رئيس وزراء الجزائر يجمع قادة «الموالاة» للرد على منتقدي بوتفليقة

برنامج الحكومة يعرض على البرلمان الأحد بعد حذف مشروع «فصل المال عن السياسة»

TT

رئيس وزراء الجزائر يجمع قادة «الموالاة» للرد على منتقدي بوتفليقة

اتفقت أربعة أحزاب جزائرية موالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة على عقد لقاءات في الميدان للرد على معارضين، يمارسون ضغطا على المؤسسات في البلاد لإعلان شغور منصب الرئيس، بذريعة أن بوتفليقة لم يعد قادرا على الاستمرار في الحكم بسبب المرض.
وجمع رئيس الوزراء أحمد أويحي مساء أول من أمس، بالعاصمة الجزائرية قادة «جبهة التحرير الوطني» (حزب الأغلبية) و«تجمع أمل الجزائر»، و«الحركة الشعبية الجزائرية»، بهدف بحث أشكال الرد على المعارضة دفاعا عن بوتفليقة، الذي يعاني من تبعات الإصابة بجلطة دماغية، ولكنه يواصل تسيير دفة الحكم، بل إن مقربين منه ينقلون عنه أنه يريد ولاية خامسة بمناسبة الانتخابات المرتقبة في ربيع 2019.
وعقد أويحي، أمين عام حزب التجمع الوطني الديمقراطي، القوة السياسية الثانية في البلاد، هذا اللقاء «من أجل تنسيق المواقف بخصوص برنامج الحكومة تمهيدا لعرضه على البرلمان للتصويت عليه»، الأحد المقبل، بحسب ما تم الإعلان عنه رسميا منذ أيام. غير أن ما جرى تداوله في الاجتماع هو بحث التصدي لهجومات المعارضة ضد الرئيس، خصوصا حزب «طلائع الحريات» بقيادة رئيس الوزراء سابقا علي بن فليس، ورئيس «جيل جديد» سفيان جيلالي، زيادة على وزير التجارة سابقا نور الدين بوكروح، الذي كثف من تصريحاته وكتاباته داعيا الرئيس إلى التنحي، واتهمه بـ«اتخاذ البلاد وشعبها ذريعة لرغبته الجامحة في البقاء بالحكم».
وأصدرت الرئاسة في الأسابيع الأخيرة قرارات غامضة، دلت على تخبط كبير في أعلى هرم النظام، حيث أبعد بوتفليقة رئيس الوزراء عبد المجيد تبون من منصبه في 15 من الشهر الماضي، وذلك بعد أقل من 3 أشهر من تعيينه في المسؤولية، ولم تذكر أي جهة حكومية سبب إقالته، لكن الشائع في الأوساط السياسية والإعلامية أن تبون راح ضحية إجراءات اتخذها ضد رجال أعمال معروفين بولائهم الشديد لبوتفليقة. وتمت هذه الإجراءات تحت عنوان «فصل المال عن السياسة»، وكان الهدف منها تقليص نفوذ بعض رجال الأعمال، وأبرزهم علي حداد رئيس «منتدى رؤساء الشركات».
وتضمن برنامج تبون، الذي زكاه البرلمان في يونيو (حزيران) الماضي، مشروعا سماه «فصل المال عن السياسة»، وصرح للصحافة بأن الرئيس هو من أمره بتنفيذ هذا المشروع، ولذلك تلقى الجزائريون بدهشة كبيرة خبر إقالته، فيما شككت أحزاب في كون الرئيس هو من أبعد تبون، كما جرى حديث عن «انتقال مصدر القرار السياسي من الحكومة إلى رجال أعمال متنفذين».
وحذف أويحي من برنامج حكومته المقطع المتعلق بـ«فصل المال عن السياسة»، ويرتقب أن يواجه بسبب ذلك هجوما حادا من طرف المعارضة الممثلة في البرلمان، رغم قلة عدد نوابها. ومعروف عن أويحي، الذي سبق أن قاد الحكومة أربع مرات في الماضي، صلابته في الدفاع عن رموز النظام مدنيين وعسكريين، ويشاع بأنه أبرز المرشحين للرئاسة إذا عزف بوتفليقة عن «الخامسة».
وأول التحديات التي تنتظر أويحي بعد محطة عرض البرنامج الحكومي على غرفتي البرلمان، هي الانتخابات البلدية والولائية المنتظرة في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لأنه مطالب بأن يبقي 481 مجلسا بلديا و48 مجلسا ولائيا، تحت سيطرة «جبهة التحرير» و«التجمع الوطني»، وألا تحصل المعارضة على الأغلبية.
ومنذ أن اكتسحت «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، البلديات والولايات في استحقاق عام 1990، لم يفز أي حزب معارض آخر بالأغلبية في المجالس المحلية.
وبخصوص الانتخابات المقبلة، ذكر بن فليس في مؤتمر صحافي أمس، أنها «لا تشكل إطلاقا أي حل للأزمة، ولا يمكن أن تكون مرحلة من مراحل الخروج منها. ومن الوهم التصديق والاقتناع بأن الشفافية الانتخابية ستسود في هذه المحطة، لأن هذه الانتخابات كسابقاتها، ستكون ملطخة بالتزوير الشائن».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.