خبراء أميركيون يتوقعون تأثيراً اقتصادياً محدوداً للأعاصير

يرون ارتفاعاً في أسهم يلين للبقاء... وثبات الفائدة لنهاية العام

TT

خبراء أميركيون يتوقعون تأثيراً اقتصادياً محدوداً للأعاصير

تزامنا مع تصريحات لوزير الخزانة الأميركي ستيف منوتشين، أول من أمس، أكد فيها أن الأضرار الناجمة عن الإعصار «إيرما» كانت شديدة بما فيه الكفاية وستوثر على الاقتصاد الأميركي على المدى القصير، أشار خبراء اقتصاد أميركيون مرموقون إلى محدودية الآثار الناجمة عن إعصاري «هارفي» و«إيرما»، سواء على معدلات النمو الاقتصادي الأميركي، أو على التضخم، على المدى الطويل.
ونقل عن منوتشين تقييمه للوضع بعد «إيرما»، حيث قال: «من الواضح أن (الإعصار) سيكون له تأثير على الناتج المحلي الإجمالي على المدى القصير، وسنقوم بإصلاحه على المدى الطويل»... وتابع: «عندما نعيد البناء، فإن ذلك سيؤثر بالإيجاب على الناتج المحلي الإجمالي».
ويبدو أن غالبية الاقتصاديين الأميركيين يتفقون حول تلك الرؤية بأن تأثير الإعصار على الاقتصاد لن يمتد طويلا. وخلال ندوة بمجلس العلاقات الخارجية في واشنطن أول من أمس، تحدث خبراء الاقتصاد والاستثمار عن رؤيتهم للاقتصاد الأميركي في ظل المتغيرات الكثيرة الحالية.
وأشار يان هاتزيوس، كبير الاقتصاديين بمجموعة «غولدمان ساكس»، إلى أنه «لا يتوقع تأثيرا كبيرا» للأعاصير على النمو الاقتصادي في أميركا. وقال: «أتوقع أن يتباطأ النمو في الربع الثالث من 2017؛ فقد تسبب إعصار (هارفي) في أضرار تقدر بما بين 60 مليارا و100 مليار دولار، بينما جاء تأثير إعصار (إيرما) أقل من المتوقع، وستكون أضراره في حدود 30 مليار دولار فقط. كما سيتأثر النمو في الفترة نفسها بإغلاق بعض الشركات، لكن هذا كله سيتم تعويضه من العمليات المتوقعة في الإنشاءات وإعادة بناء ما دمره الإعصاران، ومن ثم، فإن التأثير على الناتج المحلي الإجمالي لن يكون كبيراً».
وخلال الندوة، تطرقت الأحاديث إلى مسائل أخرى مهمة، حيث رجح الحضور تأجيل إقرار التشريعات الخاصة بالإصلاحات الضريبية إلى وقت لاحق بسبب وجود قضايا أكثر أهمية على أجندة واضعي القوانين في واشنطن. بينما رفع بعض الخبراء سقف التكهنات بإعادة ترشيح جانيت يلين رئيسة «الاتحادي الفيدرالي»، (المركزي الأميركي)، للبقاء 4 سنوات أخرى في منصبها، مع استبعاد إجراء رفع قريب لأسعار الفائدة على الدولار.
واستبعد هاتزيوس إجراء أي إصلاحات ضريبية لعدم جدواها حالياً، قائلا: «لا نتوقع حدوث شيء». وأضاف أنه «رغم أن الاحتمالات الآن 50 في المائة لإجراء خفض في الضرائب، فإنه حتى في حال حدوثه، فسيكون التأثير على زيادة الإنفاق والنمو محدوداً للغاية... سيكون في حدود 0.1 إلى 0.2 في المائة».
ويتفق مع تلك الرؤية بيتر أورزاغ، نائب الرئيس ببنك الاستثمار «لازارد»، الذي أشار إلى أن هناك قضايا أخرى تستحوذ على اهتمام المشرعين الأميركيين في الوقت الحالي، مما يصعب معه توقع حدوث تطورات في ملف الإصلاحات الضريبية. وقال أورزاغ إن كثيرين يرون أن «قضايا مثل تشريع (داكا)، وحل مشكلة سقف الدين قبل ديسمبر (كانون الأول)، ستكون لها الأولوية عن تشريعات الإصلاحات الضريبية».
بدورها قللت ريبيكا باترسون، مسؤولة الاستثمار بشركة «بيسمر» لإدارة الأموال، من أهمية التغييرات المنتظرة في تشكيلة المسؤولين في بنك الاحتياطي الفيدرالي. وقالت: «تاريخيا، كانت الأسواق تشعر بالتوتر وقت التغييرات، لكن هذا لا يحدث حالياً، خصوصا أن الأمور لا تدار بديكتاتورية داخل المجلس».
وهو ما أكد عليه أورزاغ، مضيفا أن «طغيان الأحداث الجيوسياسية حالياً، مع خلو بعض المقاعد داخل البنك، قد يدفع للإبقاء على السيدة يلين على رأس البنك».
واستبعدت باترسون أن يتم رفع أسعار الفائدة في اجتماع ديسمبر (كانون الأول) المقبل، أو حتى في الأشهر الأولي من 2018، «وذلك نظراً لعدم وضوح الرؤية فيما يخص أضرار الأعاصير في الوقت الحالي، وأيضاً بسبب التغييرات في البنك؛ وهو الأمر الذي تعكسه مستويات أسعار الفائدة في الأسواق حالياً».



