الجزائر تسعى لفتح معبر حدودي بين تندوف وموريتانيا

رئيس جهة وادي الذهب السابق يستبعد تأثير ذلك على رواج الطريق المغربية ـ الأفريقية

TT

الجزائر تسعى لفتح معبر حدودي بين تندوف وموريتانيا

أعلنت مصادر جزائرية عن قرب اجتماع لجنة موريتانية - جزائرية مشتركة بهدف تسريع فتح المعبر الحدودي (شوم تندوف)، الذي سيربط بين ولاية (محافظة) تندوف، الواقعة جنوب غربي الجزائر وولاية زويرات الواقعة شمال شرقي موريتانيا.
ويأتي هذا الإعلان بعد أسابيع من قرار السلطات الموريتانية إغلاق حدودها مع الجزائر، واعتبارها منطقة عسكرية بسبب استفحال ظاهرة التهريب. ويشكل فتح معبر «شوم تندوف» مطلبا جزائريا ملحا منذ عدة سنوات، ويهدف بالأساس إلى الاستجابة لمطالب سكان ولاية تندوف الجزائرية، البالغ عددهم 70 ألف شخص، نظرا للروابط العائلية بين القبائل القاطنة في الجنوب الغربي للجزائر والشمال الشرقي لموريتانيا، إضافة إلى الدور المرتقب لهذه الطريق على الرواج الاقتصادي والتجاري بالمنطقة.
وتوجد حاليا طريق وحيدة تربط بين تندوف وشمال موريتانيا، غير أنها تمر عبر أراض تسيطر عليها جبهة بوليساريو التي تطالب بانفصال المحافظات الصحراوية عن المغرب بدعم من الجزائر.
وكانت السلطات الجزائرية قد أنهت بناء جزء من الطريق الجديد الموجود على ترابها، والرابط بين تندوف ومعبر الشوم، على مسافة 75 كيلومترا في سنة 2009، لكن يبدو أن موريتانيا لم تكن متحمسة لإنجاز الشطر الموجود داخل ترابها.
وأعادت الجزائر طرح موضوع فتح المعبر خلال انعقاد الدورة الثامنة عشرة للجنة العليا المشتركة الجزائرية - الموريتانية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بالجزائر العاصمة، وقد شكل موضوع فتح المعبر الحدودي إحدى أبرز توصيات هذه الدورة. غير أن إعلان موريتانيا حدودها مع الجزائر منطقة عسكرية مغلقة إلى أجل غير مسمى بعد حادث تبادل إطلاق النار بين الجيش الموريتاني ومهربين مسلحين في يوليو (تموز) الماضي، ومطاردة سياراتهم باستعمال الطيران العسكري عبر الصحراء، أدخل مشروع فتح المعبر في سبات جديد من الجانب الموريتاني.
وإضافة إلى انتشار التهريب تعتبر منطقة الحدود المشتركة بين الجزائر وموريتانيا ومالي، منطقة نشاط مجموعة من الجماعات الإرهابية، أبرزها تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وجماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، الشيء الذي يشكل تهديدا أمنيا حقيقيا في هذه المنطقة، خصوصا عبر ممارسة اختطاف الرهائن من طرف هذه الجماعات.
وقال المامي بوسيف، الرئيس السابق لجهة (منطقة) وادي الذهب - لكويرة المغربية، حول الوقع المحتمل لفتح معبر «شوم تندوف» على رواج الطريق التي تعبر الساحل الأطلسي للمغرب وتربط بين أوروبا وأفريقيا عبر المغرب وموريتانيا، إنه لا يمكن أن يكون هناك أي تأثير، مشيرا في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أن الطريق التي تمر من طنجة إلى الداخلة على الساحل الأطلسي تتمتع ببنيات تحتية ذات جودة عالية، وتتوفر على مستوى عال من الأمان، وتعبرها يوميا آلاف الناقلات، سواء للأشخاص أو السلع والبضائع في اتجاه موريتانيا، ومنها إلى باقي دول أفريقيا الغربية.
وأضاف بوسيف موضحا «أن يكون هناك قرار لفتح معبر حدودي، فهذا أمر يدخل في إطار سيادة الدولتين. أما بخصوص الطريق التي تعبر السواحل الأطلسية للمغرب، فلديها روادها الذين اختاروها لما توفره من وسائل راحة وأمان خلال العبور. فهناك آلاف السيارات التي تنقل المهاجرين الأفارقة وأسرهم عبر هذه الطريق، سواء في رحلات الذهاب إلى البلدان المضيفة أو العودة إلى الوطن. كما تعبرها آلاف الشاحنات المحملة بالسلع».
كما أشار بوسيف إلى أن الحادث الوحيد الذي عكر صفو هذا المسار المغربي - الأفريقي هو ما قامت به جبهة بوليساريو بداية العام الحالي، جراء محاولتها نشر مسلحين في منطقة الكركرات الحدودية بين المغرب وموريتانيا، وإعاقة رواج النقل التجاري وحركة المسافرين. غير أن ذلك لم يستمر سوى لفترة قصيرة بسبب آثاره من استنكار دولي ومطالبة مجلس الأمن خلال اجتماعه في أبريل (نيسان) الماضي «بوليساريو» سحب مسلحيه، وعدم التعرض لمستعملي الطريق.



كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
TT

كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)

قال تقرير لوكالة «بلومبرغ» للأنباء إن الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في سوريا يُهدد قاعدة «حميميم» الجوية، التي اعتمدت عليها روسيا لفرض نفوذها في مختلف أنحاء أفريقيا.

وبحسب التقرير، تستخدم موسكو القاعدة لإرسال أفراد وإمدادات عسكرية إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وكل هذه الدول شهدت انقلابات مؤخراً، وقطعت علاقاتها مع الغرب، في حين تقترب من موسكو التي مكّنها هذا الجسر الجوي من إعادة بناء بعض نفوذها الذي اكتسبته في حقبة الحرب الباردة في القارة، خصوصاً في أماكن، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان.

وسمحت قاعدتا «حميميم» الجوية و«طرطوس» البحرية، اللتان تستقبلان الوقود والإمدادات الروسية بتنفيذ توسع رخيص وفعال لنفوذها العسكري والسياسي والاقتصادي في أفريقيا، والآن قد تحتاج الشبكة التي تدعم عمليات روسيا في القارة، والتي تملأ الفراغ الذي خلفته القوات الغربية المغادرة، إلى إصلاح شامل.

استقبال جندي روسي لبشار الأسد خلال زيارته قاعدة «حميميم» العسكرية في اللاذقية 27 يونيو 2017 (أ.ف.ب)

قال أنس القماطي، مدير معهد صادق، وهو مركز أبحاث مقره ليبيا: «من دون جسر جوي موثوق، تنهار قدرة روسيا على فرض قوتها في أفريقيا، والاستراتيجية العملياتية الروسية بأكملها في البحر الأبيض المتوسط ​​وأفريقيا مُعلقة بخيط رفيع».

وقال القماطي إنه وفي حين أن روسيا، التي دعمت السلطات في شرق ليبيا، لديها قدرات تشغيلية في 4 قواعد جوية ليبية (الخادم والجفرة والقرضابية وبراك الشاطئ) فإن هذه القواعد ستكون بعيدة جداً، بحيث لا يمكن استخدامها في جسر مجدد من موسكو بسبب قيود المجال الجوي في أوروبا.

وقال رسلان بوخوف، رئيس مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات ومقره موسكو، إن القاعدة الجوية السورية ستكون «خسارة كبيرة» للعمليات الأفريقية؛ حيث «كانت جميع الإمدادات تمر عبر (حميميم)، وهذا مهم بشكل خاص لبلد من دون ميناء، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى».

وبدأت جهود موسكو لإعادة بناء النفوذ في أفريقيا فعلياً عام 2018، عندما تم نشر مرتزقة من مجموعة «فاغنر» المرتبطة بالكرملين في جمهورية أفريقيا الوسطى غير الساحلية، للدفاع عن رئيسها المحاصر ضد هجوم المتمردين.

