ابن كيران: البلاد لن تنطلق بالمنتخبين المخادعين

عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية
عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية
TT

ابن كيران: البلاد لن تنطلق بالمنتخبين المخادعين

عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية
عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية

دعا عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية ورئيس الحكومة المغربية السابق، أعضاء حزبه إلى تجنب الانشغال بالخلافات والمصالح الصغيرة، وتجاوز «الثقافة المنتشرة في الوسط السياسي المغربي، التي جعلت الملك محمد السادس في خطابه غاضبا وساخطا على الوسط السياسي برمته».
وخلال لقاء جمعه مساء أول من أمس في منزله بالرباط بأعضاء مجلس بلدية مدينة المحمدية المنتمين لحزبه، قال ابن كيران إن «الوطن في وضعية صعبة ويحتاج للناس الجادين»، مشددا على أن «المغرب لن ينطلق بالإداريين والمنتخبين والسياسيين الغشاشين».
وكان الملك محمد السادس قد وجه انتقادات حادة وغير مسبوقة إلى الأحزاب السياسية والمنتخبين في خطاب عيد الجلوس، وخاطبهم قائلا: «إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا».
في هذا السياق، خاطب ابن كيران منتخبي حزبه قائلا إن خدمة الشأن العام عمل كبير جدا، لأنها مرتبطة بإصلاح المركب الذي يوجد عليه المجتمع ككل، مبرزا أن حزبه قام بخطوات طيبة ومباركة «رزقنا الله سبحانه وتعالى فيها التوفيق والتيسير حتى أصبحنا الحزب الأول في المغرب».
وتعليقا على الأزمة التي يعيشها حزب العدالة والتنمية منذ إعفائه من منصب رئاسة الحكومة، والخلافات التي ظهرت بين قياديي الحزب، قال ابن كيران: «منذ وقوع هذه الأزمة وأنا أحاول أن أدبرها بالتي هي أحسن... أسمع كلاما مؤلما وغير صحيح عني من أشخاص بعضهم من المقربين، ومع ذلك أسكت، رغم أنني الأمين العام، وبإمكاني إذا أردت أن آمر بالتحقيق، ولكن هذا الأمر غير معقول».
وبدا ابن كيران زاهدا في الاستمرار في قيادة الحزب، خلافا لتصريحاته السابقة التي لمح فيها إلى إمكانية أن يظل أمينا عاما لولاية ثالثة إذا ما طلب منه ذلك، وجرى تعديل النظام الداخلي للحزب، الذي لا يسمح إلا بولايتين، وقال في هذا الصدد: «أنتظر اليوم الذي سيأخذ فيه الإخوان هذه المسؤولية عني، ويضعونها في عنق شخص آخر بسلام»، مضيفا أن «الناس الذين ينجحون هم الذين يصبرون على بعضهم البعض، ويتسامحون».
وحذر ابن كيران من أن تعصف الخلافات بحزب العدالة والتنمية أسوة بما حدث لعدد من الأحزاب السياسية المغربية، وذهب إلى حد التلويح بحل الحزب بقوله «إذا كنا سنصبح حزبا سياسيا، لديه مصالح صغيرة، يدافع عنها بالصراع فيما بين أعضائه، فسيكون مصيرنا مثل ما عاشته وتعيشه بعض الأحزاب... وإذا أصبح هذا الحزب غير صالح فسنغلقه».
ودعا ابن كيران أعضاء حزبه ومنتخبيه إلى التشبث بالمرجعية الدينية للحزب، والوفاء للقيم والمبادئ التي جاء الحزب من أجلها، بدل الصراع من أجل مصالح ضيقة.
وتعليقا على اعتقال رئيس جماعة قروية فاز باسم حزبه في الانتخابات البلدية التي جرت في 4 من سبتمبر (أيلول) 2015 بسبب ضبطه متلبسا بتسلم الرشوة، قال ابن كيران إنه كان يود إرسال رسالة إلى وزارة الداخلية يشكرها فيها على اعتقاله، وأضاف موضحا «لو اتفقوا معي لشددوا عليه العقوبة، لأنه تسلم رشوة وهو من (العدالة والتنمية)».
في سياق منفصل، قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، خلال اجتماعها الأسبوعي أمس، إن الحكومة ملتزمة بتحقيق إنجازات عملية على أرض الواقع والإنصات للمواطنين ومختلف الفاعلين، وطالب وزراءه بخدمة الوطن والمواطنين واعتماد سياسة القرب، مهنئا الوزراء الذين أعدوا برنامجا أسبوعيا ونصف شهري لزيارة المناطق القريبة والبعيدة لتتبع سير المشاريع. كما أشاد رئيس الحكومة بالزيارة التي قام بها وفد حكومي إلى مدينة العيون للاطلاع على سير مشاريع البرنامج التنموي للأقاليم الجنوبية.
وأعلن العثماني عن إحداث وحدة على مستوى رئاسة الحكومة تضم كفاءات وخبراء، مهمتها متابعة المشاريع والبرامج في مختلف مناطق المغرب، مع الاهتمام أكثر بالمناطق النائية.
وبمناسبة العرض الذي قدمه محمد حصاد، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، عن الموسم الدراسي 2017 – 2018، أعرب العثماني عن عزمه ربح رهان التربية والتعليم الذي يعتبر من الأولويات الأساسية للحكومة، والرفع من الإمكانيات المادية والبشرية في هذا القطاع.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.