«المركزي الأوروبي» يتجه لخفض أسعار الفائدة مجدداً اليوم

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

«المركزي الأوروبي» يتجه لخفض أسعار الفائدة مجدداً اليوم

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

من المؤكد تقريباً أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة مجدداً يوم الخميس، مع الإشارة إلى مزيد من التيسير في عام 2025؛ حيث يقترب التضخم في منطقة اليورو من الهدف المعلن بينما يواجه الاقتصاد تعثراً ملحوظاً.

وكان البنك قد خفض الفائدة في ثلاثة من اجتماعاته الأربعة الأخيرة، لكن النقاش أصبح يدور حول مدى سرعة تطبيق التيسير لدعم اقتصاد يعاني من خطر الركود، ويواجه أيضاً تحديات من عدم الاستقرار السياسي الداخلي واحتمالية نشوب حرب تجارية جديدة مع الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

ومن المتوقع أن يهيمن هذا السؤال على اجتماع الخميس، لكن صقور السياسة النقدية، الذين لا يزالون يشكلون الأغلبية في مجلس الإدارة المكون من 26 عضواً، سيدعمون على الأرجح خفضاً طفيفاً بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل سعر الفائدة القياسي إلى 3 في المائة، حسبما أفاد معظم الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وفي إطار حل وسط مع صناع السياسات الأكثر حمائية، قد يترافق الخفض مع تعديلات على إرشادات البنك المركزي الأوروبي، توضح أنه سيكون هناك المزيد من التيسير بشرط عدم حدوث صدمات جديدة للتضخم، الذي من المتوقع أن يعود إلى هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة في النصف الأول من عام 2025.

وقال بيت هاينز كريستيانسن، الخبير الاقتصادي في بنك «دانسكه»، إن «الموقف التقييدي الحالي، وتدهور توقعات النمو، والتضخم الذي بلغ الهدف، يجب أن تدفع جميعها إلى خفض بمقدار 50 نقطة أساس». لكنه أضاف: «من منظور الاتصال، أعتقد أنه سيكون من الأسهل تقديم خفض بمقدار 25 نقطة أساس مع الاحتفاظ بالخيارات مفتوحة لتقديم خفض أكبر إذا لزم الأمر».

ومن المتوقع أن تظهر التوقعات الجديدة أن التضخم، الذي تجاوز الهدف لمدة ثلاث سنوات، سيعود إلى 2 في المائة في غضون أشهر قليلة، جزئياً بسبب النمو المحدود للاقتصادات في الدول العشرين التي تشترك في اليورو. ومع ذلك، فإن هذه التوقعات محفوفة بالمخاطر؛ حيث يعتقد بعض صناع السياسات أن البنك المركزي الأوروبي قد يواجه خطر الفشل في تحقيق هدفه للتضخم، كما حدث تقريباً طوال عقد من الزمان قبل الوباء، مما يتطلب تحركاً أسرع.

من جهة أخرى، يرى صقور السياسة أن التضخم لا يزال يشكل تهديداً بسبب النمو السريع للأجور وارتفاع تكاليف الخدمات، ما يجعل السياسة التدريجية أكثر مناسبة في الوقت الحالي. كما أن الحمائية الأميركية وعدم الاستقرار السياسي في فرنسا وألمانيا يسهمان في هذا الحذر.

وهناك أيضاً قلق بشأن السياسة الأميركية التي قد ينتهجها الرئيس المنتخب دونالد ترمب؛ حيث يجهل أعضاء مجلس الإدارة كيفية استجابة أوروبا لها أو تأثيراتها الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاضطرابات السياسية في فرنسا والانتخابات المقبلة في ألمانيا تزيد من حالة عدم اليقين، مما قد يتطلب تدخلاً من البنك المركزي الأوروبي.

وفيما يتعلق بالأسواق المالية، فإن الأسواق قد قامت بتسعير كامل لخفض بمقدار 25 نقطة أساس يوم الخميس، مع اقتراب احتمالات اتخاذ خطوة أكبر من الصفر، وهو تغيير كبير عن الأسابيع الماضية عندما كان يُنظر إلى خفض نصف نقطة مئوية بوصفه احتمالاً حقيقياً. ويتوقع المستثمرون خفضاً آخر في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران)، تليها خطوة أخرى على الأقل في النصف الثاني من عام 2025، مما سيرفع سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75 في المائة على الأقل بحلول نهاية العام.

ومن المتوقع أن تكون أي تغييرات مستقبلية في توجيهات البنك المركزي الأوروبي هامشية، مع إمكانية إزالة إشارته إلى الحاجة إلى سياسة «تقييدية» لترويض التضخم، وهو ما يعني ضمناً ضرورة خفض الأسعار إلى مستوى محايد لا يحفز الاقتصاد ولا يبطئه.