وثائق من المعارضة عن علاقة النظام مع «داعش»

TT

وثائق من المعارضة عن علاقة النظام مع «داعش»

حصلت «الشرق الأوسط» على وثائق قدمها وفد المعارضة السورية إلى الأمم المتحدة في اجتماعات آستانة أمس، أظهرت تعامل النظام مع «داعش»، ذلك من خلال تسليمه مدينة تدمر في حمص، في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2016 بعد صدور أوامر للقوى المنتشرة على الجبهات بالانسحاب لصالح التنظيم قبل ثلاثة أيام من المعركة، فضلاً عن تورطه بتفجيرات جهازي أمن الدولة والأمن العسكري في حمص في شهر فبراير (شباط) الماضي عبر تقديم أجهزة أمنية تسهيلات لتنفيذ العملية، إضافة إلى عقد النظام تبادلات تجارية مع «داعش».
واعتمدت المعارضة في وثائقها إلى الأمم المتحدة على شهادات أربعة عناصر في الاستخبارات الجوية التابعة لقوات النظام تم أسرهم على أيدي «الجيش الحر». كما طلبت من «الأمم المتحدة» تسلّم الأسرى إذا أرادت إجراء تحقيقات معهم، والتثبت من المعلومات بنفسها.
وكان «الحر» قد تمكن من أسر العناصر الأربعة في الثالث من مارس (آذار) الماضي، وتم استجوابهم بعد أربعة أيام من قبل محققين يتبعون له.
وفي شهادات الأسرى التي أظهرتها الوثائق، ولم يتسن التأكد منها من مصدر آخر، قال أحد العناصر الذي كان يقاتل في تدمر: «نعمل بشكل أساسي على جبهات تدمر، وكان يتم نقلنا بين حقل حيان للغاز وحقل جزل النفطي ومطار التيفور»، مشيرا إلى أنهم كانوا يتنقلون بأوامر من القيادة إلى المفارز الأمنية في هذه المناطق بهدف «مراقبة الجيش إذا كان يضرب أو لا يضرب، ورفع تقرير بذلك إلى القيادة» وفق تعبيره، موضحا «أي التأكد عما إذا كانوا ينفذون الأوامر أم لا».
وسئل: «كيف تمكن (داعش) من السيطرة على المواقع في تدمر رغم كل السلاح الذي تمتلكونه؟»، أجاب الأسير الثاني: «أتتنا الأوامر قبل ثلاثة أيام كي ننسحب ولا يبقى إلا عناصر الحرس، وهي السياسة نفسها التي تعتمد في معظم المعارك مع (داعش)».
وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قالت: «إن قوات النظام انسحبت (سريعا جدا) من تدمر»، وقال المتحدث باسمها جيف ديفيس، إن ما جرى يدعم ما يقوله البعض بأن «النظام بدعم من روسيا كان تركيزه منصبا بالكامل على حلب لدرجة أنه نسي أن ينظر في المرآة ليرى ما يحدث خلفه».
وحول تفجيرات حمص التي استهدفت فرع أمن الدولة وفرع الأمن العسكري، قال الأسير الثاني: «في هذه الفروع الأمنية من المستحيل أن يحدث أي خرق أمني إلا بتسهيل من العناصر؛ وذلك لأن كل مداخلها محصنة بحواجز إسمنتية، وأي خرق لا يمكن أن يتم إلا إذا كان هناك تنسيق فيما بين العناصر». وعند سؤاله «هل يعني ذلك أن الجهات الأمنية هي التي فجّرت هذه المراكز؟» أجاب: «نعم هم فجروا من الداخل». ويضيف «لا يمكن اختراق الأفرع الأمنية لأن العناصر الذين يعملون في الداخل يخضعون للتفتيش يوميا، وهذا يعني أن التفجير هو لعبة من بين الأفرع والنظام». وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أعلن أن عمليتين ضربتا «مقرين، واحد لأمن الدولة وآخر للمخابرات العسكرية في وسط مدينة حمص» التي يسيطر عليها النظام في 25 فبراير الماضي، وأدى إلى مقتل 42 شخصا، بينهم رئيس فرع المخابرات العسكرية العميد حسن دعبول، وإصابة رئيس فرع أمن الدولة العميد إبراهيم درويش.
وحول التبادل التجاري مع التنظيم، يقول الأسير الثالث «هذا التبادل واضح بين النظام وتنظيم داعش، وبخاصة على طريق حمص – أثريا، وهناك برادات مغلقة تمرّ في المنطقة لا أحد يعلم ماذا في داخلها إلا الموقع الذي تصل إليه».
وفي موضوع السلاح الكيماوي، قدمت المعارضة ملفا يثبت تورط النظام بمجازر كيماوية، مرفقة بشهادات حية من متضرري أسلحة الأسد الكيماوية، طالبة إجراء المساءلة والمحاسبة القانونية. وكانت الأمم المتحدة وعبر لجنة تحقيق مستقلة أعلنت بداية الشهر الحالي، أن النظام السوري مسؤول عن الهجوم الكيماوي الذي استهدف بلدة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي في أبريل (نيسان) الماضي، وأدى إلى مقتل 87 شخصاً، بينهم أطفال، واصفة الهجوم بـ«جريمة حرب».
والى الوفد الروسي، قدمت المعارضة ملفا يوثق خروقات وقف النار من قبل النظام والقوى المساندة له، اعتباراً من نهاية العام 2016، طالبة الالتزام بمضمون اتفاق خفض التصعيد واتخاذ الإجراءات العقابية اللازمة بحق المرتكبين وتعويض المتضررين وفق بنود اتفاقية أنقرة وقرار مجلس الأمن 2336.


مقالات ذات صلة

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عبد القادر مؤمن

كيف أصبح ممول صومالي غامض الرجل الأقوى في تنظيم «داعش»؟

يرجّح بأن الزعيم الصومالي لتنظيم «داعش» عبد القادر مؤمن صاحب اللحية برتقالية اللون المصبوغة بالحناء بات الرجل الأقوى في التنظيم

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا سائقو الشاحنات يتجمعون بجوار شاحنات إمدادات المساعدات المتوقفة على جانب الطريق في هانجو يوم 4 يناير 2025 بعد أن نصب مسلحون كميناً لقافلة مساعدات باكستانية (أ.ف.ب)

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

لقي 6 أشخاص مصرعهم، وأصيب أكثر من أربعين بجروح، جراء هجوم انتحاري استهدف موكباً لقوات الأمن في منطقة تُربت، بإقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)

منفذ هجوم الدهس في نيو أورليانز امتلك مواد تستخدم لصنع قنابل

أفاد مسؤولون في أجهزة الأمن بأن الرجل الذي صدم حشدا من المحتفلين برأس السنة في نيو أورليانز كان يمتلك في منزله مواد يشتبه في استخدامها لصنع قنابل.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز)
أفريقيا وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة.

كمال بن يونس (تونس)

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.