وفي عام 2019، لعب المقاتلون دوراً رئيساً في محاولة من قِبَل الزعيم الليبي الشرقي خليفة حفتر للاستيلاء على العاصمة طرابلس.

ومنذ ذلك الحين، أرسلت مقاتلين إلى مالي والنيجر وبوركينا فاسو، جنباً إلى جنب مع الأسلحة، ما أدّى إلى زيادة أكبر لبصمتها العالمية خارج الكتلة السوفياتية السابقة.

الرئيس الروسي يلقي كلمة في قاعدة «حميميم» في اللاذقية على الساحل السوري يوم 12 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

وهذا الدعم في خطر؛ لكن المقربين من تلك الحكومات يزعمون أن روسيا ستجد طريقة لمواصلة مساعدتهم.

وقال فيديل غوانجيكا، مستشار رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، إن روسيا «ستكون لديها خطة بديلة»، حتى تظل طرق إمدادها إلى أفريقيا سليمة، سواء باستخدام ليبيا نقطة انطلاق أكثر قوة، أو الوصول إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عبر المواني في الكاميرون أو الكونغو، و«لن تكون هناك عواقب على جمهورية أفريقيا الوسطى».

وأضاف غوانجيكا أن أفريقيا الوسطى مستعدة لمساعدة الكرملين في إرسال الإمدادات والجنود من روسيا إلى الحكومات في منطقة الساحل إذا لزم الأمر.

وأعرب إبراهيم حميدو، رئيس إدارة الاتصالات لرئيس الوزراء علي الأمين زين، الذي عيّنه المجلس العسكري في النيجر عام 2023، عن الأفكار نفسها، وقال: «سقوط الأسد لن يُغير علاقاتنا، ويمكن لروسيا أن تجد طرقاً أخرى، من خلال تركيا على سبيل المثال، لدعم النيجر».

وفي حال سمحت تركيا، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، لبعض رحلات الشحن الروسية إلى ليبيا بالمرور عبر مجالها الجوي، فلا يوجد اقتراح فوري بأنها ستعمل بديلاً للجسر الجوي السوري لموسكو، خصوصاً أن مصالح الثنائي في أفريقيا غالباً ما تتباعد.

واقترحت مونيك يلي كام، وهي سياسية في بوركينا فاسو، تدعم المجلس العسكري وعلاقاته القوية مع روسيا، ليبيا خياراً لمساعدة موسكو على «الحفاظ على نفوذها في القارة».

كما لعبت روسيا دوراً رئيساً في الحرب الأهلية السودانية التي استمرت 20 شهراً؛ حيث ألقت مؤخراً بثقلها خلف الجيش في قتاله ضد «قوات الدعم السريع»، كما تواصل الضغط من أجل إنشاء قاعدة على ساحل البحر الأحمر في البلاد، وهو حلم طويل الأمد، من شأنه نظرياً أن يوسع شبكتها اللوجستية.

مقاتلة روسية في قاعدة «حميميم» جنوب شرقي اللاذقية في سوريا أكتوبر 2015 (سبوتنيك)

ومع ذلك، فإن الاحتفاظ بشبكة النفوذ الروسية مترامية الأطراف في أفريقيا لن يكون سهلاً، وفقاً لأولف ليسينغ، مدير برنامج الساحل في مؤسسة «كونراد أديناور»، وهي مؤسسة بحثية ألمانية.

وقال: «إن سقوط الأسد سيعيق بشكل كبير العمليات العسكرية الروسية في أفريقيا، وكانت جميع الرحلات الجوية لتوريد المرتزقة، وجلب الذخيرة والأسلحة الجديدة، تمر عبر سوريا. إنها مسافة بعيدة للغاية للطيران بطائرة نقل محملة بالكامل من روسيا إلى أفريقيا، وسيتعين على روسيا تقليص مشاركتها في أفريقيا وسيكون ذلك أكثر تكلفة بكثير».