أزمة الروهينغا تُغيِّب زعيمة ميانمار عن اجتماعات الأمم المتحدة

روايات مروّعة لأطفال فارين من العنف... وتحذيرات من استغلالهم

طفلة من الروهينغا تحمل شقيقها بعد ساعات على ولادته بينما يحمل رجلان الأم إلى المستشفى بسبب شعورها بالألم بعد الوضع في مخيم ببنغلاديش أمس (ا.ب)
طفلة من الروهينغا تحمل شقيقها بعد ساعات على ولادته بينما يحمل رجلان الأم إلى المستشفى بسبب شعورها بالألم بعد الوضع في مخيم ببنغلاديش أمس (ا.ب)
TT

أزمة الروهينغا تُغيِّب زعيمة ميانمار عن اجتماعات الأمم المتحدة

طفلة من الروهينغا تحمل شقيقها بعد ساعات على ولادته بينما يحمل رجلان الأم إلى المستشفى بسبب شعورها بالألم بعد الوضع في مخيم ببنغلاديش أمس (ا.ب)
طفلة من الروهينغا تحمل شقيقها بعد ساعات على ولادته بينما يحمل رجلان الأم إلى المستشفى بسبب شعورها بالألم بعد الوضع في مخيم ببنغلاديش أمس (ا.ب)

