تجنيد الحوثي وصالح للطلاب أعاق الإقبال على الجامعات

TT

تجنيد الحوثي وصالح للطلاب أعاق الإقبال على الجامعات

قاد التجنيد الممنهج الذي يتبعه الحوثي في اليمن، إلى انخفاض عدد الطلاب الدارسين في مرحلة التعليم العالي والكليات، فيما تسببت حالة عدم الاستقرار في المناطق الواقعة تحت سيطرة المتمردين بعدم قدرة بعض طلاب التعليم العام على الوصول إلى مدارسهم.
ويسعى الحوثي إلى تحجيم مستوى التحصيل العلمي بين الشباب اليمني بحسب خبراء يمنيين، وذلك لرغبته في إحداث تغيير فكري وثقافي في التركيبة اليمنية، بما يتوافق مع منهج ولاية الفقيه.
وقال المحلل السياسي أحمد البحيح لـ«الشرق الأوسط»، إن جماعة الحوثي سخّرت كل وسائل الإعلام مثل قناة اليمن الفضائية (الواقعة تحت سيطرتهم)، وسبأ والإيمان والقناة التعليمية إضافة إلى 10 قنوات أخرى لصالح فكرها الطائفي.
ودلل على حالة تسخير الإعلام لترويج الفكر الحوثي، بما بثته إذاعة صنعاء أمس خلال برنامج حاول تكريس فكرة أن عبد الملك الحوثي زعيم التمرد هو امتداد للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن هذا هو سر صموده في الحرب التي تشهدها البلاد منذ نحو ثلاثة أعوام.
وأكد وجود الكثير من الندوات والبرامج التي تخدم الفكر الطائفي الحوثي بشكل مباشر وغير مباشر، مشددا على أن أتباع التمرد عمدوا فعليا إلى تسخير جميع منصات الإعلام المتاحة على المستوى المحلي لخدمة أهداف التمرد المرسومة في طهران.
وقال إن جماعة «أنصار الله» الحوثية استخدمت مؤسسات الدولة المختلفة كالجامعات والمعاهد من خلال إقامة ندوات لصالحها كان آخرها ندوة أقيمت في جامعة صنعاء لما يسمى بذكرى الصرخة، إضافة إلى يوم الولاية والغدير وغيره.
وتطرق البحيح إلى أن أبناء اليمن يواجهون ميليشيات الحوثي على أكثر من صعيد فكري وتربوي وثقافي وليس فقط على الجانب العسكري والسياسي. وقال إن «الفكر لا يواجه إلا بفكر والمعركة العسكرية لا تكفي، والتأخير في الحسم العسكري يعطي فرصة أكبر للحوثيين للتمكن في المناطق الجغرافية التي يسيطرون عليها».
وأكد أن نسبة الإقبال على الجامعات تعتبر الأقل في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، حيث يوجد شبه عزوف من الشباب المتخرجين من الثانوية عن الجامعات الحكومية، وذلك لتحولها إلى بؤر لتصدير الفكر الحوثي، وانشغال بعضهم في التجنيد والقتال في صفوف الانقلابيين.
وأشار إلى تغيير الكثير من كوادر الجامعات الحكومية من معيدين وأساتذة ورؤساء واستبدالهم بأشخاص يتبعون الفكر الحوثي ليسهموا في تصدير الفكر الحوثي ثقافيا واقتصاديا من خلال هذه المحاضن التعليمية والأكاديمية التي من المفترض أن تكون بعيدة عن أي صراعات سياسية، لافتاً إلى أن الانقلابيين يعمدون إلى مكافأة طلاب في الجبهات بمنحهم شهادات مزورة.
إلى ذلك، قال الدكتور قاسم المحبشي الذي يعمل في جامعة عدن، إن اليمن شهد للمرة الأولى نقصاً في الطلب على الدراسة الجامعية هذا العام، وذلك ناتج عن أن نسبة كبيرة من خريجي الثانوية العامة انخرطت في العمل العسكري، معتبراً ذلك مؤشراً خطيراً.
وأضاف أن نسبة إقبال الطلاب على الجامعات اليمنية تفاوتت هذا العام لأسباب عدة أهمها استمرار الحرب والانقلاب في العاصمة اليمنية صنعاء، فيما شهدت جامعة عدن نسبة إقبال مرتفعة، بحكم وضعها في العاصمة المؤقتة المحررة منذ ثلاثة أعوام والتي أخذت تشهد تحسناً بطيئاً في الاستقرار والخدمات.
وأوضح أن تحسن الأوضاع المعيشية والتعليمية في الجنوب دفع الكثير من السكان في المحافظات الشمالية التي لا تزال تشهد أعمالاً حربية إلى النزوح لعدن والبحث فيها عن فرصة الدراسة للتلاميذ والطلاب. وركّز المحبشي على أن ما تفعله الميليشيات الحوثية من إجبار الشباب والأطفال على التجنيد والزج بهم في جبهات القتال المنتشرة على طول البلاد وعرضها أدى إلى تعرض آلاف منهم للقتل والإعاقة، كما أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الأسرة اليمنية في المناطق الشمالية أدت إلى عزوف الشباب والشابات عن الالتحاق بالتعليم الجامعي.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.