا للعلاقات الوطنية، وماهر عبيد.
وقال بدران أمس، إن حركته تنتظر ردا إيجابيا من حركة فتح بشأن إبداء الأخيرة استعدادها لحل اللجنة الإدارية والبدء بحوار جدي، مبرزا أن موقف «حماس» «واضح بشأن حل اللجنة الإدارية، والمسؤولون المصريون على علم بذلك الموقف والقرار... والمسألة مرتبطة الآن بموقف (فتح)».
ولفت مسؤول العلاقات الوطنية في «حماس» إلى أن حركته أرجأت سفر وفدها من القاهرة لإعطاء المجال للمصريين لإقناع حركة فتح بالقدوم إلى القاهرة، والبدء في حوار جاد وحقيقي.
وقال بهذا الخصوص «أتينا للقاهرة وأعلنا موقفنا بالجاهزية للحوار مع (فتح) دون شروط مسبقة، ونتمنى على الإخوة في (فتح) أن يعلنوا استعدادهم للحوار دون شروط أيضا».
وعمليا يوجد على أرض مصر الآن معظم أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس، في أول لقاء جمع بين الداخل والخارج.
وتستعد «حماس» لفتح مكتب تمثيلي لها في مصر، لكن طلبها لم يبت به بشكل نهائي.
وقالت مصادر مقربة من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، إن حماس اختارت روحي مشتهى، وهو أسير محرر ومقرب جدا من يحيى السنوار قائد «حماس» في غزة، من أجل تمثيل الحركة مع مصر.
وبحسب المصادر، فإن اختيار مشتهى، الذي يعد مسؤولا أمنيا بالدرجة الأولى، له دلالات مهمة، أبرزها أن العلاقة بين الطرفين ظلت في إطار أمني بالدرجة الأولى، إضافة إلى أن مشتهى مسؤول بارز في كتائب القسام المعنية بشكل أساسي بتأمين الحدود مع مصر وعن الأنفاق، ولها القدرة على ردع الجماعات المتشددة التي تتواصل مع سيناء.
وأكدت المصادر أن مشتهى سيتحرك بين مصر وقطاع غزة بحسب الحاجة، وضمن آلية متفق عليها بين الطرفين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.