ألغت مستشارة الدولة في ميانمار، أونغ سان سو تشي، أمس، زيارة كانت مرتقبة هذا الأسبوع للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيما تواجه الحائزة على جائرة نوبل للسلام سيلاً من الانتقادات بسبب صمتها حيال العنف الذي دفع أعداداً ضخمة من مسلمي الروهينغا إلى الفرار من ولاية راخين. ودفعت حملة قمع شنها جيش ميانمار منذ 25 أغسطس (آب) الماضي، نحو 379 ألف لاجئ من أقلية الروهينغا المسلمة إلى عبور الحدود نحو بنغلاديش في غضون أقل من 3 أسابيع.
وجاء قرار أونغ سان سو تشي بعدم التوجه إلى نيويورك قبل ساعات من اجتماع مغلق مقرر لمجلس الأمن الدولي لمناقشة أزمة اللاجئين. وقال المتحدث باسم حكومة ميانمار، زاو هتاي، إن «مستشارة الدولة لن تحضر اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة»، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل، لكنه أكد أن نائب الرئيس هنري فان ثيو سيحضر الاجتماعات التي ستستمر على مدى الأسبوع المقبل.
وأسفر العنف عن أزمة إنسانية على جانبي الحدود، وسط تفاقم الضغوط الدولية على سو تشي لإدانة حملة الجيش، التي رأى المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، أنها تحمل جميع صفات عملية «التطهير العرقي». وتعمل بنغلاديش جاهدة لتقديم المساعدات للاجئين المنهكين الجائعين الذين يشكل الأطفال نحو 60 في المائة منهم، في حين نزح نحو 30 ألف بوذي في راخين، إضافة إلى هندوس داخل ميانمار. وتدفق 9 آلاف لاجئ إضافي إلى بنغلاديش، أمس، في وقت عملت فيه السلطات على بناء مخيم جديد لعشرات الآلاف من الواصلين الباحثين عن ملاذ آمن.
ولا تملك سو تشي، أول زعيمة مدنية تحكم ميانمار منذ عقود، أي سلطة على مؤسسة الجيش النافذة التي أدارت بلادها لخمسين عاماً، قبل السماح بانتخابات حرة عام 2015. ولا يجد الروهينغا تعاطفاً معهم في أوساط الأغلبية البوذية في ميانمار، حيث يلقب أفراد الأقلية التي لا تحمل جنسية بـ«البنغاليين»، وهو ما يحمل محلياً معنى المهاجرين غير الشرعيين.
ولكن خارج حدود بلادها، انهارت سمعة سو تشي كمدافعة عن المضطهدين على خلفية أزمة الروهينغا. وتوالت انتقادات المجموعات الحقوقية للناشطة السابقة المدافعة عن الديمقراطية، لفشلها في اتخاذ موقف من حملة الجيش التي تسببت بمقتل المئات.
من جهتهم، أدلى لاجئو الروهينغا بشهادات مروعة عن إطلاق الجنود النار على المدنيين، وجرفهم قرى بأكملها في ولاية راخين الشمالية بمساعدة عصابات بوذية. ونفى الجيش الاتهامات، فيما قللت سو تشي من شأن الادعاءات بحدوث انتهاكات، فألقت باللوم على «جبل ثلج ضخم من المعلومات الخاطئة» تسبب برأيها بتعقيد النزاع.
وتشير آخر إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إلى أن أكثر من 1100 طفل روهينغي فروا من العنف. ويواجه هؤلاء الأطفال القادمون بمفردهم خطر التعرض إلى الاستغلال الجنسي، وتهريب البشر، والصدمات النفسية، بحسب «اليونيسف». وشاهد كثير منهم أفراداً من عائلاتهم يتعرضون لقتل وحشي، خلال مجازر وقعت في قرى بولاية راخين. وتمكن بعضهم من النجاة بأعجوبة من الموت، حيث يعاني بعض الأطفال الواصلين إلى بنغلاديش من إصابات بشظايا ورصاص. ويتوقع أن يرتفع عدد الأطفال الذين عبروا بمفردهم إلى بنغلاديش، أو الذين انفصلوا عن عائلاتهم على الطريق، مع اكتشاف مزيد من الحالات. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن أكثر من نصف 370 ألف مسلم من الروهينغا وصلوا إلى بنغلاديش منذ 25 أغسطس هم من القُصَّر.
وقال عبد العزيز، وهو أحد أطفال الروهينغا الفارين من العنف: «سألتني بعض النساء في المجموعة: أين عائلتك؟، فقلت لهن إني لا أعرف»، وأضاف عبد العزيز، البالغ من العمر 10 سنوات، الذي استخدم اسماً مستعاراً لحماية لهويته: «قالت لي إحدى السيدات: سنهتم بك وكأنك ابننا، تعال معنا، فرافقتهم».
وكشف مسح لعينة من 128 ألفاً من الواصلين الجدد، جرى مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي، في 5 مخيمات مختلفة، أن 60 في المائة من القادمين هم أطفال، بينهم 12 ألفاً لا تتجاوز أعمارهم سنة واحدة. ويشكل ذلك نقطة في البحر بالنسبة لمسؤولي حماية الأطفال الذين يحاولون العثور على قصر غير مرافقين في مخيمات اللاجئين المكتظة، حيث يحبو الأطفال عراة وينام آخرون في الخارج، فيما يلهو رضع وحدهم في مياه قذرة.
وقال خبير الشؤون الإنسانية في منظمة «أنقذوا الأطفال» (سيف ذي تشيلدرن)، جورج غراهام، في بيان: «إنه أمر مثير للقلق بشكل كبير. هؤلاء الأطفال بحاجة إلى دعم إضافي، والمساعدة في لم شملهم مع أفراد عائلاتهم». وقال معَظَّم حسين، من مؤسسة «براك» الخيرية في بنغلاديش، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية جرى في «مساحة مناسبة للأطفال» تديرها مؤسسته بالاشتراك مع اليونيسف في مخيم «كوتوبالونغ» للاجئين إنهم «في البداية، لا يتكلمون ولا يأكلون ولا يلعبون. يجلسون فقط دون حركة ونظراتهم شاردة».
وأقيمت نحو 41 منطقة آمنة من هذا النوع للأطفال، ضمن شبكة مخيمات اللجوء في بنغلاديش. وكل يوم، يتدفق أطفال يحمل بعضهم إخوتهم الأصغر سناً، إلى الأكواخ المتواضعة للقيام بأنشطة، مثل الغناء واللعب بالدمى والمكعبات وحبال القفز. ويعد ذلك متنفساً لإلهائهم عن المأساة في الخارج، حيث تحول الأمطار الموسمية المخيم إلى مستنقع، ويتدافع اللاجئون المرهقون للحصول على نصيبهم من الطعام والمساحة المتناقصين. ولكن وقت اللعب يتيح كذلك للموظفين تسجيل تفاصيل بشأن خلفية الطفل، ومراقبة الواصلين الجدد، والانتباه لأي إشارات بأن الطفل وحده.
وبين هؤلاء الأطفال، محمد رامز (12 عاماً) الذي وجد نفسه بمفرده بعد فراره من القرية، حيث سار خلف مجموعة من الكبار.
ويستذكر رامز (وهو اسم مستعار): «كان هناك الكثير من العنف الدائر، فعبرت النهر مع الآخرين»، ويضيف: «أكلت أوراق الشجر وشربت المياه لأبقى على قيد الحياة».
وقال المتحدث باسم «اليونيسف» في جنيف، كريستوف بوليراك، إن هناك مخاوف من احتمال تعرض القصر للاستغلال، في حال تركوا دون إشراف في المخيمات. وأضاف أن الفتيات على وجه الخصوص عرضة إلى أن يتم جذبهن إلى زواج الأطفال، أو تهريبهن إلى مناطق في مدن كبرى، حيث يجبرن على ممارسة الدعارة، أو يتعرضن للاعتداء. ولكن المرافق المخصصة للأطفال اللاجئين تتحمل فوق طاقتها الاستيعابية.
وخلال يومين فقط، وصل ألفا طفل إلى «منطقة آمنة» واحدة في «كوتوبالونغ»، هي أكبر بقليل من غرفة مدرسية، حيث يوجد بضعة موظفين فقط. وقال بوليراك إنه تم التعرف على 35 قاصراً غير مصحوب خلال هذه المدة، وسط الحاجة إلى مزيد من الموارد للتأكد من عدم وجود آخرين لم يتم العثور عليهم، وقال: «كلما تحركنا بشكل أسرع، ازدادت فرص العثور على عائلتهم»، وأضاف: «الأمر الأهم هو توفير الحماية لهم، كون الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن عائلاتهم هم تحديداً ضعفاء، وفي خطر».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.