أكراد سوريا ماضون بالانتخابات... وموسكو تحذرهم من «الانفصال»

مقاتل كردي يستعرض اسلحة صادرها من «داعش» شرق سوريا. (مركر الرقة الاعلامي)
مقاتل كردي يستعرض اسلحة صادرها من «داعش» شرق سوريا. (مركر الرقة الاعلامي)
TT

أكراد سوريا ماضون بالانتخابات... وموسكو تحذرهم من «الانفصال»

مقاتل كردي يستعرض اسلحة صادرها من «داعش» شرق سوريا. (مركر الرقة الاعلامي)
مقاتل كردي يستعرض اسلحة صادرها من «داعش» شرق سوريا. (مركر الرقة الاعلامي)

حضت الهيئة التنفيذية لـ«الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا» أمس السوريين على المشاركة في الانتخابات المحلية في 22 الشهر الجاري، في وقت حذر الجيش التركي الأكراد من «الانفصال عن سوريا».
وكان اجتماع عقد بمشاركة 156 مشاركاً أقر «القانون الانتخابي للفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا» و«قانون التقسيمات الإدارية» وتوسيع الإدارات الذاتية لتصبح ثلاثة أقاليم تتضمن ست مقاطعات. وجرى تحديد برنامج للانتخابات، بحيث تم تحديد 22 سبتمبر (أيلول) الجاري موعدا لإجراء انتخابات الكومينات (الوحدات الصغيرة) في النظام الفيدرالي و3 نوفمبر (تشرين الثاني) موعداً لإجراء انتخابات الإدارات المحلية (انتخابات مجالس القرى، البلدات، النواحي، والمقاطعات) و19 يناير (كانون الثاني) 2018 موعد «انتخابات الأقاليم ومؤتمر الشعوب الديمقراطي في شمال سوريا».
وقالت «الهيئة التنفيذية لفيدرالية شمال سوريا» في بيان أمس: «منذ اندلاع الثورة السورية في 15 مارس (آذار) 2011م وحتى وقتنا الراهن، لم تطرح أي مشاريع تلبي طموحات الشعب السوري في الحرية والديمقراطية والحياة الكريمة سوى مشروع الإدارة الذاتية ومشروع الفيدرالية الديمقراطية».
وأضافت: «نبدأ بمرحلة جديدة، وهو القيام بانتخابات النظام الفيدرالي الديمقراطي الذي نعمل على تأسيسه. هذه الانتخابات التي ستبدأ في 22 سبتمبر 2017 بمثابة ميلاد جديد للشعوب، وهي أول عملية انتخابية ديمقراطية في تاريخ سوريا الجديدة» وأنها «مهمة ليس بالنسبة للمكونات الموجودة في شمال سوريا فحسب، إنما ستكون انطلاقة جديدة لكل سوريا. لأنها تقوم بتأسيس نظام يحقق لكل السوريين ما يطمحون إليه من المساواة والعدالة والحرية. وهذه الانتخابات ستكون حجر الأساس لسوريا فيدرالية ديمقراطية».
وإذ حذرت الهيئة من وجود «قوى تعمل بكل ما لديها من أجل إجهاض هذا المشروع وعلى رأسهم النظام السوري، ويقومون بممارسة حرب نفسية بما يروجون له من دعايات كاذبة من قبل أزلامهم»، قالت إن «سوريا لن تعود سوريا الاستبداد وسوريا الحزب الواحد، وما يروج له النظام ليس سوى أوهام وأحلاما لا صلة لها بالواقع».
وأكدت أن سوريا «لن تكون إلا دولة ديمقراطية فدرالية وبمشاركة جميع مكونات الشعب السوري، في شمال سوريا (كرد، عرب، سريان أشوريين، تركمان، شركس، جاجان، أرمن، مسلمين، مسيحيين، ايزيديين) سنبني سوريا المستقبل». وطالبت جميع الأحزاب والمنظمات «بالعمل بكل الإمكانات لإنجاح هذه العملية الانتخابية».
من جهتها، قالت القاعدة الروسية في حميميم على صفحتها في «فيسبوك» أمس: «لن تدعم موسكو مشروع انفصال الأكراد عن سوريا، هذا الأمر يتنافى مع التزامنا ضمان وحدة الأراضي السورية».
وكانت موسكو أعربت عن دعم نظام لامركزي في سوريا واقترحت دستوراً يتضمن ذلك.
ونشر الجيش الروسي وحدة مراقبة في تل رفعت للعزل بين فصائل تدعمها تركيا و«وحدات حماية الشعب» الكردية شمال حلب. وأكدت أنقرة أنها لن تسمح بقيام كيان كردي شمال سوريا وقرب الحدود التركية.
وتقدم واشنطن دعما عسكريا لـ«قوات سوريا الديمقراطية» التي تضم «وحدات حماية الشعب» في حربها ضد «داعش» شمال شرقي سوريا، الأمر الذي اغضب أنقرة.



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.